العدد 411 - الثلثاء 21 أكتوبر 2003م الموافق 24 شعبان 1424هـ

طوارئ «العسكري»... إنسانية أم تجارية؟!

سقط ابنها البالغ من العمر عامين، مغشيا عليه بعد أن شجت جبينه زاوية حادة جعلت الدماء تنزف بغزارة من جرحه العميق... وإذ كان زوجها خارج البيت وهي لوحدها، لم تتمالك الأم (الصغيرة) نفسها وهي تنظر إلى ابنها (البكر) مسجى على الأرض، أخذت تصرخ وتلطم رأسها بشدة حتى تناهى صوتها إلى مسامع عم الطفل وزوجته، فجاءا يهرولان إلى بيتها وانتشل العم ابن اخيه ورشح وجهه بالماء حتى افاق الطفل غير ان الدم لايزال ينزف بشدة، فما كان من العم وزوجته إلا أن أخذا الطفل بالسيارة إلى المستشفى، ولانهم يقطنون مدينة حمد كان اقرب مستشفى إليهم هو المستشفى العسكري، فقد توجه العم مباشرة إلى قسم الطوارئ في المستشفى العسكري وانزل الطفل ملطخا بدمائه على اسرة الطوارئ. وهنا وقعت المأساة... لما طلبت الممرضة من العم ادخال اسم المريض في (الكونترول) تذكر أنه لم يحمل معه اية نقود! فما كان منه إلا أن طلب من موظف (الكونترول) تسجيل اسم المريض واعدا اياه بجلب المبلغ بعد الاطمئنان على حال الطفل، المفاجئ في الأمر ان الموظف والممرضات رفضوا معالجة الطفل قبل تسديد مبلغ الدخول (5 دنانير) وكأنه جاء لمشاهدة فيلما سينمائيا، وعلى رغم ثقل الموقف و«لا انسانيته» تمالك العم نفسه واخذ الطفل بكل هدوء من على اسرة الطوارئ «التجارية!» متوجها بسرعة إلى مركز مدينة عيسى الصحي الذي قام ممرضوه «مشكورين» بخياطة جرح الطفل ومداواته بكل عناية مقابل 200 فلس (لم يجبر على دفعها في وقتها).

وتقول زوجة العم التي كانت برفقة الطفل انها شاهدت المنظر نفسه تماما مع رجل آخر كان ابنه على وشك الموت، وخرج من المستشفى خائبا لانه لم يكن عسكريا ولا يحمل نقودا أو «تذكرة دخول»!

رجع الطفل إلى امه معصب الجبين: وبقيت اسئلة حائرة على قسمات وجه الأم تنتظر الاجابة ممن يهمه الأمر.

ماذا لو مات ابني؟ ماذا لو مرض الفقراء؟ ماذا ينقص موازنة المستشفى؟ وأخيرا، هل فرض علينا الدخول في عالم المتاجرة بالارواح؟

حسن منصور حسن

العدد 411 - الثلثاء 21 أكتوبر 2003م الموافق 24 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً