تحدث خطيب جامع جدحفص الشيخ منصور حمادة في خطبة الجمعة أمس، عن استعداد المسلمين لموسم الحج، قائلا: «إننا في ثاني أشهرِ التكليف، لمَن استطاع الحجَّ إلى بيتِ اللهِ الشريف، إذ إنَّه وبمطلعِ شهرِ شوال، يُخاطَبُ بالحجِّ المستطيعُ في الصحةِ وتخليةِ السِّربِ والمال، والرِّفقةِ والأمنِ على النفسِ والعيال، وألا يُفَرِّطَ باستطاعتِه في أيِّ شيءٍ مِن الأعمال، وأن يبادرَ إلى التهيئةِ لحجِّ بيتِ اللهِ الحرام، فإن توانى عُدَّ مرتكبا لكبيرةٍ مِن الآثام».

وأضاف: وردَ... أنَّ تاركَ الحجِّ مع الاستطاعةِ لا يموتُ مسلما...، بل يُخَيَّرُ عندَ موتِه بينَ أن يموتَ يهوديّا أو نصرانيّا، وعَدَّ اللهُ سبحانَه تَركَ الحجِّ مع الاستطاعة، كفرا في كتابِه الذي أوجبَ اتباعَه، إذ يقول: «وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليه سبيلا، ومَن كفرَ فإنَّ اللهَ غنيٌّ عن العالمين»، وأوضح حمادة «فمن تركَ الحجَّ واجدا استطاعتَه، خوطِبَ بِه وإن كانَ فاقدا قدرتَه، وكُلِّفَه ولو مُؤَجِّرا نفسَه وطاقتَه».

وأضاف «اعلموا يا ذوي العقولِ والبصائر، أنَّ دنياكم هذه ليست إلا عبرةَ عابِر، أو محطة يتزودُ مِنها مسافِر، وما هو على المُقامِ فيها بقادِر، إذ لم يأتِ إليها بإرادتِه، وليسَ بمَلكِه تحديدُ بقائِه ومدتِه، ولم يُمَكَّن مِن إنقاصِ ما يُرزَقُ فيها أو زيادتِه، ولا ردِّه على أحدٍ مِن أحبَّتِه وحفدتِه»، مردفا «فاتقوا اللهَ عبادَ الله، ولا تشغلَنَّكم الدنيا بهَمِّها، ولا التفكيرُ فيما تدفعون بِه شيئا مِن ألمِها، عَن التفكيرِ في دارٍ مُقيمٍ بقاؤُها، عظيمٍ عذابُها وشقاؤُها، لا تقومُ لَه أرضُها ولا سماؤُها». مستشهدا بجزء من الدعاء الذي علمه أميرُ المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) لصاحبه كميل بن زياد: «فكيفَ احتمالي لبلاءِ الآخرةِ وجليلِ وقوعِ المكارهِ فيها، وهو بلاءٌ تطولُ مدتُه، ويدومُ مَقامُه، ولا يُخفَّفُ عن أهلِه؛ لأنَّه لا يكونُ إلا عَن غضبِك وانتقامِك وسخطِك، وهذا ما لا تقومُ لَه السماواتُ والأرضُ يا سيدي، فكيفَ بي وأنا عبدُك الضعيف، الذليلُ الحقير، المسكينُ المستكين؟».