عبدالرحمن عبدالله: الصيام وصية والدتي مدير إذاعة البحرين سابقا عبدالرحمن عبدالله يتحدث عن ذكرياته البعيدة عن أول يوم صامه في حياته عندما كان صغيرا، وعندما كانت الظروف غير الظروف، فيقول: «أول يوم صمت فيه كنت في الصف الثاني الابتدائي، كانت والدتي تحثني دائما على الصوم، وتؤكد ان الصيام سيجعل الله سبحانه وتعالى يرضى عني، ومن شدة اهتمام والدتي وحرصها على صيامي وخوفها من عقاب رب العالمين لي إذا أنا لم أصم، كانت تحدثني دائما عن الصيام ما جعلني أشعر ان هذا الصيام هو وصية والدتي لي».
ويتذكر أول يوم: «كان عمري سبع سنوات، ولأنني الولد الوحيد، كان يجب أن أثبت لشقيقاتي انني لست صغيرا، وانني رجل أستطيع الصوم، وهذا ما جعلني أواصل الصيام، على رغم إحساسي بالتعب الشديد، لاعتقادي أيضا ان بدء اليوم بالصيام، أفضل من البداية بالصوم ومن بعد ذلك التراجع في منتصف النهار والإفطار بداعي الجوع أو العطش أو التعب، كنت أجد ان عقوبة الذي يصوم ويفطر حتى ولو كان معذورا كبيرة عند رب العالمين، ولذلك أصررت على مواصلة الصوم حتى يومنا هذا».
عمليات غزو المطبخ والأم عندما ترأف بأبنائها
الحديث عن أول رمضان يصومه الفرد منا، لابد أن ينعطف على الصعوبات والقسوة التي واجهها في تلك الأيام، وكذلك التحدي ليكون فردا من الكبار في هذا المجتمع. هاني اللؤلؤ يروي قصته مع أول رمضان يصومه بقوله: «أتذكر اني بدأت الصيام في الصف الثالث الابتدائي، وفي هذه الفترة كنت أصوم (نصف اليوم)... الوالدة (رحمها الله) كانت تطبخ وتنشغل في الطبخات المتعددة، وكنت أستغل انصرافها عن المطبخ وأنسلُّ إلى الداخل وأسرق الكباب وكل ما أستطيع أن أخبئه. وعند حلول وقت الظهيرة نوقف «العمليات العسكرية» في «غزو» المطبخ ونلتزم بالصيام. وقبيل أذان المغرب أشرب العصير والماء، ولا يأتي وقت الإفطار إلا كأنني لم أمتنع سويعات عن الطعام، ومع ذلك أجلس مع الأهل وآكل أكثر مما يأكلون».
ويواصل اللؤلؤ «وفي الصف الرابع الابتدائي تطور الوضع وصمت ثلاثة أرباع اليوم، ولا أنسى انني صمت بعض الأوقات يوما كاملا، ولكنني في المساء أعوض الصيام بالأكل الكثير».
ويعلل اللؤلؤ موقفه وقيامه بالأكل بقوله: «عندما صمت لأول مرة، كان الجو حارا والأذان لا يرفع إلا متأخرا، فكيف بنا أن نتحمل الصيام ليوم كامل، ومع قيامنا بالأكل في شهر رمضان في تلك الأيام فإننا نجوع أيضا، أما الآن فحتى الأطفال باستطاعتهم الصيام لبرودة الطقس وقصر اليوم».
وإذا تركنا اللؤلؤ، فإن لجاسم آل منسي حكاية أخرى مع أول رمضان، إذ ابتسم وأجاب «في أول رمضان صمناه لم يكن الأذان يرفع إلا وبطوننا مليئة بالأكل، وكان اخوتي والوالدان يعرفان بقيامي بالأكل بين فترة وأخرى، لأن الحرارة وطول اليوم شيء لا يحتمل.
أول أيامنا مع رمضان كانت بمثابة التدريب على الصيام، بمعنى آخر، كانت الوالدة «تهرّب» لي الأكل من حين إلى آخر، وفي بعض الأحيان أقوم بالأكل على وجه العلن. ويستمر آل منسي «أذكر عدة مقالب وقعت في أول رمضان منها في المسجد مثلا، فقبل أن ينتهي المؤذن من قول الله أكبر كانت الأواني التي توضع في خارج المسجد تنظف بالكامل إلى درجة أنها لا تحتاج إلى ماء لغسلها (...) ولا أنسى انني كنت أساعد الوالدة في الطبخ، ولو أنني كنت أرمي من وراء ذلك إلى مآرب أخرى، ولكن تلك الأيام لا تنسى»
العدد 421 - الجمعة 31 أكتوبر 2003م الموافق 05 رمضان 1424هـ