لكل إنسان في هذه الدنيا رصيد من كل شيء وإن اختلفت الكميات المدخرة في كل رصيد، فهناك رصيد من المال، الحياة، الأمل وحتى الكذب. أجل حتى الكذب له رصيد وكل إنسان يدخر فيه أيضا. هذا الرصيد الذي يغفل عنه الكثيرون، ولا أقول يتغافل لأن الكل منا يحتاج إلى رصيد وخصوصا في هذا البنك ولا أعتقد أن هناك من يريد نفاذ رصيده!
وكما في كل البنوك تلقى فيه حسن المعاملة، الاهتمام، الاحترام وسرعة إنجاز الخدمة... فهذا أمر طبيعي فأنت في بنك، لكن يجب أن تنتبه فلا تغريك هذه المعاملة وهذا الوجه الناعم لتخسر رصيدك وعليك أن تتذكر دائما أن السر من ورائها هو هذا الرصيد وما أن ينتهي حتى تنهي ورائه.
ولأننا نعيش في عالم واقعي تختفي فيه المثالية، فالأمر الطبيعي أن يوجد في الحياة بعض السذج والمغفلين الذين سرعان ماينجرون وراء مايلقونه في هذا البنك ويسرفون بلا حساب إلى أن يستيقظوا فيجدوا أن حساباتهم وأرصدتهم فيه أصبحت خاوية، فيندمون ولكن ساعة لاينفع الندم.
هؤلاء السذج غالبا مايحتلون المراكز الأخيرة في حسابات هذا البنك، وكثيرون من يمكن تصنيفهم تحت هذا المسمى ولكني أعتذر عن تسميتهم حتى لا نجرح مشاعرهم الرقيقة، فحتى «الكذاب» وهو كثير الكذب لا يحب أن يسمع هذه التسمية! لكن ومن جانب آخر يجب أن نذكر بأن هناك الكثير من يملكون كنوزا وثروات ضخمة في هذا البنك ذلك لأنهم لم يعتادوا الإنفاق منه.
الكثير ربما يغفل عن حقيقة أن الكذب لايشبه الرماية، فإذا كانت إصابة الهدف في المرة الأولى تزيد منطقيا من حظوظ إصابته في الثانية وهذه تكون علاقة تسمى «طردية» في علم الرياضيات، فإن الحال أن الكذب ليس كذلك بل تتحول هذه العلاقة إلى «عكسية».
ولمن لا يستسيغ كلام الرياضيات وعلاقاتها التي أراها ممتعة فإني أعيد شرح الأمر له بصورة أكثر وضوحا. الأمر حقيقة أشبه بقنينة الزيت فكلما استخدمت منها كمية للقلي فإنك تستنفذ جزءا منها، ولكن كثرة الاستهلاك ستجعل الزيت ينفذ. أجل، ربما تجعلك كثرة القلي خبيرا في الأمر فيتلاشى شيئا فشيئا احتمال خطر أن تحرق نفسك، ولكن في النهاية لابد أن تقل كمية الزيت أو تنفذ فيحترق الطعام ويعلو الدخان من مطبخك ليراه الجميع.
في الختام وللفائدة أحب أن أضيف للموضوع نصائح بسيطة لكل «الطباخين»:
أولا: تأكد من وجود الوصفة التي تضمن نجاح الطبخة. ثانيا: تأكد من وجود جميع الأدوات التي تحتاج إليها للطبخ. ثالثا: انتبه فالناس لاتحب أكل نفس صنف الطعام في كل مرة.
رابعا: تذكر أنه عندما تقل كمية الزيت أو تنفذ ستحترق الطبخة. خامسا: الناس أذواق حقيقة أكيدة... فهناك المتذوق الخبير الذي يستطيع أن يعرف نوع الطعام ومدى جودته من أول مرة يتذوقه فيها، وهناك المتذوق ذو الخبرة المحدودة الذي ربما تخدعه بعض الأطعمة، وهناك المتذوق السيء الذي لايعرف مدى جودة غالبية أنواع الطعام... ولكن تذكر أن جميع أنواع المتذوقين سيعرفون الطعام الفاسد في نهاية المطاف حتما وربما لن يقدموا على تذوق طعامك ثانية.
عبدالله الصباح
الاعتداء لا يكون بالآلات الحربية فقط، بل يكون بالسرقة والكذب والحيلة والغدر وعدم أداء الأمانة.
كذلك يكون الاعتداء بالقلم واللسان وبتحريف الكلام عن موضعه ونقل الأمور بصورة مشوهة كما نراه اليوم في بعض القنوات الاعلامية، حيث يمدح الارهاب والأرهابيون وبشكل صريح ومعلن وواضح وتحت مسميات غريبة.
والاعتداء بتغيير الشريعة الإسلامية كما هو حاصل في عملية الميراث حين يساوون الرجل مع المرأة ويحرمون ما أحل الله جل وعلا، ويحللون ما حرمه الله كما فعلته اليهود وكما شاءت أهواؤهم ومذاهبهم.
وهذه الدنيا أمامنا وفيها الكثير والكثير من الأمثلة التي لا يحصيها إلا الله سبحانه وتعالى، كالمساواة بين الأخ وأخته في الميراث... بينما القرآن الكريم يقول «للذكر مثل حظ الانثيين»، ولكن نرى أن كل شخص منهم يريد قرار المحكمة الوضعية لأنه يصب في مصلحته الشخصية، ومنهم من يرفضها لأن القرار ليس لصالحه لأنه سيتضرر ماديا، فأين حكم الله أيتها الحكومات؟
لقد أمرنا الإسلام بأن لا نقف مغلولي الأيدي بل نرد الاعتداء على من اعتدى علينا... قال تعالى « عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين» صدق الله العلي العطيم... يعني اعتدوا عليه ولا تكيلوا له الصاع صاعين، فإذا أخذ شخص منك دينارا فلا نأخذ منه ضعفا، والله ولي التوفيق.
الشيخ رضي آل طفل
تعقيبا على مقالة أحد الصحافيين الذي نشرته إحدى الصحف المحلية، إذ كان محتواها يمس دين الإسلام الحنيف، فالصحافي شبه المغنين والمطربين بالعصافير المغردة التي لا يمكننا الاستغناء عن تغريدها، وقال إن الدنيا والعالم من دون أغانٍ هي عالم موحش لا يمكننا العيش فيه، فكان في مقالته تعظيم لعدد من المطربين والمغنين، فالمقالة تضمنت أيضا استهزاء بإحدى الشخصيات السياسية التي حاربت الموسيقى في إحدى الدول الخليجية، أحب أن أقول له ولكل أخواني في الإسلام ماذا لو لم نرَ عصافير الجنة وتغريدها؟ أليس هذا بأشد قسوة من اختفاء عصافير الدنيا - كما قال هذا الصحافي - الذين هم بغنائهم عصوا الله تعالى، فكما قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الحكيم قوله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ «(آية 6 لقمان).
فللأسف هم ليسوا بعصافير؛ لأنه حتى العصافير تسبح لله سبحانه وتعالى «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيما غَفُورا»(الإسراء: 44)، فيجب يا أخي العزيز أن تتمعن في كلماتك فالصحافة أمانة ورسالة يجب أن لا نسمح لمثل هذه المواضيع التي بدأت تصنع ثغرة في نفوس بعض المسلمين أن تلوثها، فهي مهنة يجب أن نتحمل مسؤوليتها لما فيها من عظمة فأنت لا تدري عدد الأشخاص الذين قرؤوا هذه المقالة؟ فسخر مهنتك في شيء يخدم دينك لا في شيء يضره ويلوثه، أما بالنسبة للعالم فإنه لا يصبح موحشا من دون غناء بل يصبح موحشا من دون ذكر الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
في الختام أسأل الله أن يهدينا لسواء السبيل، وأتمنى يا أخواني وأخواتي في الإسلام أن تتقبلوا من أخيكم هذه النصيحة، وأتمنى أن لا نشهد يوما يختفي فيه الإيمان من قلوبنا.
