قدم نيلسون مانديلا الاسبوع الماضي رؤية جديدة عن سنوات سجنه في جزيرة روبن بينما يكشف النقاب عن آخر عمل فني له للبيع من أجل جمع أكثر من 5 ملايين جنيه استرليني للعمل الخيري.
عرضت المخططات الوصفية الادبية بواسطة الرئيس الجنوب إفريقي السابق للبيع بواسطة صالة فنون في لندن لجمع المال لمؤسسته الخيرية التي تساعد الايتام ومرضى الايدز في البلاد.
وقال الرجل الحائز على جائزة نوبل للسلام (85 عاما)، في تعليقات بخط يده مصاحبة لصوره انه يتذكر الآن «اجنحة المستشفى القاسية» في السجن سيئ السمعة «بكل فخر» لذلك مخططه الأولي «مليئ باللون البهيج». وقضى مانديلا سبعة عشر عاما في اقصى سجن امنى لنظام التفرقة العنصرية قبل ان ينقل إلى سجن في البر الرئيسي للبلاد.
وتتضمن مجموعة اللوحات طبعات صور فحمية مرسومة بالمرقم للجناح، الذي يظهر المستشفى الذي يستخدم كنقطة بؤرية للسجناء. وهناك 350 طبعة محدودة لكل لوحة ويبدأ السعر فيها من 2,950 جنيه استرليني لكل لوحة.
وتصور لوحة أخرى السلك الشائك الملفوف امام برج مراقبة الحرس البرتقالي اللون والساحة الجرداء التي يلعب فيها السجناء التنس في ذلك السجن البغيض.
وتلازم الصور ذكريات مانديلا المكتوبة بخط يده في تلك الجزيرة. إذ وصف المستشفى بانه «حلقة الوصل الاساسية بيننا وبقية العالم» إذ تمرر اخبار العالم الخارجي من خلاله إلى النزلاء. واضاف «اليوم اتذكر اجنحة المستشفى القاسية بفخر. هذه الذكريات، بمثل هذه اللوحات أصبحت مليئة بالألوان المبهجة». وكتب مانديلا عن لعب التنس في السجن قائلا «انه لشعور غريب الاستمتاع بمثل هذه اللعبة الحضارية في مثل ذلك المكان غير الحضاري».
وقالت مالكة صالة بلغارافيا للفنون في لندن التي تعرض اللوحات، آنا هنتر «اعتقد ان ما يميزه هو انه قادر على رؤية رموز الطغيان والاضطهاد بضوء ايجابي. انه شاهدها في تلك الآونة وانه يراها الآن»، وقالت ان برج المراقبة المهيب ربما يثبت شعبية أكثر: «انه برتقالي ومدهش للغاية. انها صورة عجيبة في الواقع».
وقال الناقد الفني، ريتشارد فيتزويليام، إن اختيار مانديلا لالوان حيوية ودافئه يعكس رسالته المفعمة بالأمل. واضاف فيتزويليام «ان استخدام لون فاتح يعتبر رمزيا. إذ إن الألوان يمكن ان تكون أكثر غموضا مما كانت عليه. لقد سجن في جزيرة روبن لمدة 17 سنة، إذ يعتبر كثير من الناس ان تلك التجربة كانت كئيبة ويرغبون في نسيانها».
بالنسبة لمانديلا تعتبر الجزيرة العالم الصغير للكفاح الكبير ضد التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا.
تستخدم جزيرة روبن، الواقعة على بعد ثمانية اميال من شاطئ كيب تاون، سجنا لشخصيات المعارضة السوداء، منظمو الاتحادات ونشطاء المليشيات. واطلق سراح مانديلا فعلا في العام 1990 وتم انتخابه رئيسا لجنوب إفريقيا في أول انتخابات متعددة الاعراق في العام 1994.
ونال جائزة نوبل للسلام بالاشتراك في العام 1993 لحملته في انهاء الحكم الوحيد للبيض. وجاءت اللوحات الجديدة عقب نشر مانديلا لأول مسلسلة له العام الماضي التي تتضمن الزنزانة والمنارة.
وسيذهب ريع المبيعات من هذه الأعمال إلى مؤسسة نيلسون مانديلا التي تساعد الاطفال الايتام والمشردين ومرضى الايذر في جنوب إفريقيا.
أندريو غرايس
اختلف طوني بلير وجاك شيراك بشأن مستقبل العراق أمس الأول، على رغم محاولتهما القيام بجهد منسق مشترك «للمضي قدما» وتلافي نزاعهما المرير المتعلق بالحرب. ففي أول قمة رسمية لهما منذ الحرب على العراق، اضعف العرض المتعمد بالوحدة العامة عندما أعلن الرئيس الفرنسي ان الخطة الاميركية بشأن العراق لا تهدف لتسليم السلطة للعراقيين بسرعة كافية ودعا إلى ان تلعب الأمم المتحدة دورا أكبر في إعادة بناء الدولة.
