اختتم المنتدى الثاني للمواصلات والطرق تحت عنوان «نقل الركاب والبضائع في الدول العربية خبرات وتحديات واستشراقات مستقبلية» والذي ينظمه مركز دراسات المواصلات والطرق بكلية الهندسة في جامعة البحرين بالتعاون مع اللجنة العامة للسلامة على الطريق والاتحاد العربي للنقل البري، إذ تم استعراض تجارب الدول المتقدمة في مجال النقل وكذلك وضع النقل في الدول العربية.
وقال رئيس قسم هندسة المرور والتخطيط بوزارة الإسكان والأشغال عبدالنبي الصباح في ورقته التي قدمها بعنوان« تحديات النقل في البحرين والرؤى المستقبلية»، إن «البحرين بلد صغير يعيش فيه 650 ألف نسمة وسيصل إلى مليون نسمة مع حلول العام 2020 وتبلغ المساحة التي يسكنها السكان في المملكة حوالي 716 كيلومترا مربعا، كما تبلغ نسبة النمو السكاني في البحرين 3 في المئة سنويا، ويبلغ طول شبكة الطرق فيها نحو 9 ألاف كيلومتر والتي تعمل بكامل طاقتها، ومع ذلك توجد إزدحامات في بعض التقاطعات على هذه الشبكة، التي تعمل بما يفوق طاقتها ومع هذا الازدحام المتزايد فالأمور ستزداد سوءا».
وأضاف الصباح ان الوزارة تمتلك رؤى جديدة للاستشراقات المستقبلية لواقع الحركة المرورية في البحرين والتي تحتاج إلى استثمارات كبيرة من اجل تحديث شبكة الطرق، مؤكدا أن تحديث الحركة المرورية يحتاج إلى مواجهة الطلب المتزايد في مقابل العرض الموجود.
وأشار الصباح إلى أن «المشكلة التي لابد من الإلتفات إليها ببالغ الأهمية هي أن معظم سكان البحرين يعيشون في الجزء الشمالي وأن جميع الإرباكات المرورية تحدث في هذا الجزء، وقد ساعد على ذلك الزيادة المطردة في عدد المركبات إذ تبلغ نسبة الزيادة 5 أضعاف في السنة الواحدة، فقد وصل عدد المركبات المسجلة في الفترة ما بين 2000 /2001 إلى 260 ألف مركبة بزيادة 6 في المئة بينما ارتفعت هذه الزيادة في العام 2003 لتصل إلى 9 في المئة، إذ تسجل في الشهر الواحد ألف مركبة».
وقال الصباح إن « الوزارة تعمل على دراسة مشروع مروري يسعى إلى تطوير الحركة المرورية في البحرين، وإن هذا التطوير قائم منذ 10 سنوات، إلا أن هذا التطوير لم يكن نشطا وتخلله بعض الثغرات منها تحديث البيانات المتعلقة بالإحصائيات السكانية التي خرجت في العام 2001 كآخر إحصائية رسمية والتي لابد من الرجوع إليها في عملية التطوير وتحديث السياسة المنتهجة في هذه العملية».
وأضاف الصباح عن وزارة الأشغال « نظرة في المشكلة منذ العام 1982 والتي لم تكن جديدة بالنسبة لها، إلا أن العائق كان في تنفيذ التوصيات التي خرجت بها دراسة المشكلة والتي لم تخرج إلى النور».
وتطرق الصباح بعد ذلك إلى أهم التحديات وهو «النمو المتزايد في السيارات الخاصة والتي يمتلكها الأفراد وعزوف الناس عن استخدام النقل العام والذي قد يوفر حلا كبيرا بالنسبة للإزدحامات المرورية لو تم استخدامه بالشكل الجيد».
مشيرا إلى أن « استخدام النقل العام لا يمثل إلا 12 في المئة فقط من إجمالي الاستخدام المحلي بينما حصدت السيارات الخاصة 88 في المئة من الاستخدام ما يشكل ضغطا كبيرا على شبكة الطرق وخصوصا في الجزء الشمالي من المملكة، إذ من المتوقع أن يصل عدد السيارات المسجلة في الأعوام السابقة إلى 400 ألف سيارة، وإن شبكة الطرق تعمل بما يفوق طاقتها ومع النمو الحالي والمتزايد فالأمور ستزداد سوءا».
وأكد الصباح أن « التأخر في حل المشكلة سيؤثر على الحركة المرورية والحركة الاقتصادية وكذلك حركة نقل البضائع وغيرها».
وقد طرح الصباح مقارنة بين سنغافورة ومملكة البحرين من حيث شبكة الطرق والحركة المرورية، إذ إن البلدين متشابهان في المساحة تقريبا مع فارق في عدد السكان والذي تتفوق فيه سنغافور إلا ان تنظيم الحركة المرورية في سنغافورة أفضل بكثير عما هو موجود في البحرين والسبب يعود في ذلك إلى أن الناس في سنغافورة يستخدمون النقل العام بشكل كبير ويقل فيها استخدام السيارات الخاصة للأفراد وبلغ عدد المركبات المستخدمة في سنغافورة 303 مركبات لكل ألف، بما يعادل 23 في المئة فقط يستخدمون المركبات الخاصة للذهاب إلى العمل، وإن نظام النقل العام مجهز وجذاب ويستخدمه نحو 50 في المئة من سكان سنغافورة، وهذا ما تحتاجه المملكة للحد من الإزدحامات المرورية.
وعن فعالية الدوارات المستخدمة بكثرة في البحرين وعلاقتها بالإزدحامات المرورية قال الصباح إن « الدوارات تستخدم في الكثير من المناطق والبلدان وهي تعمل على تنبيه السائق والتخفيف من سرعته أثناء دخوله الدوار وهذا ما لا يمكن أن تقوم به التقاطعات المرورية والإشارات الضوئية والتي قد لا تجعل من السائق يخفف السرعة في بعض الأحيان، إلا إن لكل من الدوارات والتقاطعات أهميتها في بعض المناطق، إذ لابد من دراسة فاعلية الوسيلة المستخدمة قبل تنفيذها».
ومن جانبه قال مدير المنطقة بالشرق الأوسط دي إتش إل البحرين فليب كوتشمان إن «منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق نموا كما أوردته منظمة التجارة العالمية، مشيرا إلى أن الحركة التجارية ليست في نزول بل هي في صعود متواصل منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، إذ إن التجارة زادت أكثر من 200 في المئة مما كانت عليه في السابق، إلا أن التجارة البينية في المنطقة لا تتعدى 2 في المئة فقط من إجمالي التجارة العالمية».
وأكد كوتشمان أن دول الخليج إذا أرادت أن «تحقق أحلامها لابد عليها من جعل التجارة أكثر شفافية وان تعمل على احترام الحقوق الفكرية، وفتح الطرق أمام النقل والمساهمة في تطوير شبكة الطرق »، إذ إن حوالي 80 في المئة من حجم التجارة العربية البينية يتم حاليا بواسطة النقل البري والـ20 في المئة الباقية موزعة على أنماط النقل الأخرى.النقل البري يمثل 80 في المئة من إجمالي حركة النقل».
وتطرق بعد ذلك الى أهداف الإتحاد الخليجي المزمع إنشاؤه إلى توحيد التعرفة الجمركية وكذلك الأسعار وزيادة التجارة البينية بين دول مجلس التعاون، مشيرا إلى أن «هذه الخطوة ستحرر التجارة بين الدول وستجعل المنتج المحلي مدفوعا لتنافس العالمي، وإن الإتحاد الأوربي يرغب في ان يكون هناك وحدة تجارية في الخليج والذي سيفرز عنه الأمن في المنطقة.
وفي ختام المنتدى وبعد أن تم عرض التوصيات قال مدير مركز دراسات المواصلات والطرق عبدالرحمن الجناحي إن» التوصيات التي تم استخلاصها من هذا المنتدى سيتم عرضها على المسئولين في الدولة ومن لهم علاقة بالسلامة المرورية من خلال الجلوس والحديث معهم، مؤكدا أن مركز الدراسات ما هو إلا جهة أكاديمية معنية بإعداد الدراسات وليست جهة تنفيذية، وما علينا سوى توصيل هذه التوصيات لهم، ولن نكون متفائلين كثيرا في تحقيق جميع التوصيات ونتمنى أن يتم تحقيق بعضها».
خلاصة وتوصيات المنتدى
1- المواصلات العامّة خيار لابد منه، لذلك يجب تشجيع عامة المقيمين على استخدام النقل العام من خلال تغيير نظرة المجتمع الدونية تجاه هذه الوسيلة كوسيلة آمنة للنقل.
2- يجب الأخذ بمبادئ التخطيط الشامل في حل المشكلات المرورية بحيث يكون التخطيط المروري جزءا من التخطيط الشامل وليس تبعا له.
3- أهمية صوغ الخطط والقوانين المتعلقة بالنقل العام بصورة كلية وذلك بدعم البنية التحتية والتشريعات الحكومية لمشروعات النقل.
4- مراعاة التطورات الاقتصادية الحديثة وتأثيرها على وسائط النقل العام.
5- مراعاة السلامة المستدامة في جميع البدائل المتاحة في المواصلات العامة.
6- اعتبار وسائط النقل العام من أساليب المحافظة على البيئة.
7- اعتماد المواصفات التشغيلية عالية الجودة في وسائط النقل العامة.
8- اختيار المركبة التي تناسب طبيعة الطرق كذلك سعة الطرق وعدد الركاب المستخدمين للمركبات.
9- تسهيل انتقال الحافلات العاملة في نقل الأفراد عبر المعابر بين البلدان.
10- توفير حوافز للشركات العاملة في نقل الركاب والبضائع مع تشجيع الحكومات لهذه الشركات.
11- الاستفادة من أدوات التقنية الحديثة مثل أنظمة التعقّب في وسائط النقل العام.
12- اعتماد البحث العلمي في حل المشكلات المتعلقة بنقل الأفراد والبضائع
العدد 412 - الأربعاء 22 أكتوبر 2003م الموافق 25 شعبان 1424هـ