علي محمد
تكاثرت الضغوط النفسية والاجتماعية في حقبة زمنية متسارعة بحيث أصبح الإنسان لا يستطيع تحمل ما تخفيه الأعباء يومية، بل أصبحت قدرته ومساعيه لا تفي بالغرض طالما أن هناك خبايا لا يعرف أسبابها.
أصبحنا في زمن يطلق عليه «زمن الرغيف» لعدم قدرتنا على سد احتياجاتنا، فها نحن نعمل ليلا ونهارا في أعمال متفرقة لعلنا نحصل على بعص الدنانير لسد طلباتنا الضرورية.
إننا إلا ننكر جهود الحكومية في السعي لحصول المواطنين على ما يسمى بـ «علاوة الغلاء» في زمن العجز المالي وارتفاع الأسعار، لكننا نسأل عن مدى أهميتها بالنسبة لمستحقيها، فهل يعقل أن ينتظر الفرد فترة طويلة مقابل الحصول على رغيف ما.
هكذا هوالحال مع وزارة التنمية الاجتماعية، فلقد تم إقرار حصول المواطنين على العلاوة بعد مطابقة الشروط، لكننا نرى الوزارة تدفع بما يسمى بتلك «العلاوة» كقطارة ماء وضعت على رغيف.
لقد مر على ذلك القرار ما يقارب العام ونحن ننتظر سد احتياجاتنا، تراكمت الديون، وتأجلت الكثير من احتياجاتنا، أملا في حصولنا على تلك العلاوة، إلا أننا نتفاجأ كل شهر بعدم حصولنا عليها، فمرة يقال «عذرا إنك مسجل في الحساب الآلي بأن راتبك أعلى من الحد الأدنى للشرط، وفي الواقع أنا مواطن بحريني متزوج وعاطل عن العمل بل لا أملك مصدر دخل كافٍ، ومرة يقال إنه قد تم تعديل ذلك الخلل وعليك الانتظار، ومرة يقال لابد من إحضار نسخة من جواز الزوجين ونسخة من عقد الزواج احتياطا».
أتسآل ما ذنب مواطن تراكمت عليه الضغوط من جميع الجوانب بسبب انتظار العلاوة والوظيفة، ماذنب المواطن عندما يتأخر حصوله على العلاوة بسبب خلل في إدخال البيانات أو ضياع بعض المستندات؟
من هنا أناشد المسئولين الكرام بسرعة النظر في أمري حيث انني رجل عاطل عن العمل أبحث عن قطعة من الرغيف.
حمد علي عبدالعزير
كثيرون وكثيرات يرفضن رفضا قاطعا السكن مع أهل الزوج، متناسين الوضع المادي للزوج الذي لا يسمح بفتح منزل مستقل للزوجة، هاهي الزوجة تردد أريد استقلالية العيش وحرية التصرف يكفيني مشاكل مع زوجي بسبب أمه وإخواته.
لقد قل صبري ولم أعد أتحمل المضايقات والمشاحنات اليومية، أم زوجي تراني الخاطفة التي جاءت لخطف فلذة كبدها منها بعد طيلة هذه السنين، وإخواته يغرن مني ويتسلطن علي ولكن ما يمكنني فعله.
اعتبري يا أختي أمه أمك وتحمليها شيئا فشيئا سيلين قلبها لك بمعاملتك الطيبة ولسانك الحلو ووجهك البشوش. وأخواته اتخذيهن أخوات لك فاحرصي عليهن وتعاوني معهن واطلبي مشورتهن ليحسسن باهتمامك وبالتالي سيحببنكِ بعون الله.
فاطمة آدم
تقوم أهمية الدليل الجنائي على إثبات حدوث الجريمة في الواقع المادي وواقعيتها ونسبتها إلى شخص معين سواء كان فاعلا أصليا أو شريكا، فالدليل يقوم على أركان الجريمة لتطبيق قانون العقوبات عليها والحال كذلك لمقارنة المتهم بارتكابه لها حتى يمكن إدانته، بل تبدو أهمية الدليل الجنائي في تحديد الوضع الإجرامي للمتهم والعقوبة المناسبة لجريمته.
