لم تكن لعبة الأرقام والاحصاءات والنسب جديدة في ندوة التمييز الثانية (البارحة)، ولم تكن النتائج (الغريبة) غريبة على التصورات الشعبية، ولم يكن الحضور والنبرات الحماسية مستبعدة، ولكن الجديد/القديم في الندوة هو رفع التقرير المستعرض خلالها والذي انجزه مركز البحرين لحقوق الإنسان للجنة الدولية المختصة بتطبيق اتفاق القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري الذي وقعته البحرين في 27 مارس/ آذار 1990، وكان يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات قضائية وتشريعية وإدارية تمنع التمييز وتسليم تقرير بعد سنة من نفاذ الاتفاق، وذلك حسب البند التاسع منه.
وقد طلبت اللجنة من الحكومة تسليم تقارير تتعلق بالتمييز في العام 1991 و1995 و1997 و1998 ولم تسلم البحرين تقريرها إلا في العام 1999. وندوة البارحة اعادت الذاكرة إلى ذلك العام (1999) الذي دمجت فيه أربعة تقارير في تقرير حكومي واحد ركز على التنمية الاقتصادية والبشرية والتسامح الديني مع الديانات غير الإسلامية والنصوص القانونية والدستورية التي تحظر التمييز، الأمر الذي حث اللجنة على مطالبة الحكومة بتقديم نماذج من التطبيق العملي لفقرات الاتفاق الدولي وعدم الاكتفاء بعرض النصوص بل وطالبتها بنشر تقريرها على عامة الشعب.
وما بعث على القلق ان السيناريو ذاته تكرر في العام 2000 إذ لم تسلم الحكومة تقريرها ولم تسلمه في العام 2001 أيضا ومن المفترض ان تسلم تقريرها في العام 2003 ولم تسلمه بعد.
وما يميز هذه اللجنة انها تقوم باعتماد تقارير المنظمات غير الحكومية وبناء حكمها على هذا الاساس، في حال عدم تسليم الأنظمة تقاريرها أو التأخر في ذلك.
والسؤال: لماذا تتأخر البحرين بشكل كبير في تسليم تقاريرها مادامت تطبق ما نص عليه دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان؟
ربما تطفح بعد عقد الندوة تصريحات من قبل البعض باتهام الجهات المنظمة بالرغبة في اثارة النعرات والحساسيات، إلا اننا نتمنى ألا تأخذ القضية بعدا سياسيا بالدرجة الأولى، إذ إن التمييز قضية حقوقية - انسانية نفرت منها الاديان السماوية والمواثيق الدولية والفطرة الإنسانية.
المتوقع الآن ان تستثمر الحكومة الندوة بالمسارعة إلى تسليم تقريرها للجنة، ونتمنى ان تخترقه لعبة الأرقام والحقائق، وان يعرض علينا كما عرض تقرير البارحة لتتضح الرؤية وليُزال الضباب
العدد 406 - الخميس 16 أكتوبر 2003م الموافق 19 شعبان 1424هـ
شكرا لك اخت زينب
اشكرك على هذا التقرير واتمناء لك التوفيق في عملك الرجولي