إذ يرغب شيراك ان ينتهي احتلال العراق من قبل قوات التحالف بأسرع وقت ممكن وان يرى تسليم السلطة مراقب بواسطة ممثل خاص للأمم المتحدة. ويعتقد الرئيس الفرنسي ان هذا يزيل المخاوف وسط العراقيين العاديين من ان الممثلين العراقيين الذين يعملون مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مقيدون للغاية بسلطات الاحتلال. وقال مصدر حكومي فرنسي «لا يبدو ان هؤلاء الممثلين يتمتعون بنفوذ. ولا يظهر انهم شرعيون. انهم بحاجة إلى نفوذ أكبر موثوق به».
وكان بلير متحمسا للموعد الجديد الموضوع من قبل الولايات المتحدة، والذي ستنصب فيه إدارة عراقية انتقالية بحلول يونيو/ حزيران العام المقبل، تتبعها انتخابات لتكوين حكومة جديدة بنهاية العام 2005.
يقول المحللون ان الإدارة ستكون معينة بواسطة الولايات المتحدة ولن تستطيع مقاومة موجة الهجمات على قوات التحالف لانها لن تستطيع كسب ثقة الشعب العراقي.
وقد دفع تدخل شيراك مرة أخرى بلير إلى وضع صعب في محاولة لسد الثغرة بين الولايات المتحدة وشركاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. من جهة أخرى رحب شيراك في مؤتمر صحافي مشترك مع بلير بعد قمة يوم واحد في لندن بالاتجاه العام للخطط المتعلقة بمستقبل العراق، ولكن اضاف «تبدو لي وكأنها تستغرق فترة طويلة. تبدو لي سياسية غير مكتملة إلى حد ما». ووصف الوضع في العراق بانه «ليس سهلا» وأضاف الرئيس الفرنسي ان دور الأمم المتحدة «لم يحدد بوضوح كما ينبغي ان يكون».
وتهدد الخلافات بشأن العراق بعد الحرب جهودا حثيثة من لندن وباريس ترمي إلى دمل جروح عميقة سببها دعم بريطانيا للولايات المتحدة في تدخلها في العراق، ومع ذلك حاول شيراك اعادة بناء جسور مع كل من لندن وواشنطن بعزف سيمفونية توافقية فيما يتعلق بخطط الاتحاد الاوروبي لتعزيز التعاون الدفاعي.
في المؤتمر الصحافي، أكد الرئيس الفرنسي مرارا ان فرنسا ليست لديها مشكلة مع حلف الناتو ووعد بأن الناتو لن تقلل من شأنه تحولات الاتحاد الاوروبي. وفي بيان مشترك، قال رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي إن الاتحاد الاوروبي يجب ان يكون عازما و قادرا على نشر قوة التدخل السريع لديه لدعم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة خلال خمسة عشر يوما استجابه لأزمة ما. يجب ان يكون للاتحاد قوة بحجم عمليات ميدانية تقدر بنحو 1500 جندي.
وعلى رغم ذلك، لم يكن هناك اختراق بشأن القضية الشائكة المتعلقة بما اذا كانت قوة دفاع الاتحاد ستكون لها رئاستها الخاصة في التخطيط وإدارة العمليات، وهو توجه يجد معارضة قوية من الولايات المتحدة التي ترغب ان تعتمد اوروبا على حلف الناتو. واعتراف شيراك بأن هناك عدم ثقة في الماضي بين بريطانيا وفرنسا، موضحا انه يريد تفاهما جديدا للثقة المتبادلة.
واضاف الرئيس الفرنسي، معربا عن الثقة بانهما سيتوصلان إلى اتفاق عن الدفاع «اذا حاولنا وعملنا معا كشركاء، ولكن لم تكن هناك ثقة بيننا فربما نفشل، وعندما نثق ببعضنا بعضا سنجد بالتأكيد حلا ببساطة هكذا. نحن عازمون اليوم على إظهار ان هناك ثقة بيننا وسنخلص انفسنا من عدم الثقة وهذا ما يجعلني اعتقد اننا سنجد حلا». وأوجز بلير وشيراك خططا للاحتفال بالذكرى المئوية العام المقبل لكورديال الوفاق، وهي علاقة دبلوماسية بدأت في العام 2004 لدفن الخلافات بين بريطانيا وفرنسا وخصوصا بشأن حكم دول النيل العلوي المتنازع عليه.
وأعلنا ان الملكة ستقوم بزيارة رسمية إلى فرنسا في ابريل/ نيسان المقبل، مع زيارة الرد بواسطة شيراك فيما بعد. وستحضر الملكة وبلير احتفالا في فرنسا في يونيو/ حزيران المقبل لاحياء الذكرى الستين بسطة يوم الصفر.
وأكد بلير أن الاتحاد الاوروبي يعمل عسكريا فقط عندما لم يتدخل الناتو قائلا «سيظل الناتو حجر الزاوية لدفاعنا». وجزم ان بريطانيا تستطيع التمتع بفوائد تحالفها مع الولايات المتحدة واوروبا، مضيفا «ليس هناك خيار بين علاقتنا الاميركية عبر الاطلسي وتقوية وضعنا في اوروبا. دولة متزنة في مطلع القرن الحادي والعشرين ذات مصالح متبادلة مع الجميع».
ينشر المقالان بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية
العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