والدليل قد يكون دليلا مباشرا ودليلا غير مباشر كما قد يكون دليل ثبوت أو نفي، أما الدليل المباشر فهو ذلك الدليل الذي ينصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها كالاعتراف وشهادة الشهود، ولا يشترط لكي يكون الدليل مباشرا أن يكون نصا في إثبات جميع الوقائع بل تلحقه هذه الصفة ولو تعلق بواقعة واحدة او شق فيها أو أكثر من واقعة، مثال ذلك أن يشهد شاهد أنه أبصر المتهم يعدو ببرهة بسيطة بعد الحادث ممسكا بسكين تقطر دما. ويشهد آخر بأنه عاصر واقعة تهديد المتهم للمجني عليه بالقذف ثم تحدث الجريمة مباشرة بعدها.
كما لا يشترط أن يكون الدليل الجنائي دليل إدانة، بل يمكن أن يكون دليلا مباشرا لصالح المتهم بنفي التهمة عنه “دليل نفي” كشهادة الشاهد انه كان برفقة المتهم في نفس لحظة ارتكاب الجريمة، ويكون الدليل غير مباشر عندما لا ينصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها، ويتطلب للأخذ به في الواقعة تحكيم العقل والمنطق، فالقاضي يستخلص من الدليل ما يمكن ان ينتجه عن طريق غير مباشر بطريق الاستدلال العقلي أو المنطقي، والدليل غير المباشر أدنى مرتبة من الدليل المباشر ويمكن تقسيمه إلى قرائن ودلائل، والقرينة محصلة الاستنتاج من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول يراد الوصول إليه، بصورة أبسط بافتراض ان هناك واقعتين إحداهما معلومة والأخرى مجهولة، فبإعمال الاستنباط يمكن ان يصل القاضي إلى معرفة المجهولة من خلال الواقعة المعلومة والقرينة قد تكون قانونية وقد تكون قضائية، والقرينة قد تكون قاطعة او بسيطة، والأولى لا تقبل إثبات العكس بينما الثانية تقبل ذلك.
اما القرينة القضائية فهي مجال إعمال القاضي لذهنه واستدلاله المنطقي للأمور، فمثلا ثبوت وفاة المجني عليه وإصابته بطلق ناري على نحو ما جاء في تقرير الصفة التشريحية لتقرير الطبيب الشرعي يمكن للقاضي من هذه الواقعة المعلومة ان يستدل منها ان المتهم كان يحرز سلاحا ناريا وذخيرة بغير ترخيص ولو لم يضبط معه السلاح فذلك أمر يتطلبه اللزوم العقلي والمنطقي للأمور.
ومن المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ولها أن تبين سبب الجريمة وان ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع تلك الأدلة لتكوين عقيدتها بالصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية. والجدير بالذكر ان الأدلة في المواد الجنائية متماسكة يشد بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها متجمعة، وتوجد قاعدة جواز الاستغناء ببعض الأدلة عن بعضها الآخر إذ كان الدليل الباطل والمفترض استبعاده ليس من شأنه ان يؤثر في عقيدة المحكمة لو أنها كانت قد فطنت إلى فساده او بطلانه فإن مثل هذا الدليل يتبين من ظروف الواقعة وطريقة التدليل انه لا يغض - لا يقلل - من قوة الأدلة الأخرى إذ إنها تكفي بذاتها وبما بينها من تساند وتماسك لما رتبه الحكم عليها من ثبوت الواقعة وإدانة فاعلها فإن بطلان هذا الدليل لا يستتبع حتما بطلان ما عداه من أدلة أخرى ولا يضعف من قوة تسانده.
