العدد 439 - الثلثاء 18 نوفمبر 2003م الموافق 23 رمضان 1424هـ

فرنسا تعارض الانسحاب الأميركي المتعجل من العراق

الخطوة الأميركية في تسليم مسئوليات الحكم رسميا وفعليا وبشكل كامل إلى حكومة عراقية جديدة تمثل السيادة ومعترف بها عربيا ودوليا، وفي إطار جدول زمني معلن تعد استجابة للطروحات الفرنسية ومساعيها الدبلوماسية. وبالتأكيد إن هذه الخطوة تجد ترحيبا من جانب باريس، هذا على الأقل ما تشيعه أوساط سياسية عراقية ومثقفون وثيقو الصلة بفرنسا، وأمضوا سنوات معارضتهم للنظام السابق في فرنسا وأوروبا.

ولكن هذه الأوساط تؤكد أن فرنسا التي عارضت الاحتلال الأميركي ورفضت منح مشروعية من مجلس الأمن لحرب أميركا على العراق ترفض الانسحاب الأميركي السريع من العراق، بل وتحذر من مخاطره. وتنقل هذه الأوساط عن دبلوماسيين فرنسيين، ان باريس تشعر بالقلق من احتمالات هزيمة عسكرية لأميركا في العراق. وترى أن مغادرة الجيش الأميركي العراق قبل أن تهدأ الأوضاع فيه ويعم الاستقرار من شأنه أن ينشر الفوضى العراقية إلى سائر أرجاء المنطقة الأمر الذي يؤثر على الأمن الأوروبي المرتبط من الناحية الاستراتيجية بالأمن في جنوب المتوسط.

وتقول المصادر إن فرنسا ترى أن هزيمة أميركية في العراق من شأنها أن ترفع أسهم الإرهابيين والأصوليين في العالم بأسره. كما أن استمرار الاحتلال الأميركي للعراق من شأنه أن يلحق بالمنطقة والعالم المزيد من حال السيولة الدولية والفوضى التي لا يمكن حصرها في نطاق جغرافي محدد. وبحسب المصادر فإن باريس قلقة إزاء تطورات الأوضاع المتسارعة في العراق.

وعلى رغم ترحيب باريس بالخطوة الأميركية الجديدة فإن إرجاء إقامة حكومة عراقية انتقالية تملك السيادة إلى صيف العام المقبل يبدو أجلا متأخرا لا يتناسب مع تسارع التطورات في العراق. وكانت طموحات باريس أن ينتهى من وضع الترتيبات السياسية للعراق على نحو مشابه لذلك الوضع الذي أوجدته الأمم المتحدة في أفغانستان؛ وذلك مع نهاية العام الحالي.

وترى المصادر أن ثمة تشددا فرنسيا لضرورة ضمان انتقال السيادة إلى العراقيين على أسس تنتهي من الأخطاء التي وقعت فيها سلطة الاحتلال خلال الأشهر الماضية، وخصوصا ما يتعلق منها بنظام المحاصصة المذهبي والعرقي، على رغم تشاؤم الدبلوماسيين الفرنسيين في هذا الخصوص لجهة انه لا يمكن لأي نظام قادم مهما كان مستقلا ألا يأخذ في الاعتبار لدى تشكيل أية حكومة «المحاصصة» التي بني عليها المجلس الانتقالي.

وتوضح المصادر نقلا عن دبلوماسيين فرنسيين تأكيد أن باريس لاتزال تجد أن المخرج الوحيد للمأزق العراقي يكمن في العودة إلى الأمم المتحدة. مع ملاحظة أن مضي الوقت من دون التحرك سريعا نحو العودة إلى الأمم المتحدة سريعا من شأنه أن يبدد مثل هذا المخرج. إذ إن تزايد أعداد قتلى الجنود بين قوات التحالف لابد أن يدفع الكثير من الدول إلى عدم سوق قواتها إلى العراق حتى لو كان مثل هذا السوق جاء تحت راية أو قبعة الأمم المتحدة

العدد 439 - الثلثاء 18 نوفمبر 2003م الموافق 23 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً