يتميز فصل صيف البحرين والخليج العربي بارتفاع درجة حرارة الجو وزيادة نسبة الرطوبة... والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما المشكلات الصحية المرتبطة بارتفاع درجة حرارة الصيف... وما سبل الوقاية منها؟
قبل التطرق الى موضوع المشكلات الصحية لابد من توضيح بعض الأمور الخاصة بدرجة الحرارة وأشعة الشمس. فالجسم السليم يحتفظ بدرجة حرارة ثابتة تتراوح بين (36,0 و37,2) مهما اختلفت درجة حرارة الجو المحيطة بالانسان... فسواء كان الانسان في القطب الشمالي أو عند خط الاستواء فدرجة حرارة جسمه الداخلية ثابتة، ومن أجل أن يحافظ الانسان على حرارته الطبيعية لابد أن تكون هناك موازنة بين ما يفقده الجسم من طاقة وحرارة وما يكتسبه، ويتحكم في هذه العملية مركز ضبط درجة حرارة الجسم في المخ.
يفقد الجسم من حرارته عن طريق عدة عوامل مثل: التوصيل وذلك عند ملامسة جسم أو سطح أقل منه في درجة الحرارة أو تبخر العرق من سطح الجسم.
ويحدد الجسم كمية درجة الحرارة التي يفقدها ليحافظ على درجة حراره ثابتة بالتحكم في كمية الدم الذي يمر في الأوعية الدموية تحت سطح الجلد، كما يحتفظ الجسم بحرارته بواسطة طبقة الدهن الموجودة تحت الجلد كطبقة عازلة للحرارة.
أما بالنسبة الى أشعة الشمس في الصباح الباكر فهي تفيد الجسم في تكوين فيتامين (د) كما انها تقضي على الجراثيم الضارة والموجودة على سطح الجلد، ولكن الافراط في التعرض لأشعة الشمس هو الذي يتسبب في المشكلات الصحية نتيجة للأشعة فوق البنفسجية. ويذكر أن هذه الاشعة فوق البنفسجية ترتد عن سطح الأرض أو سطح الماء... فكونك في بركة سباحة مثلا لن تحميك من أضرارها اذا كانت البركة غير مغطاة وخصوصا في الأوقات بين العاشرة صباحا والثانية ظهرا.
الأمراض المنقولة
عن طريق الطعام والشراب
توجد الكائنات الدقيقة في كل مكان من حولنا في الهواء والتربة والطعام والماء والحيوانات والحشرات وجلودنا وملابسنا بل حتى داخلنا، وهناك عدة أنواع من هذه الكائنات بمقدورها أن تلوث الطعام والشراب مثل السالمونيلا وبكتيريا القولون وبكتيريا المكورات العنقودية وبكتيريا التيفوئيد والأميبا الدوسنتارية والباسلية وفيروسات الاسهال وفيروس التهاب الكبد نوع (أ) وتؤدي هذه الكائنات الى الكثير من الامراض المعدية كالتسممات الغذائية والحميات المعوية كالتهاب الكبد (أ) والتيفوئيد. وكما يحتاج الطفل لنموه الى عدد من العوامل كالطعام والماء والهواء والدفء، يحتاج الكائن الدقيق الى هذه العوامل نفسها مع مراعاة فرق المدة اللازمة للنمو. فالميكروب يحتاج الى مدة زمنية قصيرة فقط لينمو ويتكاثر مقارنة بالطفل الذي يحتاج الى سنوات طويلة لنموه وتكاثره.
- طرق العدوى:
تنتقل جميع هذه الميكروبات عن طريق تناول طعام أو شراب ملوث بأحدها نتيجة عدم الالتزام ببديهات النظافة والسلامة عند اعداد الطعام أو تخزينه أو تناوله.
- فترة حضانة المرض:
تختلف فترة حضانة المرض وهي الفترة الممتدة منذ دخول الميكروب الى ظهور الأعراض باختلاف الميكروب المسبب إذ تتراوح بين ساعات قليلة - كما تحدث في حالات الاصابة بسموم البكتيريا أو السالمونيلا - وأيام وأسابيع عند الاصابة بالتهاب الكبد نوع (أ) أو التيفوئيد.
- الأعراض:
تتراوح الأعراض بين الاسهال البسيط والقيء والاسهال المصاحب بالدم والمخاط وارتفاع درجة الحرارة والتوعك العام وفقد الشهية وذلك بحسب نوع المرض.
- العلاج المنزلي:
معظم أنواع الاسهال تنتهي تلقائيا خلال بضعة أيام. ومن المهم منع حدوث الجفاف ولذلك عليك الاكثار من شرب السوائل كالماء النظيف والشاي الخفيف والشوربة وذلك بمجرد اصابتك بالاسهال. أما إذا استمر الاسهال معك أكثر من يوم فابدأ بشرب محلول الجفاف - الذي يمكن تحضيره بإضافة كيس الملح الخاص بمحلول الجفاف الى لتر من الماء النظيف مع ملاحظة أن فترة صلاحيته 24 ساعة فقط من تحضيره - والاستمرار في أكلك الطبيعي. وبإمكانك اعطاء الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 2 و10 سنوات نصف كوب الى كوب بعد كل مرة يتبرزون فيها. أما الاطفال الأكبر سنا والبالغون فبإمكانهم شرب كميات من محلول الجفاف غير محددة. ولابد من استشارة الطبيب عند الحالات الآتية.
- استمرار الاسهال أكثر من ثلاثة أيام.
- زيادة عدد مرات التبرز في اليوم.
- خروج دم في البراز.
- حدوث قيء.
- حدوث ارتفاع في درجة الحرارة.
- قبل استخدام أدوية مضادة للاسهال أو المضادات الحيوية.
- العلاج الطبي:
يختلف العلاج بحسب نوع الميكروب فمنه ما يعالج بالمضادات الحيوية أو مضادات الطفيليات بالاضافة الى تعويض الجسم بالسوائل إما عن طريق الفم أو الوريد بحسب حالة المريض ومستوى الأملاح في دمه.
الوقاية:
النظافة:
لعل ابسط القواعد البديهية في النظافة التي يجب المحافظة عليها هي نظافة اليدين ونظافة الأواني ونظافة المطبخ ونظافة الطعام.
- نظافة الأيدي:
- غسل الأيدي بالماء والصابون دائما بعد استخدام المرحاض.
- غسل الأيدي بالماء والصابون دائما بعد ملامسة اللحوم النيئة أو الدجاج أو الأسماك.
- غسل اليدين بالماء والصابون دائما قبل اعداد الطعام أو تناوله وإذا توقف الشخص عن اعداد الطعام لأي أمر كان كفتح الباب أو الرد على الهاتف أو رعاية طفل أو غير ذلك، فعليه أن يغسل يديه مرة أخرى قبل مواصلة اعداد وطهي الطعام.
- نظافة الأواني:
- غسل الأواني جميعها بعد استعمالها مباشرة وتخزينها في أماكن نظيفة.
- التأكد من نظافة الأواني قبل استعمالها.
نظافة المطبخ:
- تنظيف الأسطح بشكل دوري.
- عدم ترك القمامة مكشوفة.
نظافة الطعام:
- غسل جميع الفواكه والخضراوات قبل تناولها.
- غسل الخضراوات جيدا قبل طبخها.
- عدم ترك الطعام مكشوفا.
الطهي السليم:
- يجب طبخ الطعام جيدا بتعريضه الى درجة حرارة مرتفعة بوجه السرعة.
- يجب أكل الطعام بعد طبخه مباشرة وهو حار.
- يجب تبريد الطعام على وجه السرعة إذا ما كان يؤكل باردا أو اذا اريد تناوله فيما بعد ومن ثم يتم تسخينه قبل أكله.
- يجل عدم ملامسة اللحوم النيئة للطعام الجاهز للأكل، أو عدم استخدام سكينة واحدة لقطع الاثنين من دون غسلها جيدا بعد استعمال اللحوم النيئة.
تخزين الأغذية:
- يجب تخزين الاغذية في الثلاجة لأن تركها لفترات طويلة في درجة حرارة الغرفة وإن كانت مكيفة يؤدي الى التكاثر المطرد للميكروبات والكائنات الدقيقة التي قد تكون موجودة ولكن بنسب ضئيلة غير ضارة بالطعام وبالتالي يؤدي هذا الأمر الى حدوث التسممات الغذائية.
- لابد من حفظ الطعام الزائد عن الحاجة مادام لم يُلمس باليد في الثلاجة وبسرعة وإعادة تسخينه قبل أكله.
نصائح عامة:
- تجنب شرب الحليب غير المبستر.
- تجنب الثلج إذا كنت غير متأكد من نظافة الماء الذي صنع منه.