وزارة الداخلية
قست بي الدنيا و جرحتني
فدفعتني على حافة الجحيم و احرقتني
فيا ليتني ...صفعت أوهامي
ووقفت مطأطأ برأسي
ساهرا بين اليوم و الماضي
و ليتها لم تعرقل خطواتي
فإنها قد تصبح يوما مدمنة بأخباري
سعيت يوما لاتخاذ قراري
لكن دائما ما أتراجع في أقل من ثوانٍ
فيا حسرتي على ما ضاع مني
جعلني أركض حافي القدمينِ
إسراء سيف
قال تعالى «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ»
الكثيرون منّا شاهدوا مسلسل «يُوسُف الصديّق» واندمجوا معه ومع شخصيات المسلسل التي أجادت الأدوار بكل معنى الكلمة، ولكنّ السؤال هنا مَنْ منّا تأثّر بمجريات القصّة؟! مَنْ منّا اتعظَ بحوادث القصّة؟ وهل كانَ حالُ هذا المسلسل كحال باقي المسلسلات الخليجية أو التركية؟
الواقع أنّنا جعلناه هكذا وكنا نتوقُ ونتشوق للحوادث وما سيجري فقط! وما الذي استفدناه من هذه القصة؟ وماذا غيّرت في واقعنا ومجرى حياتنا؟
لماذا لم نستغل تلكَ الكلمات الربانية التي كانَ يتمتمُ بها نبي الله يُوسُفْ ووالده يعقوبَ النبي في دعائه وصلواته وخلواته وحتى مجاهداته في الشدائد والصعوبات عندما كان في قعر البئر والسجن وعندما حاولت السيّدة زليخة الاختلاءَ به!
الكثيرون منّا أعجبوا بشخصية النبي يُوسُف والسيّدة زليخة، وخصوصا الجمال الذي كانا يتمتعانِ به، والبعض تمنّى لو أنّه كانَ كذلكْ! ولكن ما رأيكم لو أنّ ذلك كانَ ممكنا ويستطيع كلُ شخصٍ منّا تحقيق هذهِ الأمنية!
نعم، الكل يستطيع تحقيق هذهِ الأمنية إذ إنه يتخلّق بأخلاق النبي يُوسُف ويُصلِحَ علاقتهُ برب العالمين ويكون قريبا منه وبعيدا عن عصيانه، هكذا ستكون أرواحنا ونفوسنا يُوسُفية تأسيا بالنبي يُوسُف وإن لم نكن في الظاهر ذوي جمال وبهاء، فعلينا أن نقنع بخلق الله لنا ونرضى به... بل ينبغي الاستئناس بخلقة الله لنا لأنها خلقته وهو اختياره لنا، ومن يطلب أن تكون خلقته كفلان والآخرين فهذا يعني عدم رضاه بخلق الله له واختياره له، وهذا هو كفرانُ النعمة بعينه.
أيها الأحبّة نحنُ أُمِرنا بأن نتخلقَ بأخلاق الله عزّوجَل فأينَ المانع والاستحالة بأن نتخلقَ بأخلاق الأنبياء؟ حتى وإن لم نكن أنبياء فنحنُ خُلفاء الله وسفراؤه في الأرض.
ما أروعَ تلكَ الكلمات التي كانَ يتمتمُ بها نبي الله يُوسُف وهو يناجي ربه، وما أروعَ كلمات التوحيد والربوبية التي كانَ يهدي الناسَ بها، كان النبي مدللا عندَ الله بحيث كانَ دعاؤه مستجابا آجلا أم عاجلا، إذا لِمَ لا نحاول أن نكون قريبين منَ الله ونجعلهُ المعشوقَ الحقيقي ونفرّغَ قلوبنا مِنْ كل شيء سوى الله (القلبُ حرمُ الله، فلا تسكن حرمَ اللهِ غيرَ الله)، وهكذا كانَ عشقُ السيّدةِ الجليلة زليخة لرب العالمين بعدَ أن أفاقت من غفلتها لجأت إلى الخلوة والاستئناس الحقيقي بالله عزّوجَل إذ تجّلى الله لها بجماله وتجّلى جمالُ الله في جمالِ يُوسُف.
إذا كانَ المخلوق بهذا الجمال فكيفَ بالخالق الذي خلقَ هذا المخلوق.
محمد عبدالله رضي
العدد 2640 - الجمعة 27 نوفمبر 2009م الموافق 10 ذي الحجة 1430هـ