منذ نعومة أظفارنا، حين كنا أطفالا صغارا في المرحلة الإبتدائية، كنا نشعر بالتناقض بين ما نُلَقَّنَهُ من تعاليم وأحكام عبر مناهج التربية الإسلامية، وبين ما نمارسه في حياتنا الواقعية.
لقد مرّ على تجربتي مع التعليم أربعة أعوام، أي أن عشرين عاما أو تزيد تفصل بين طالب الابتدائية بالأمس، والمعلّم في هذه المرحلة اليوم. بيد أن المشكل هو هو، لم يتغير، ذات المناهج وذات التعارض!
أيعقل أن يدرس الطلبة أحكاما تتعارض مع مذهبهم؟ ما الضير في أن يعرف الطلبة منذ البداية أنهم إخوة في الدين والمصير لكنهم يختلفون في بعض الجزئيات والتفاصيل؟ لماذا لا تضمن المناهج الدينية المقررة أحكام المذاهب الإسلامية الخمسة؟ أليس هذا من شأنه أن يربي الأجيال على احترام الاختلاف؟ أليس احترام سنة الاختلاف هو السبيل الأوحد لتجفيف منابع التعصب والتطرف؟
قد يقول قائل: ما لكم تتبرمون دائما؟ ألم يقترن تدشين المشروع الإسلامي بفتح معهد باسم مذهبكم الجعفري؟
نقول: إننا نتفهم فرح المظلوم طيلة عقود سلفت، لكن هذا الفرح لا يجب أن يحجب أعيننا عن رؤية المسألة من جميع أبعادها، إذ إن القصة ليست قصة مذهب أو طائفة، إن المسألة الأهم من كل ذلك هي مصلحة الإسلام والوطن قبل كل شيء.
إن وجود معهد ديني لكل طائفة من شأنه أن يعقّد المشكلة بصورة أكبر، لأن المتوقع أن تكون المناهج الدراسية أحادية المضمون والشكل، وطبعا ستكون الهيئة الإدارية والتعليمية والطلبة من طائفة واحدة، وربما من تيار واحد! أهناك تكريس للطائفية أكثر من هذا؟
إن المعاهد الدينية المتعددة بقدر ما ستعزز من كل مذهب على حدة، فإنها ستعمق الفجوة - في ذات الوقت - بين أبناء هذه المذاهب.
أمنياتنا ألا يحمل الاقتراح برغبة النائب «السعيدي» محمل الجد، فنقتصر على تدريس مذهب الإمام مالك في مدارسنا، كي لا نضطر لفتح معهد «شافعي» وآخر «حنبلي».
جعفر صفوان
العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