- عند الشك في سلامة الماء اغله أولا ثم برده للشرب.
- تجنب تناول طعام تغير لونه أو رائحته.
- تأكد من صلاحية إنتاج الاطعمة قبل تناولها.
- عدم استخدام الادوات الشخصية للمريض.
- لا تنسَ أن تذكر اسم الله وتدعو بدعاء الطعام تيمنا بسنة الرسول (ص) وليبارك الله لك ويحفظك من كل شر.
الأضرار الناتجة عن أشعة الشمس
لأشعة الشمس اضرار قريبة المدى واضرار بعيدة المدى. وتشمل الاضرار القريبة المدى: حروق الشمس - التقلصات العضلية - اغماءة الحر - تورم الحر - الانهاك الحراري - ضربات الشمس. بينما تشمل الاضرار البعيدة المدى سرطان الجلد.
- حروق الشمس
نتيجة التعرض لأشعة الشمس قد تحدث حروق في الجلد وخصوصا للاشخاص اصحاب البشرة البيضاء. وفي معظم الاحيان تكون حروقا من الدرجة الأولى وهي عبارة عن احمرار في الجلد فقط أو حروق الدرجة الثانية وهي تتميز بالاضافة الى الاحمرار بتكون الفقاعات. وعلاج هذه الحروق بالكمادات الباردة وعدم محاولة فتح الفقاعات حتى لا تلتهب وتتم الوقاية منها باستخدام الكريمات الواقية من أشعة الشمس.
- التقلصات الحرارية:
وهي عبارة عن تقلصات وتشنجات في عضلات الجسم وتحدث بعد 6 الى 12 ساعة من التعرض لأشعة الشمس وتحدث نتيجة الاختلال في مستوى الصوديوم والبوتاسيوم في الدم. وعلاجها بتعويض الجسم بالماء والاملاح والوقاية منها بعدم بذل مجهود عضلي عندما تكون اشعة الشمس عمودية وشرب الماء بكثرة.
- اغماءة الحر:
تحدث للاشخاص السليمين الذين يتطلب عملهم الوقوف من دون حركة تحت اشعة الشمس لأوقات طويلة ما يؤدي الى تركيز الدم في الاطراف السفلية نتيجة الوقوف وهذا بدوره يؤدي الى قلة كمية الدم المتجهة الى المخ فينتج عن ذلك حدوث الاغماءة ويعالج المصاب بنقله الى مكان بارد وجعله في موضع مستلق واعطائه السوائل اذا كان يستطيع البلع، ومن ثم نقله الى المركز الصحي أو المستشفى لتقييم حالته.
- تورم الحر:
قد يحدث لبعض الأفراد أن يصاب بانتفاح وتورم في القدمين ومفصل القدم نتيجة انقباض الأوعية الدموية في الجلد والعضلات وتجمع الماء والأملاح تحت الجلد نتيجة فرز هرمون الدوكترون الذي يفرزه الجسم كوسيلة دفاعية ويكون علاج الحالة برفع القدمين والراحة في مكان بارد.
5- الانهاك الحراري:
يبدأ الجسم بالتأقلم عند التعرض للحرارة من أجل المحافظة على درجة حرارة الجسم فيزيد من افراز العرق الذي عندما يبدأ بالتبخر يساعد في تبريد الجسم ويقوم بتخزين الصوديوم لمنع فقد الأملاح والتوسع في الأوعية الدموية من أجل تبريد الجلد، إلا أنه إذا كانت درجة الحرارة مرتفعة بالاضافة الى ارتفاع نسبة الرطوبة وقلة سرعة الرياح فإن هذه الأمور تؤدي الى عدم تبخر العرق وبالتالي إذا لم تعوض جسمك بالماء والأملاح وواصلت في مجهودك العضلي تحت هذه الظروف فقد تصاب بالإنهاك الحراري الذي هو عبارة عن حالة طبيعة تستدعي العلاج الفوري وإلا تطورت المسألة الى أكثر خطورة وتحولت الى ضربة الشمس التي قد تؤدي الى الموت.
أعراض الإنهاك الحراري:
ضعف عام واعياء - غثيان - دوار في الرأس - تقلصات عضلية - ارتفاع في درجة الحرارة - زيادة في نبضات القلب - هبوط في مستوى ضغط الدم.
إذا لم يسعف المصاب بالسوائل ونقله الى مكا
العدد 320 - الثلثاء 22 يوليو 2003م الموافق 23 جمادى الأولى 1424هـ