في بداية انتخابات المجالس البلدية، كان البعض لديه تصورات خاطئة عن المهمة الاساسية لعضو المجلس البلدي، إذ ساد الاعتقاد لدى هؤلاء أن مهمة العضو ستكون شاقة ومتعبة للغاية مثل متابعة عمال النظافة بالشوارع وما سواها من المهمات التي تتطلب مجهودا عضليا، لذلك احجموا عن ترشيح النساء لهذا المنصب، ولكن مع مرور الوقت زال هذا الالتباس.
المشكلة الآن عند بعض الأعضاء المنتخبين في فهم طبيعة مهمتهم فمنهم من يعتقد أن المكان الذي أوصله الناخبون إليه هو فرصة لممارسة اقتناص الافكار والمشروعات من الآخرين وان ينسبوها إلى ذواتهم وعبقرياتهم الفذة، لغاية في أنفسهم وللترويج الإعلامي عن انجازاتهم من دون وجه حق أو جدارة تزويرا للحقائق وخداعا للبسطاء من الناس.
البعض الآخر يتصرف بعد انتخابه على أساس أنه منظر عقائدي وفكري وفيلسوف وسياسي فذ، ويتحرك بين الناس بهذا المفهوم - ناسيا أو متناسيا انه عضو في مجلس معني بالاهتمام بخدمات المواطنين بالدرجة الأولى، ولا يمثل جهة تشريعية سياسية (مثل مجلس النواب) بل ويعتقد أنه أفضل من النواب وانشط منهم ويستحق راتبا اعلى... كذلك! بل ويمتلئ قلبه حسرات على الهبة المالية التي منحت للنواب ولم تمنح له - فبينما الناس مشغولون بشرعية تلقي النواب لهذه المنحة، نجد الأخ مشغولا بأنه الأولى بها!
يفهم بعض أعضاء المجلس البلدي دورهم أن يبرزوا كمعارضين بقوة ليكتسبوا الصدقية بدلا من أن يتفانوا في خدمة من انتخبهم وعول عليهم الآمال الكبار لرفاهيته وراحته.
البعض الآخر يرى نجاحه في العمل المنفرد بمعزل عن التنسيق الجماعي لخدمة الناس، إما لعدم قدرته على التجانس مع نظرائه من الأعضاء او لاحساسه بأنه اعلى من مستوى البقية، أو لأنه لا يعرف كيف يعمل بروح الفريق الواحد. (وهذا أمر يتطلب إعادة تأهيل ليصلح حاله).
بعض الأعضاء بالمجلس البلدي وللأسف ينحصر دوره في التذمر على صفحات الصحف يوميا من أن لا احد يستجيب لأطروحاتهم واقتراحاتهم وهذا دليل العجز عن الإقناع للآخرين.
مع الأسف يعتقد بعض أعضاء المجلس البلدي ان اقتراحاته داخل المجلس ملزمة لباقي الأعضاء، على رغم وجود آلية التصويت على المقترحات، بل إنه يقيم الدنيا إذا لم يستجب المجلس لبعض مقترحاته، ولا يقعدها بل قد يلجأ إلى تحريض المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بعدم التعاون مع المجلس وتجاوزه في تنفيذ مشروعات من اختصاصه! عجيب حقا أمر هؤلاء لا يتوانون عن إفساد مهمة المجلس انتصارا لمصالحهم وحدهم من دون سواهم.
في نهاية المطاف نقول إن كثرة مشكلات المجلس البلدي التي يتسبب بها الأعضاء، جعلت المواطنين ينشغلون بهذه المشكلات بدلا من أن ينشغل الأعضاء الأفاضل بمشكلات الناس. ولا يسعنا هنا إلا أن نهمس إلى هؤلاء البعض من اعضاء المجلس البلدي قائلين: إما أن تقوموا بالدور الذي انتخبكم الناس لأجله وإما أن تتركوا أماكنكم هذه لمن يعرف كيف يسخرها لخدمة ونمو وازدهار مملكتنا الحبيبة... وتطوير الخدمات التي تقدم للناس... في هذا العهد الزاخر بالإنجازات والحريات، بعيدا عن مشكلاتهم المفتعلة، وكفى الله المؤمنين القتال.
ناصر أبوعمر
العدد 411 - الثلثاء 21 أكتوبر 2003م الموافق 24 شعبان 1424هـ