العدد 454 - الأربعاء 03 ديسمبر 2003م الموافق 08 شوال 1424هـ

بصيص أمل لسلام الشرق الأوسط

وفقا لاستطلاع للرأي نظمته الصحيفة الاسرائيلية اليومية «هآرتس» فقد اطلق الجمهور الاسرائيلي الصفات الآتية على الشخصيات التي تقف خلف اتفاق جنيف الذي تم الاحتفال به أمس الاول: سذج: 15 في المئة، سياسيون: 23 في المئة، مخربون: 26 في المئة، وطنيون: 19 في المئة.

طبعا تلك المصطلحات ليست حصرية بالتبادل او حتى في سياق النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني، خصوصا تلك الالفاظ التحقيرية، فلربما كان مقدار معين من السذاجة والتخريب مطلوبا لدفع الامور وراء القبول باستمرار دورة العنف. وبلا شك تستحق الشخصيتان اللتان كان لهما الدور الرائد في اتفاق جنيف - وزير العدل السابق يومسي بيلين في الجانب الاسرائيلي والمسئول الفلسطيني السابق ياسر عبدربه - الثناء الجزيل من أولئك الذين يتوقون لسلام دائم في المنطقة.

ان الدعم وحسن النية من المجتمع الدولي لاتفاق جنيف تجلى في الدعم الممنوح من قبل نيلسون مانديلا، جيمي كارتر، ينح فاليسا وشخصيات كثيرة أخرى.

ولم يكن الغرض من اتفاق جنيف من أجل تبنيه كأساس للتسوية من جانب السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، على رغم ان السلطة سمحت فعلا لممثلين عنها بالذهاب الى جنيف لمراقبة نهاية المحادثات.

وظهرت ردات الفعل العدائية من جانب شارون ومن الفصائل الفلسطينية المسلحة عمليا بعد التوصل الى أي اتفاق بين الجانبين. ولكن ما حققه هذا الاتفاق الآن هو انه أظهر لجميع الاطراف المعنية أن التقدم على الاقل على الورق، ممكن ويمكن ايجازه في بعض التفاصيل بما يمكن ان يشكل عناصر جوهرية للاتفاق النهائي. واذا كان لا شيء آخر يذكر، فان الاتفاق جعل بعض الناس في المنطقة يفكرون مرة أخرى في مستقبلهم ومستقبل اطفالهم وجعل الجناح اليساري الاسرائيلي له علاقة مرة أخرى بالتسوية وربما دفع ياسر عرفات وحلفاءه الى اعادة تقييم رفضهم الدخول في محادثات جوهرية عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى موطنهم.

ويجسد اتفاق جنيف بمعنى آخر ما يعتبر منذ سنوات عدة الاساس الواضح لأية تسوية نهائية: حل الدولتين. وفي ذلك السياق فانه غالبا جزء لا يتجزأ من العملية التي بدأت باتفاق أوسلو منذ أكثر من عقد مضى.

ويمكن وضع المحادثات في كامب ديفيد وطابا وخريطة طريق البيت الابيض ايضا في سياق هذه المتوالية.

أما الى أين نجح اتفاق جنيف كمستكشف للسلام يظل في وضع اقتراح تجريبي لطريقة توازن حق العودة للاجئين الفلسطينيين مع الحقائق الجغرافية والاستراتيجية على الأرض وذلك ما قاد الى الفشل في طابا في العام 2000، عندما تم حل كل شيء تقريبا بين ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك يهودا باراك. وهناك جزء من اتفاق جنيف يمكن اعتباره هراء واضحا، مجرد وعد بمزيد من المحادثات ولكن الجزء الآخر منه يعتبر واقعيا يتطلب تنازلات اسرائيلية عن القدس واجراءات عملية لتعويض اللاجئين وانشاء «مناطق دائمة للاقامة لهم» بمصطلح عملية السلام.

وفيما يتعلق بفرص النجاح اعلنت «إسرائيل» في الحال رفضها الخطة بصراحة، بينما رفض عرفات اعطاءها الدعم الرسمي. واعترف بيلين نفسه بأن مبادرة جنيف من غير المحتمل ان تتبناها واشنطن وتحل محل خريطة الطريق التي تعتبر محور السياسة الاميركية، ولكنها مازالت غير فعالة، وبينما تسعى خريطة الطريق الى خلق ظروف مواتية يمكن بموجبها استئناف المحادثات وابرام اتفاق سياسي تتصور مبادرة جنيف تسوية أولا، ومن ثم يمكن ان تقود الى سلام. لذلك يمكن ان تكون العمليتان مكملتين لبعضهما بعضا.

واذا لم يحرز اتفاق جنيف شيئا فانه يظهر ان فكرا جديدا بشأن طريق التقدم الى الامام في المنطقة يعتبر ضروريا وممكنا تماما، وباعتبارها منارة تضيء الطريق الى بديل للوضع العقيم الحالي فان خطة بيلين - عبدربه تمثل انجازا جديرا بالاهتمام.

ينشر المقال بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية

العدد 454 - الأربعاء 03 ديسمبر 2003م الموافق 08 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً