لمسافة 55 كيلومترا غرب العاصمة الأردنية «عمّان»، وفي طريق اعتدنا انحداراته منذ سنوات، توجهنا إلى البحر الميت في رحلة كنا نسعى من خلالها إلى معرفة ما حدث من تغيير عبر السنوات الماضية، وما إن وصلنا إلى مشارفه نزولا حتى اضطررنا إلى فتح أفواهنا لتجنب الضغط الشديد على الأذن بفعل الانخفاض، وكأننا نؤدي تحية لهذا البحر العتيد ولقدسية مكانته التي خلقت مناخا خصبا لنسج الكثير من القصص عن هذه البقعة. لكن الملفت إلى الانتباه، وما اختلف عن الصورة التي علقت بأذهاننا طيلة الأعوام الماضية، أن الكثير من الجوانب المحيطة بالبحر فقدت الكثير من مياهها وباتت المياه محصورة بشكل كبير، وتكشفت صخور غريبة تعزو غرابتها للأرضية المالحة لهذا البحر. هذه الصخور وبغرابتها بدت وكأنها تستصرخ زائريها ألا تتعرى أكثر من مياهها بفعل اليد البشرية التي قدمت إلى المنطقة وعبثت بتاريخها.
تابعنا سيرنا نحو المرافق السياحية التي أنشئت بالسنوات الاخيره لتنشيط الجانب السياحي في المنطقة والاستفادة أكثر من ثرواتها البيئيه.
اشتملت هذه المرافق على المسابح والملاعب التي انشئت على الطراز الحديث لاستقطاب الزوار من كل مكان في العالم الى جانب المراكز العلاجيه التي تعتمد على الاستفاده من البيئة المحيطة لعلاج الامراض.
هذه المظاهر الحديثة التي أحاطت بالبحر الميت لم تثنِ خواطرنا عن الذهاب بعيدا نحو ما سيحدث للبحر الميت مستقبلا، وهل سيموت هذه المرة فعلا لا بالاسم؟ استوقفنا خواطرنا وعدنا إلى الطريق نفسه صعودا بعدما قضينا بضع ساعات على ضفافه، جعلتنا نودعه ونحن نتمنى أن تكتب الحياة له، وان يبقى غنيّا بموته كما عرفه كل قاصديه من الأنبياء والقوافل والتجار.
في اخفض بقعة من بقاع الأرض، وجد البحر الميت ليكون شاهدا حيّا على العالم القديم، مستمدّا مكانته من قدسية مياه نهر الأردن التي عرفت طريقها نحوه وباتت توهبه الحياة بكرم أزلي لولا تدخل اليد البشرية.
عند هذا الانخفاض، الذي يصل الى 400 متر تحت سطح البحر، امتزجت المياه بالعلوم والتفسيرات المرتبطة بالديانات السماوية مجتمعة لتصنع حكاية البحر الميت، إذ يرى الجيولوجيون أن تشكل البحر الميت يعود إلى ملايين السنين بفعل زلزلة حدثت في الأرض فأحدثت صدعا عظيما أطلق عليه «الحفرة الانهدامية» التي تحتضن، في أعمق نقطة فيها، البحر الميت وتمتد من شرق افريقيا مرورا بالبحر الأحمر ووصولا إلى أرمينيا، في حين نجد التفسير الديني الذي يعلل وجوده بـ «قصة سدوم وعمورة» او قوم لوط الذين لحق بهم الخسف نتيجة ما ارتكبوه من معاصٍ وفواحش ألحقت بهم غضبا كبيرا.
اختلفت الآراء بشأن سبب تسمية البحر الميت بهذا الاسم، فهناك من يعلل هذه التسمية بانعدام أمواجه، فعلى رغم أنها تتلاطم أحيانا لكنها تبقى محافظة على هدوئها طيلة أيام السنة. أما الرأي الآخر فيرجح كثافة الأملاح في مياهه سببا لهذه التسمية، إذ إن مياهه يستحيل معها الحياة لأي كائن حي باستثناء بعض أنواع الميكروبات والبكتيريا التي اثبت علميا قدرتها على تحمل ملوحته الكبيرة، إذ تصل ملوحة البحر الميت إلى عشرة أضعاف ملوحة المحيطات، ما أوجد له مكانة صناعية وصحية جعلت منه إرثا عالميّا يحمل أهمية تتجاوز مسئولية الدول المتشاطئة عليه. ففي الوقت الذي يصل فيه تركيز الأملاح في البحار إلى 3 في المئة، يصل في البحر الميت إلى 32 في المئة، إذ يوجد فيه أكثر من 35000 نوع مختلف من المعادن يتصدرها الماغنسيوم، والصوديوم، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والسيلينيوم، والكلورايد، والكبريت، والبروميد، والمنغنيز.
ولأملاح البحر الميت تأثيرات علاجية وتجميلية كثيرة عرفت أهميتها في العهود الغابرة، إذ كان مقصدا للأباطرة في عهد الرومان بغية العلاج بمائه الذي منح الشفاء لقاصديه. وحديثا اصبح البحر الميت مركزا علاجيّا مهما يأتيه السياح من مختلف أنحاء العالم للاستشفاء، فالعلماء والخبراء يقولون إن ماء وهواء وشمس البحر الميت، العلاج الحقيقي والطبيعي للأمراض الجلدية، إذ تحمل خواص لا تتوافر في الكون إلا في أرض البحر الميت، فانخفاض مستوى سطحه عن سطح البحر يوفر أعلى نسبة من الأوكسجين، ومع الحرارة المرتفعة يزيد التبخر فيبقى الجو مشبعا بأملاح الماغنسيوم والبروميد والكالسيوم وغيرها من العناصر؛ مما يساعد في علاج الأمراض الجلدية والأوردة الدموية وغيرها من الأمراض مثل الصدفية. كما أن نسبة الرطوبة منخفضة إذ لا تتجاوز 5 في المئة وهي من الميزات التي تساعد في العلاج.
تمت الاستفادة من أملاح البحر الميت المختلفة في مستحضرات التجميل، إذ أنشئت عشرات المصانع على الجانبين الأردني والإسرائيلي لعملية استخراج هذه الأملاح وتصديرها، إضافة إلى الاستفادة من بعض النباتات النادرة التي توجد في منطقة البحر الميت والتي تم استخدامها هي الأخرى في الغرض نفسه، حتى وصل ما ينتجه البحر الميت إلى 10 في المئة من الإنتاج الدولي لمواد التجميل، وقدرت عائدات البحر الميت بما يزيد على 4,7 ملايين دولار سنويّا؛ إذ إن 92 في المئة من جميع منتجات البحر الميت يجري تصديرها إلى خارج الأردن و«إسرائيل».
في الماضي كانت كمية المياه التي تصل إليه بمعدل 1300 مليار متر مكعب سنويّا، أهمها مياه نهر الأردن بوصفه مصدرا رئيسيّا لتغذية البحر الميت، إلى جانب مياه الأودية في الأردن والضفة الغربية ومياه نهر اليرموك والمياه الجوفية التي كانت تصب فيه، إذ تساعده على البقاء حيّا بعد كميات المياه التي يفقدها سنويّا وبنسبة عالية نتيجة لعملية التبخر التي تصل إلى ما بين 1300 و1600 ملليمتر، هذا التزايد في كمية التبخر ناتج عن الازدياد في نسبة الملوحة وارتفاع درجة الحرارة هناك.
السطو الإسرائيلي
في العقد السابع من القرن الماضي، وصل تناقص البحر الميت إلى 80 سم سنويّا، ليسجل انخفاضا بلغ 10 امتار عن مستواه الطبيعي، ويعزو السبب في ذلك إلى تقلص كمية المياه الواردة إلى البحر الميت من نهر الأردن بعدما قامت «إسرائيل» في العام 1964 بالبدء بتحويل روافده الآتية من نهر الأردن ليصل معدل المياه التي تصله من النهر الى 125 مليون متر مكعب، بحسب ما سجل في العام 1985، بعدما كانت تبلغ في الماضي ما يصل إلى 972 مليون متر مكعب.
وخلال الثلاثين عاما الماضية قامت «إسرائيل» بتجفيف منابع الأودية والأنهار التي كانت تغذي البحر الميت من الجوانب المحيطة به، واستأنفت مشروعاتها، إذ أقامت ما يزيد على 18 مشروعا لتحويل مياه نهر الأردن، المغذي الأساسي والرئيسي للبحر الميت، الى جانب تحويل الأودية الجارية التي تتجمع فيها مياه الأمطار وتجري باتجاه البحر الميت إلى المناطق المحتلة، وخصوصا المستوطنات اليهودية التي أقيمت لتغطية الاحتياج السكاني أمام الهجرة اليهودية إلى المنطقة. ووصلت نسبة المياه المحجوزة والمحولة عن البحر الميت إلى حوالي 90 في المئة من مصادره، كما قامت «إسرائيل» بحفر ما يزيد على 100 بئر غائر لسحب المياه الجوفية من المناطق القريبة من نهر الأردن، والتي كانت بدورها أيضا تغذي البحر الميت بالمياه.
أما بالنسبة إلى الأردن فقد لعبت أيضا دورا - وإن لم يكن بالخطورة نفسها - في تقليص مياه البحر الميت، إذ قامت بتحويل عدد من المنابع، التي تزود البحر بالمياه، إلى مناطق الأردن المختلقة لحل مشكلة المياه التي تعاني منها الأردن بشكل جدي بسبب الجفاف. بالإضافة إلى المصانع والمراكز التي أقيمت بغية استخراج الأملاح وخصوصا البروميد الذي يؤدي - بحسب رأي الخبراء - إلى زيادة مستوى التبخر، ما يؤثر على طبقة الأوزون، إذ قدم بعض العلماء الألمان تقريرا تضمن تأثر طبقة الأوزون في منطقة البحر الميت نتيجة إقامة المصانع المنتجة للمواد المعدنية وخصوصا عنصر ميثيل البروميد الذي يساعد على اتساع ثقب الأوزون.
كان من الطبيعي ألا تستثنى المساحة من التأثر بتناقص كميات المياه، فقد أصبحت مساحة سطح البحيرة 630 كيلومترا مربعا بعدما كانت في الماضي تصل الى 950 كيلومترا مربعا، ما يعني وجود نقص في المساحة يصل إلى 30 في المئة.
إن نسبة تقلص مياه البحر الميت، التي تصل إلى مليار متر مكعب إلى جانب النقص في المساحة، جعلت منطقة البحر الميت تواجه كارثة بيئية حقيقية، فاستمرار هذا الوضع يعني انه لم يتبقَ سوى خمسين عاما ليلفظ البحر الميت أنفاسه الأخيرة ويصبح بالتالي مستنقعا من الأملاح والأراضي الميتة التي لا تصلح لقيام أية حياة عليها.
من المنقذ؟
إن التفكير في إنقاذ البحر الميت أعادنا الى عام من الآن، عندما استغلت الحكومة الأردنية «مؤتمر الأرض» الذي عقد في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي في مدينة «جوهانسبرغ» وقدمت مقترحا يقضي بربط مياه البحر الأحمر في خليج العقبة «جنوب الأردن» بمياه البحر الميت، لتعويضه عن كميات المياه المفقودة بفعل التبخر والعامل البشري الذي تم ذكره من خلال قناة عرفت باسم «مشروع البحرين»، وكذلك استغلال قوة الانحدار في المياه لانتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه. لكن الأردن اضطر آنذاك إلى تأجيل تقديم المشروع الذي لم يرق إلى بعض الأطراف التي اعتبرته بدورها «مشروعا إسرائيليّا»، ففي الوقت الذي كانت تعقد فيه جلسة خلال المؤتمر لتدارس حال البحر الميت المهدد بالموت الحتمي، كانت الدبابات الإسرائيلية منهمكة بقصف بعض المدن الفلسطينية.
لكن الأردن بقي مدافعا عن مقترحاته لإنقاذ البحر الميت، فالمشروع الإسرائيلي الذي قُدم في الماضي يختلف تماما عما تطلعت إليه الأردن. إذ كانت «إسرائيل» تنوي القيام بمشروع يقوم على جلب مياه من البحر الأبيض المتوسط مرورا بمنطقة «عسقلان» إلى جانب منطقة «ديمونة» لاستغلالها في أغراض التبريد في مفاعلها النووي ومن ثم ضخها في البحر الميت للاستفادة منها في جوانب اقتصادية، وعلى رأسها توليد الكهرباء وتحلية المياه، من دون التطلع إلى خدمة الوضع البيئي المرتبط بالبحر الميت، ومع هذا فقد تداركت «إسرائيل» الكلف الباهظة لهذا المشروع بالنسبة إليها وتطلعت نحو زيادة محطات توليد الكهرباء المقامة على البحر المتوسط وبدأت فعليّا بإنشاء ست محطات توليد كهرباء وتحلية مياه ليتم الاستفادة منها في الدولة العبرية على المدى البعيد بالإضافة إلى إمكان بيع هذه المياه إلى جيرانها سواء الأردن أو السلطة الفلسطينية.
