العدد 2625 - الخميس 12 نوفمبر 2009م الموافق 25 ذي القعدة 1430هـ

عمال يبحثون عن لقمة العيش قريبا من الغيوم

اعتاد العامل الآسيوي شاجي كرامال، بعد أكثر من عشرين عاما من العمل في كابينة صغيرة أعلى رافعات البناء العملاقة (ليفت كرين)، اعتاد على الحذر والصبر والتحمل وحيدا في مكان يقارب الغيوم في بعض المشروعات ومعه قنينة ماء كبيرة وكمية من الطعام، لا يربطه ببقية زملائه سوى جهاز الاتصال، وفترة استراحة قصيرة يعود بعدها إلى الصعود إكمالا للعمل.

وفي العادة، يشاهد الكثير من الناس، تلك الرافعات العملاقة التي ترتفع وترتفع مع ارتفاع طوابق البناء في الأبراج والعمارات الشاهقة والمشروعات الإسكانية الكبيرة وهي تتحرك يمينا ويسارا لنقل مواد البناء، لكن الغالبية لا يعرفون كيف يقضي الفنيون الذين يعملون داخل كبائنها، ولهذا، يبتسم كرامال البالغ من العمر 42 عاما ويعمل لحساب شركة مقاولات خليجية كبرى وهو يقول :»لا أفشي سرّا حين أقول إن ساعات العمل التي تتراوح بين 6 و 14 ساعة تبعا لمتطلبات العمل، هي ساعات من القلق الدائم والدقة التي يجب ألا تغيب عن البال لحظة. إنك هناك في الأعلى وحيد، تتلقى التعليمات عبر جهاز اتصال وترى الناس والمباني والشوارع بسياراتها في الأسفل صغيرة وبعيدة، لكنني شخصيّا اعتدت على العمل، وقطعا، لن أتردد لو حصلت على وظيفة أخرى مجزية... إنني أعمل قريبا من الغيوم في بعض الأحيان طلبا للقمة العيش كما تعلم».


فريق عمل التشييد

ويشير كرامال الى أن تشييد الرافعة هو بحد ذاته عمل مضنٍ، فهناك فريق عمل من المهندسين والعمال يشرفون على تشييد الرافعة بوضع الأساسات والتأكد من سلامتها، ثم تركيب هياكل التسلق واحدا تلو الآخر وفق حركة ارتفاع المبنى، وهناك نظام سلامة دقيق للتأكد من تثبيت الرافعة فإن سقوطها لا قدر الله، يعد كارثة كما حدث في بعض الدول حين تهاوت الرافعة وأودت بحياة الكثيرين.

ويبدأ كرامال عمله يوميا بتسلم خطة العمل من المهندس المشرف على المشروع، ثم يحمل معه الماء والزاد ليصعد الى حجرة الرافعة في الأعلى عبر السلم إن كان البناء منخفضا، وباستخدام مصعد صغير إذا كان البناء شاهقا.


لوحة التحكم لا تعمل!

ويواجه العاملون في الرافعات العملاقة، الكثير من المخاطر، كما يقول عامل الرافعة سيف الإسلام، وهو يستثني أمر دوار الرأس أو الشعور بالإجهاد فهي أمور اعتيادية، لكن من غير الاعتيادي أن تواجه خطأ فنيّا في عمل الرافعة، أو تتفاجأ بأن لوحة التحكم لا تعمل بشكل سليم، لكنه يقول إن أخطر موقف واجهه هو حينما شعر ذات مرة بأن شدة الرياح كانت تسبب تحرك الرافعة وهو أمر غير طبيعي وينبئ بوجود مشكلة، لأن الرافعات العملاقة لا تتأثر بهبوب الرياح مهما تكن شدتها، واذا كان هناك احتمال لوجود مخاطر، فإن العمل يتوقف الى حين تحسن الطقس.

ويتقاضى عمال الرافعات العملاقة رواتب متفاوتة، فهناك من يتقاضى ما بين 200 و 300 دينار في بعض الشركات، لكن هناك من تصل أجورهم الى 600 دينار وربما أكثر في شركات المقاولات العالمية الكبرى، وفيما يتعلق بأكبر رافعة بناء شاهدها في حياته، يقول: سيف الإسلام إنه معجب بمشروع شاهده عبر شبكة الإنترنت، وهو مشروع جسر «ميلو افيرون» في فرنسا الذي يزيد ارتفاعه على 300 متر وطوله حوالي 2 كيلومتر، واستخدمت لتشييده الرافعات العملاقة.


الوضع غير مقلق

وفيما يتعلق بحوادث الرافعات في البحرين، يقول المدير التنفيذي لجمعية الصحة والسلامة المهندس حسن العود إنه بحكم عمله في قطاع السلامة المهنية، فإن الوضع غير مقلق؛ كون القطاعات الإنشائية تلتزم بإجراءات الأمان، فهذه المهنة، يعمل فيها مشغلون بحرينيون وأجانب، وتتطلب قدرة على التحكم في الوقت وهم ربما يتعرضون لمشاكل، فلو لا قدر الله، أصيب المشغل بنوبة قلبية فلا أحد معه ليسعفه! ويجب على المشغل أن يكون عارفا بالإشارات ونظام الاتصال وضمان الرؤية الواضحة فهذه سببت حادثا مروعا عندما أخطأ الفني في تنزيل الحمولة بدل تصعيدها فأودت بحياة عامل.


حوادث عالمية

وعالميا، ووفقا لموقع (بيلدكس أون لاين) المتخصص في شئون البناء، فقد تم تسجيل ثلاثة حوادث مروعة حدثت في العام 2001، أولها كان في إيطاليا وتسبب في وفاة عامل أثناء عملية تركيب لـ (قفص متسلق) في رافعة برجية، أما بالنسبة إلى الحادث الثاني فقد وقع في أستراليا عندما قتل عامل في موقع بناء سقط عليه (موازن) الرافعة الذي كان وزنه يبلغ 20 طنّا أثناء عملية تركيب هيكل تسلق، ووقع الحادث الثالث في كوريا الجنوبية الذي أدى الى مصرع عاملي تركيب رافعات وجرح عددٍ آخر عندما انهارت رافعة برجية خلال عملية تركيب الهيكل.

وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة السلامة المهنية في إنجلترا أن نسبة ارتفاع حوادث الرافعات في العالم ازدادت لتصل إلى 60 في المئة وهو أكثر بثلاثة أضعاف ما كان يحدث خلال فترة تسعينيات القرن الماضي.

العدد 2625 - الخميس 12 نوفمبر 2009م الموافق 25 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:05 م

      شدخل

      ياربي شهالاوادم ؟ شدخل يقولون عن الارتفاع اللي يشتغل فيه وانت تتكلم عن الجسر

    • زائر 1 | 12:06 ص

      ونحن ايضا

      ونحن ايضا سواق الشاحنات والتيلرات التي تنقل البضائع الى خارج البحرين حيث نقبع على الجسر قرابت 3 ايام في بعض الاحيان بالاضافة الى مسافات الطريق الى الدول الخليجية ونقبع يومين او ثلاثة في بعض الحدود بعيدا عن اهلنا واولادنا واحبابنا من حدود الى جمارك ومن شارع الى شارع
      والله المستعان

اقرأ ايضاً