شكا أهالي قرية المعامير خلال اليومين الماضيين من انتشار كثيف لغازات خانقة استمرت منذ يوم أمس الأول (الأربعاء). وساعدت الرياح الجنوبية الشرقية على نقل الغازات المنبعثة من بعض المصانع في المنطقة الصناعية بالمعامير لبعض مناطق سترة.

ولم تفصح أي شركة أو مصنع لحد الآن عن حدوث حالة تسرب للغازات لديها. وهو الأمر نفسه الذي يتكرر في كل مرة تنتشر فيها الغازات بنسبة مرتفعة.

ونقل الناطق الإعلامي للجنة الأهلية البيئية بقرية المعامير جاسم آل عباس استياء المواطنين الكبير من استمرار المشكلة على رغم التصريحات الأخيرة للحكومة بحلها قبل نحو شهرين، وقال: «الغازات الكثيفة بدأت تنتشر في جهة الجنوب بنسبة مرتفعة يوم (الثلثاء) الماضي عند الساعة السادسة مساء، لتستمر حتى ساعات الفجر الأولى من اليوم التالي، علما بأن نسبة انتشارها في الجو انخفضت نسبيا لتعاود الانتشار بكثافة ظهيرة اليوم التالي».

وأفاد آل عباس أن الرياح الجنوبية الشرقية ساهمت بدرجة كبيرة في نقل تلك الغازات للمناطق السكنية المجاورة للمنطقة الصناعية، إذ غالبا ما تكون الرياح في جهة معاكسة تماما نحو البحر، الأمر الذي يخفف من وطأة الغازات المنبعثة من المصانع.

وعن ترجيحه لمصدر الغازات، أكد الناطق الإعلامي أن مصانع التكرير لشركة نفط البحرين «بابكو» هي المصدر الأول، إلا أن ذلك غير مؤكد حاليا، وخصوصا أن البيئيين والمواطنين أصبحوا يميزون انبعاثات مصنع البحرين للبتروكيماويات من انبعاثات شركة النفط. غير أن ذلك لا يقوم على دراسة وبحث علمي موضوعي دقيق.

ومن جهته، علق عضو مجلس بلدي المحافظة الوسطى ممثل الدائرة الخامسة رضي أمان مؤكدا استمرار انبعاث الغازات في المعامير والمناطق المجاورة طيلة أيام السنة، غير أنها تتفاوت نسبيا من فترة لأخرى.

وقال: «المشكلة تكمن في أن الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية لا تصدر التقارير الدورية لمراصد قياس جودة الهواء (أحدها موجود في المعامير) للعلن، فالمواطنون والمجلس البلدي يجهلون تماما تفاصيل تحليلات ونتائج هذه المراصد. وإلا فإن من شأنها أن تطمئن المواطنين وتفيدهم بالمعلومات الدقيقة ليكونوا على دراسة وإلمام كاف بالمشكلة».

وواصل: «التقارير مبهمة لدرجة أنه لا تصل حتى للمجلس البلدي، علما بأن المجلس طالب بوصولها بشكل دوري مرات عدة لكن دون جدوى». منبها إلى أنه «من خلال المتابعة مع البيئيين والمختصين في الفيزياء من أساتذة وخبراء، تبين أن مصانع البتروكيماويات تنبعث منها غازات من دون روائح أو لون، وتعتبر خطيرة وسامة وبحاجة إلى التحقق منها».

وأبدى العضو البلدي أسفه لغياب اهتمام وزارة الصناعة والتجارة بالمنطقة الصناعية في المعامير، مبينا أنه تنضوي تحت مسئولياتها جملة كبيرة من مخالفات المصانع القائمة حاليا. مؤكدا أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تُلقى كل المسئولية على وزارة شئون البلديات والزراعة أو الهيئة العامة لحماية البيئة فقط، إلى جانب المجلس البلدي.

وذكر أمان: «نحن بحسب الواقع لا نطالب بإزالة المصانع الضخمة، هناك البتروكيماويات، و»بابكو»، ولكن لابد من تشديد الرقابة عليها وإخضاعها للقانون، فضلا عن حظائر المواشي التي تتسبب في جملة كبيرة من المشكلة البيئية والصحية، ولذلك نحن نعول كثيرا على الصرامة في الرقابة والتفتيش لتحقيق ولو جزء من الكمال».

ومن جانبهم، أوضح عدد من المواطنين في اتصالات وردت «الوسط» أن «الغازات السامة المنبعثة من المصانع والمعامل تزداد في الفترة المسائية وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي بشكل يومي، وأن ما حدث خلال اليومين الماضيين لم يكن حديثا على أهالي المعامير والمناطق المجاورة، لأن كميات الغازات المنبعثة في الجو كانت موجودة أصلا وقد ازدادت وفاقت مستوى التحمل لدى الأهالي».

وقال المواطنون إن «هناك الكثير من الأفراد في المعامير والمناطق المجاورة ممن تعرضوا لإرهاصات صحية من الغازات المنبعثة، في الوقت الذي لم تتخذ الحكومة أي موقف جازم كخطوة إيجابية منها لحماية المواطنين القاطنين في الدائرة الخامسة بشكل عام». مؤكدين أن «الدائرة لا تعاني من غازات المصانع والمعامل فقط، فإن روائح المواشي التابعة لشركة البحرين للمواشي وترسبات مياه خليج توبلي كلها تغطي المنطقة إلى جانب غازات المصانع والمعامل».

يشار إلى أن مدير عام الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية عادل الزياني أفاد لـ «الوسط» سابقا بأن «المعامير وسترة وبعض المناطق المحيطة بها تتعرض لانبعاث غازات من مصانع ومصادر مجهولة لم يتم تحديدها».