أمين عام سلطة مياه وادي الأردن، ظافر العالم، تحدث إلى «الوسط» عن المشروع الذي قدمته الأردن في مؤتمر «الأرض» والذي أطلق الأردن عليه اسم «إنقاذ البحر الميت» فقال:
«إن تسمية المشروع بقناة البحرين تسمية خاطئة، إذ يعتقد الكثيرون بأن المشروع سيكون مشابها لمشروع قناة السويس، فلا الظروف الاقتصادية او العلمية تسمح بإقامة ما شابه ذلك، والمشروع الأردني عبارة عن نقل مياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت مع مراعاة الفوارق في الخواص المائية بين البحرين».
ويضيف: «مشروع إنقاذ البحر الميت يقوم على مرحلتين: الأولى، إقامة خط ناقل للمياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، إذ يتم الاتجاه لمسافة 12 كيلومترا بعيدا عن مدينتي العقبة الأردنية وايلات الإسرائيلية في صحراء وادي عربة لتجنيب المنطقة أي اتلافات نظرا إلى أهمية هذه المنطقة من الناحية التاريخية والسياحية بالنسبة إلى الأردن وأيضا للاستفادة من الشواطئ الناتجة بفعل إنشاء القناة في إقامة مشروعات مختلفة تصب في مجال تنشيط السياحة في الأردن.
ويضيف: «سيتم استغلال العامين الأولين في إجراء دراسات وتصاميم تقنية لوضع الشكل النهائي لكيفية التنفيذ، وأيضا وضع الدراسات المالية التي سيحتاج إليها المشروع في مرحلتيه. وتشتمل المرحلة الأولى، التي ستستغرق 3 سنوات من التنفيذ، على تركيب مضخات تعمل على ضخ المياه من منسوب مستقر يبلغ صفر إلى 126 مترا، وبعد ذلك يتم وضع أنابيب لمسافة 180 كيلومترا على امتداد المسافة بين البحرين، وينتهي هذا الخط قبالة الساحل الغربي للبحر الميت. ومن ثم تتم إسالة المياه إلى البحر الميت من ارتفاع 100 متر فوق سطحه إلى منسوب 400 متر تحت سطح البحر، وسيؤدي هذا الانحدار إلى توليد طاقة كبيرة سيتم استغلالها في المرحلة الثانية من المشروع، وهي تحلية المياه في الأردن من خلال مضخات بطاقة تصل إلى 850 مليون متر مكعب، لتكون مياها صالحة للشرب. وهذا الرقم سيوزع، إذ ستحصل الأردن على 570 مليون متر مكعب، أما فلسطين و«إسرائيل» فستحصلان على ما يقارب 280 مليون متر مكعب سنويّا، باعتبار أن الأردن أكثر معاناة من جيرانها فيما يتعلق بالمياه، بعد ذلك يتم تحويل المياه إلى أنابيب شفط بمعدل 160 مترا مكعبا في الثانية بمنسوب يبلغ 107 أمتار.
وبذلك يصبح معدل المياه التي يتم نقلها من البحر الأحمر إلى البحر الميت 1,9 بليون متر مكعب، وهذا المعدل يفوق المعدل الطبيعي الذي كان يحصل عليه البحر الميت بصورة طبيعية من خلال مصادره سابقا، وذلك لتعويض نسبة المياه التي يفقدها البحر بفعل التبخر، وأيضا تعويض البحر الميت عن نسبة المياه الذي فقدها والتي وصلت إلى 24 مترا خلال السنوات الماضية.
السيادة على المشروع
وفي سؤال عما إذا كانت السيادة على هذا المشروع ستكون للأردن فعلا أم أن «إسرائيل» ستحاول الحصول على كميات أكبر من خلاله؟ قال العالم: «سيكون المشروع في الأراضي الأردنية، وكذلك محطات تحلية المياه، ولا يمكن لأي طرف أن يحصل على أكثر من حصته، لأن المشروع سيتم تمويله من قبل دول مانحة بالاتفاق مع البنك الدولي، أما إدارته فستوكل إلى شركات عالمية تحتسب كلفة التحلية والنقل على الحكومة الأردنية لسنوات قد تصل إلى عشرين عاما او أكثر بحسب الاتفاق، وبعد ذلك تصبح المحطة ملكا للحكومة الأردنية.
إن تقلص المياه في البحر الميت بدا بشكل واضح في السنوات الخمس الماضية على رغم أن عملية تحويل روافده، سواء من نهر الأردن او المياه الجوفية في الأودية المحيطة به، تعود إلى الستينات من القرن الماضي، عندما بدأت بها «إسرائيل» من دون الاهتمام بما قد يحدث مستقبلا للبحر الميت.
عن التأثير الذي بدا واضحا خلال السنوات الأخيرة يقول العالم: «قبل فترة الستينات لم تكن هناك مشكلة، وحتى في فترة السبعينات لم تبدو بهذا الحجم، لكن نتيجة ازدياد الكثافة السكانية والزيادة في كميات المياه المسحوبة من السدود المقامة على مصادر البحر الميت، بدأت المشكلة البيئية تتضح بشكل كبير، فمثلا في الجانب الأردني هناك الآن 8 سدود في وادي الأردن إلى جانب 3 سدود في منطقة (الموجب) ونعتزم إنشاء سد جديد على (نهر اليرموك) تحت اسم (سد الوحدة) بمعدل 120 مليون متر مكعب سيمكننا من استغلال الماء بمعدل 250 مليون متر مكعب، هذا الاستغلال من الجانب الأردني تبعا للنشاط السكاني في الأردن يقابله استغلال للمياه من الجانب الإسرائيلي أيضا».
لكن هل الاستغلال الأردني لمصادر البحر الميت من المياه يصل الى ما استغلته «إسرائيل» طيلة الأعوام الماضية؟
يبدو العالم أكثر دبلوماسية في إجابته عن حجم الاستغلال لكن حتما الدراسات التي أقيمت وبشكل دولي تلقي بمسئولية ما حدث على «إسرائيل» بالدرجة الأولى.
يقول العالم: قبل قيام «إسرائيل» في العام 1948، كانت هناك مصانع لاستخراج الأملاح على البحر الميت ملكا لفلسطين آنذاك، ولكنها لم تكن ذات تأثير كبير على مياه البحر الميت، بالتأكيد ان تحويل روافد نهر الأردن واستغلال الينابيع العذبة لتغذية المستوطنات أحدث ضررا كبيرا، نحن في الأردن لا نستثني دورنا في المشكلة وإن لم يكن بالحجم نفسه لكننا شركاء.
فوائد المشروع
يقول العالم: «يمكن الاستفادة من هذا المشروع في الكثير من الجوانب، إلى جانب حل مشكلة شح المياه التي تعاني منها الأردن بشكل مستمر، فهناك منطقة وادي عربة في الجنوب ذات الطابع الصحراوي التي تفتقر إلى مصادر المياه، إذ هناك إمكان إقامة بحيرات اصطناعية ستخدم الجانب السياحي من خلال إنشاء الفنادق في هذه المنطقة التي تشهد إقبالا سياحيّا كبيرا من مختلف أنحاء العالم، أيضا قامت شركة أميركية بإجراء دراسة عن إقامة بحيرة اصطناعية لتربية بعض الأنواع من الأحياء البحرية ليتم تصديرها إلى الخارج وبالتالي تستفيد الأردن من هذه العوائد».
وعن الكلف والتمويل لهذا المشروع يقول العالم: «تم الاتفاق على هذا المقترح بين الأطراف المتشاطئة (الأردن، «إسرائيل،» فلسطين) وقمنا بتقديم الدراسات اللازمة إلى البنك الدولي الذي بدوره سيقوم بالدعوة إلى مؤتمر تمويل كلفة هذا المشروع التي تصل إلى ما بين 800 و1 بليون دولار أميركي».
في النهاية يبقى للتحمس الأردني للمشروع ما يبرره، وإن كان هذا المشروع قادرا على إثارة مخاوف كثيرة، لعل أهمها أن يتحول مشروع الإنقاذ إلى مشروع قتل بفعل اختلاف الطبيعة الكيماوية بين مياه البحر الميت ومياه البحر الأحمر، وبالتالي تُقتل أملاحه الحية لتخدم البشرية في جوانب أخرى