قال اقتصاديون إن نقص السيولة وتدهور عمليات التمويل الناتجة عن أزمة الرهن العقاري دفعت الكثير من شركات التطوير وخصوصا القائمة على تطوير مشروعات ضخمة إلى إلغاء عقود بمليارات الدولارات، وجدولة أولوياتها بحسب ما هو متوفر لديها من سيولة مالية.
وأثار إلغاء عقد ناس الممنوح من قبل شركة سما دبي (الحكومية الإماراتية) هذا الأسبوع مخاوف من أن تطاول الأزمة المالية العالمية المشروعات العقارية الضخمة القائمة والتي تمثل فرص أعمال لشريحة واسعة من المقاولين ومزودي الخدمات، على رغم أن بنوك تعمل على مشروعات ضخمة في البحرين تعهدت بالاستمرار بالعمل وأن الأزمة المالية لن تؤثر على سير مشروعاتها في ظل توافر سيولة سابقة لهذه المشروعات.
إلا أن الحديث عن عدم تأثر المشروعات في البحرين بما يجري مؤسسات التمويل والتطوير في الخليج، أمر يشوبه الشك من قبل الكثيرين، نظرا لكون أغلب المستثمرين في العقارات البحرينية هم من دول الخليج.
ويعد إلغاء العقد ضربة لقطاع العقار البحريني، بعد أنباء عن تشديد البنوك لشروطها أو الامتناع عن التمويل العقاري في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن السيولة، إذ مُنّيت الكثير من البنوك المحلية بخسائر يتوقع على أثرها أن تتراجع أرباحها عن العام 2008 وسط عام صعب يتوقع أن يعيشه القطاع المصرفي في العام 2009 الأمر الذي سينعكس لا محالة على نشاط التطوير العقاري ومبايعات الأراضي التي تعتمد في جزء كبير منها على القروض.
ولا يقتصر الأمر على قطاعات العقارات فقط بل الأمر طاول حتى مرافق البنية التحتية، فخلال هذا الأسبوع أيضا أعلنت مؤسسة الخليج للاستثمار الصناعي (المملوكة لدول الخليج ومقرها الكويت) عن وقف مؤقت لمشروع محطة كهرباء جديدة كانت فازت بامتياز لإقامتها من قبل الحكومة البحرينية بكلفة تصل إلى ملياري دولار بسبب أزمة التمويل.
وفي السياق نفسه، لا يعرف بعدُ مصير مشروع ضخم في مجال الحديد تصل كلفته إلى ملياري دولار تقوم بتطويره مؤسسة الخليج للاستثمار الصناعي بالتعاون مع شركة يابانية بعد أن كان من المتوقع أن يجري تمويل المشروع نهاية العام الماضي من قبل مصارف عالمية، إلا أن إعلان التوصل إلى اتفاق بشأن القرض تأخر حتى هذا العام مع تصريحات للمسئولين في المشروع عن ارتفاع في الفوائد المفروضة للاقتراض لبناء المشروع لكنهم أكدوا الاستمرار في المشروع، الأمر الذي سيؤخر توفير مئات من فرص العمل التي يوفرها مشروع الحديد العملاق والذي يحتاجه الكثير من المواطنين في البحرين.
وعلق الخبير الاقتصادي جاسم حسين قائلا: «إن الأزمة المالية العالمية بدأت تضرب اقتصاديات الخليج بقوة، وإن الشركات الخليجية بدأت تحديد أولوياتها، وألغاء العديد من العقود في المشروعات التي لا تكون في قائمة أولوياتها».
وتحدث الخبير الاقتصادي عن خبر إلغاء شركة سماء دبي عقد بناء «منتج السلام» لشركة ناس البحرينية، ووصفه بأنه خبر مزعج للاقتصاد البحريني، ويعطي دلالات واضحة على مدى تأثر الاقتصاد المحلي بالأزمة المالية العالمية.
وأكد مشروع منتجع السلام، كان من المفترض أن يضخ مئات الملايين من الدولارات في اقتصاد البحرين الوطني، إلا أن إلغاء العقد بدد هذه الإيجابيات التي كان المسئولون يتوقعونها من إنشاء المشروع الضخم في البحرين.
