بدأ الحجاج المسلمون يتوافدون من كل أنحاء العالم إلى المملكة العربية السعودية منذ بداية الأسبوع الماضي، فرغم التحذيرات من وباء انفلونزا الخنازير و وجود اللافتات الإرشادية للوقاية من المرض في كل مكان في مكة المكرمة فإن الكثير من هؤلاء الحجاج لم يشغلهم انتشار الفيروس.
وعند مدخل مكة وضعت إعلانات وملصقات للإرشاد على واجهات أبواب الفنادق والمساكن التي يقيم فيها مئات آلاف الحجاج على مسافات مختلفة من الحرم المكي المكتظ بالمصلين على مدار الساعة قبل أيام من بدء شعائر الحج.
وأكدت وزارة الصحة السعودية أنه لم تسجل أية حالة وفاة بين الحجاج القادمين بسبب مرض انفلونزا الخنازير.
وقال المتحدث باسم الوزارة، الطبيب خالد المرغلاني لوكالة فرانس برس «منذ وصول الحجاج قبل أسبوع لم تسجل أية حالة وفاة بين الحجاج بسبب انفلونزا الخنازير».
وأوضح أن «عددا قليلا من حالات اشتباه بالمرض تم اكتشافها وقدمت لهم العلاجات اللازمة فورا وجميعهم تماثلوا للشفاء».
وأشار إلى الإجراءات الكثيرة التي اتخذتها السعودية من أجل رصد أية حالة اشتباه وعلاجها فورا، موضحا أنه تم تثبيت كاميرات حرارية للفحص في المطارات والمنافذ.
ويمر الحجاج أمام كاميرات مثبتة قرب شبابيك فحص جوازات السفر لدى وصولهم المطار أو الميناء في جدة أو مطار المدينة المنورة.
وتتولى طواقم طبية متابعة نتائج الفحص الفوري ميدانيا.
وذكر المرغلاني أن جميع الحجاج تلقوا التطعيمات اللازمة لانفلونزا الخنازير سواء في بلدانهم قبل أو أثناء دخول المملكة.
ويؤكد أشرف بو نمر (26 عاما)، وهو من أعضاء الجالية الجزائرية في باريس أن اللقاح الذي تلقاه لدى وصوله إلى المطار ضد انفلونزا الخنازير والحمى الشوكية «أمر جيد للاحتياط» لكن الإرشادات والملصقات «لا تعنيني بالمرة».
وتملأ اللافتات التي وضعتها الحملة الوطنية للوقاية من الفيروس «اتش1ان1» الشوارع وباحات الفنادق في مكة المكرمة إضافة إلى حملة التوعية وإجراءات الوقاية من المرض المتواصلة في الإذاعات والمحطات التلفزيونية المحلية كافة.
ويتابع نمر ذو اللحية السوداء والذي أنهى صلاته للتو في الحرم المكي «أعتقد أن الناس هنا لا يهتمون بهذه الإعلانات وأنا لا أشغل نفسي بهذا الأمر بتاتا».
ويبدو عدد قليل من الحجاج يضعون كمامات طبية على الفم والأنف.
أما الفلسطيني إبراهيم قنن، فيقول إن «الموسم يسير بشكل معتاد ونسبة قليلة جدا يضعون كمامات ربما بسبب عملهم في النظافة أو بعض المرضى لا يريدوا نقل العدوى لغيرهم»، مضيفا «لا يوجد أي حديث عن الانفلونزا بل الناس تتكلم عن العبادة أو كرة القدم أكثر».
ويقر المرغلاني بأن هاجس هذا المرض الفتاك انعكس في البداية على الحجاج.
ويرى خالد، وهو شاب مصري يقيم في مكة المكرمة وصاحب صالون حلاقة، أن موسم الحج السابق «أفضل» من هذا العام.
وقال «كنا مثل اليوم لا نستطيع استيعاب الزبائن من كثرتهم لكن الحمد الله».
ويضيف خالد الذي كان في محله الذي يبعد عن الحرم المكي ثلاثة آلاف متر أنه يتوجه إلى الحرم يوميا للصلاة «دون خوف من العدوى بالانفلونزا».
ويطوف الحجاج حول الكعبة وهو ركن أساسي في الحج وسط ازدحام غير عاد ليلا نهارا من دون خوف غالبية هؤلاء الحجاج من حالة الاكتظاظ والعدوى من المرض.
ورغم تجهيزاتها الكبيرة، أعدت وزارة الصحة سبعة مستشفيات مجهزة بكل المعدات الطبية منها أربعة مشاف في منطقة منى وثلاثة مستشفيات في مشعر عرفات.
والمستشفيات في منطقة جبل عرفة جهزت بـ 1093سريرا، بحسب المرغلاني الذي أوضح أن «مدينة الملك فهد الطبية» ستشارك بـ 1600 سرير الأسبوع المقبل لتضاف إلى التجهيزات الطبية لمواجهة أي طارئ.
وتابع «للمرة الأولى في تاريخ المملكة قمنا بتجهيز أربعة مختبرات أيضا للفحص لانفلونزا الخنازير (بي سي آر).
وتابع «للمرة الأولى في العالم بعد الولايات المتحدة يتم استخدام الموبايل (الفاحص النقال) في المملكة للرصد الوبائي أو العدوى في أي مكان وإعطاء المعلومات أولا بأول للمركز والتعامل معها». وتضم الطواقم الطبية 15 ألف طبيب وفني ومساعد.
ويؤكد المرغلاني أن «الوضع تحت السيطرة ومطمئن جدا بحمد الله»، مشيرا إلى أنه تمت الاستعانة بخبراء ومختصين من كل العالم.
وقد عقدت ورشة في جدة في يونيو/ حزيران الماضي أفضت إلى توصيات مهمة يتم تطبيقها بالاستناد إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية والاستعانة بمركز التحكم والسيطرة للمرض الوبائي في نيويورك.
وتقول أم سعيد وهي من موريتانيا إن «الحجاج بخير ولسنا بحاجة لكل هذه التجهيزات. هذه كذبة خلقتها أميركا لتضحك على الناس ويبيعوا لهم دواء ويعيشوا الهوس (...) نصلي في الحرم وفيه أكثر من مليون حاج ولا يوجد شيء اسمه انفلونزا الخنازير».
ويوافقها صالح وهو من البحرين الرأي لكنه يقر بأن «الخوف» ينتابه أحيانا. وأضاف «في الزحام وعندما يعطس أحد أتذكر الانفلونزا وأحاول تجنبه».
العدد 2633 - الجمعة 20 نوفمبر 2009م الموافق 03 ذي الحجة 1430هـ