يجيء مثول طوني بلير امام فريق التحيق بزعامة اللورد هاتن في قضية كيلي اليوم الخميس باعتباره الحادثة الأكثر أهمية خلال الأسبوع الذي شهد سلسلة من جلسات الاستماع. وقد حث مدير الاعلام في مكتب رئيس الوزراء البريطاني، أليستير كامبل، بلير بان يكون حاسما في التعامل مع الانتقادات بشأن العراق، وذلك وفقا للوثائق المنشورة الليلة الفائتة بواسطة فريق التحقيق. ونصح المستشار، بلير بالكيفية التي يجب ان يتعامل بها امام التحقيق والا يكون في موضع المتهم ولا يقر بفشل بريطانيا والولايات المتحدة في العثور على أسلحة الدمار الشامل.
ومن المرجح ان يكون رئيس الوزراء مقتضبا في افادته وهو معروف بخبرته خلال ست سنوات من المثول امام مجلس العموم، إذ إنه بارع في فن الرد على الاستجواب، وليست الاجابة، مع التهرب من الاسئلة الحرجة.
ومن المحتمل ان يدير بلير حتى نوعا من التمثيل الذي يذرف فيه الدمع الذي افاده كثيرا اثناء تجاوبه مع وفاة الأميرة ديانا. ولكن العودة إلى شعار «انني رجل بريء للغاية» لا تبدو انها ستكون ملائمة في هذا الموقف اليوم. إذ إن الندم مطلوب بشدة الآن. ومن الواضح ان الرأي العام لم يعد يقبل بأن حكومة بلير بريئة من الاخطاء تماما.
ولكن ستكون هذه هي الفرصة الأولى لبلير في ان يحول مد الرأي العام في صالحه. فقد أظهرت آخر استطلاعات للرأي مواقف مخادعة نحو بلير وحكومته. فكثير من الناس يلقون اللوم على وزير الدفاع، هون، بدلا عن بلير في انتحار كيلي. واتضح ان المشكلة الاساسية لبلير هي مع حزبه وناخبي حزب العمال أكثر من الرأي العام برمته.
وكشفت استطلاعات آلية المراقبة الدولية الأخيرة تناقضات غير عادية من ناحية زادت نسبة تقدم حزب العمال على المحافظين - فعليا - من 2 في المئة إلى 5 في المئة، خلال الشهر الماضي، بالضبط في الفترة التي عقبت وفاة كيلي. ومن جانب آخر، أكثر من نصف ناخبي حزب العمال انقلبوا ضد الحكومة في الانتخابات العامة الأخيرة، وتعطي هذه النتيجة أهمية متزايدة للانتخابات الفرعية المرتقبة في برينت ايست، إذ إن 63 في المئة من الناخبين دعموا حزب العمال في العام 2001.
وقال ناشطون في الحزب ان الدليل الواقعي يشير إلى أن بلير هو المشكلة الرئيسية لناخبي الحزب فضلا عن الناخبين الآخرين. إذ إن غالبية انصار الحزب ضد الحرب في العراق، ولذلك يرغبون في التركيز عاطفيا على أي صوت موثوق مثل كيلي الذي اعترض على البينة المستخدمة لتبرير الحرب. ومن المرجح ان يواجه بلير مشكلة كبرى من لجان إدارة دوائر الحزب، ومن اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب، ومن مؤتمر الحزب أكثر مما سيواجهه من الناخبين عموما أو من حزب المحافظين المتراخي.
وأكد السيد كامبل ان آلية الحكومة نسجت طوقا من الحماية عن بلير في اعداده للشهادة التي يدلي بها اليوم ولكن هناك انعدام رغبة برلمانية للحزب في فعل الشيء نفسه بغض النظر عن المجموعة المتضائلة من المتملقين الذين مازالوا يعتقدون بأن الترقية تعتمد على الركض وراء خطط الحكومة.
وبدأ أعضاء مجلس الوزراء يدركون بان المستقبل سيكون لغردون براون بدلا عن بلير. ومع ذلك، يعتقد بعض النواب من حزب العمل ان مستقبلهم يعتمد على الولاء لبلير. ولكن من المرجح ان تتغير حالا الشروط السياسية لمؤسسات الحزب في ظل اعتماد مستقبل بلير على الأعضاء النواب أكثر، بدلا عن الرأي العام.
( خدمة الاندبندنت خاص بـ «الوسط»
العدد 356 - الأربعاء 27 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