ورأى أن سبب قيام سما دبي بإلغاء العقد، إلى توجيه السيولة المتوفرة نحو أولوية المشروعات التي تنفذها الشركة.
واعتبر إلغاء العقد أمرا «سلبيا» بالنسبة إلى البحرين، وخصوصا أن كلفة المشروع تصل إلى نحو ملياري دولار، كان من المفترض تدويرها في الاقتصاد الوطني.
يذكر أن شركة ناس للمقاولات في فبراير/ شباط الماضي، حصلت على عقد تنفيذ مشروع منتجع السلام بقيمة تصل إلى 153.8 مليون دينار بحريني بالشراكة مع شركة «موري آند روبرتس».
ويتوقع أن تقوم شركة ناس بستريح آلاف العمال نتيجة إلغاء عقد منتجع السلام، وهو أول التأثرات الناجمة عن إلغاء العقد.
وكانت البحرين تسعى إلى جعل «منتجع السلام» الذي يقام جنوب غرب البلاد إلى ملتقى لملوك ورؤساء الدول في المنطقة. إذ تريد المنامة أن يكون لها منتجع فخم في منطقة مناسبة لكي تستضيف فيه المؤتمرات الدولية المهمة والكبيرة واجتماعات القادة مثل قمم القادة في دول مجلس التعاون الخليجي وقمم جامعة الدول العربية ولقاءات زعماء الدول ليكون مشابها لما يقوم به منتجع شرم الشيخ الذي شهد أهم الاجتماعات وتوقيع أهم الاتفاقيات في المنطقة بل العالم.
وتعد هذه المنطقة من أفضل المناطق في البلاد لإقامة المنتجعات إذ تقع في دائرة منعزلة عن المناطق السكنية المعهودة وخارج ازدحام المدن ما يوفر لها خصائص انتقال أفضل ومستويات أمنية أعلى، إذ تدفقت على المنطقة الجنوبية استثمارات ضخمة تقدر بعدة مليارات من الدولارات بعد أن تم تشييد حلبة البحرين الدولية في الوقت الذي يجري فيه مد شارع سريع إلى المنطقة الجنوبية يحتوي على أنفاق وجسور علوية وما زال العمل عليه مستمرا منذ أعوام.
يقام المشروع على مساحة تفوق 500 ألف متر مربع.
وكانت «سما دبي» منحت حصلت على أفضل مشروع للتطوير السياحي في العالم من قبل جوائز السفر العالمي عن مشروع «سلام منتجع وسبا - البحرين» خلال فعاليات الدورة الـ13 لحفل توزيع الجوائز، وتعتبر جوائز السفر العالمي من أبرز الجوائز التي يتم منحها في قطاع صناعة السياحة والسفر العالمي.
ويعد مشروع منتجع السلام الذي وضعت تصاميمه شركة «دي اس ايه اركيتيكتس» منتجعا وطنيا راقيا يعكس فن العمارة والتجربة الغنية التي يتمتع بها المجتمع المحلي ويتولى أعمال المقاولات الرئيسية للمشروع شركة ناس موراي روبرتس.
ويمتاز منتجع السلام بموقع حيوي إذ يقع في منطقة ساحلية بالقرب من حلبة الفورمولا 1 على مسافة لا تتجاوز 45 كلم عن مركز البحرين المالي. ويوفر المشروع مجموعة متكاملة من المرافق والتسهيلات الراقية وتتضمن المرحلة الأولى إنشاء فندق ساحلي يتألف من 280 غرفة فاخرة وسبع فلل فندقية ذات واجهات مائية ومركز مؤتمرات رفيع المستوى تبلغ مساحته 20 ألف قدم مربع بالإضافة إلى 6 فلل سكنية ستقام على جزر خاصة وتضم المرحلة الثانية مجمعا سكنيا ومنافذ للتجزئة ضمن سوق شعبي
العدد 2331 - الخميس 22 يناير 2009م الموافق 25 محرم 1430هـ