قال المحامي وعضو البرلمان المنحل في العام 75 19 محسن مرهون «إن انتخابات المجلس النيابي في العام 73، كانت تشهد منافسة شرسة بين الكتل وتمخض عن الانتخابات انتخاب 5 ممثلين من التكتل الديني، وإن علاقات العمل البرلماني في تلك الفترة كانت تسير في تخبط كبير والجماعات تعمل ضد بعضها البعض ولم يكن هناك تعاون فيما بينها خصوصا تلك التي كانت بين التكتلين الديني والشعبي».
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي بعنوان «البرلمان في البحرين بين الماضي والحاضر» التي شارك فيها كل من محسن مرهون و النائب عبدالنبي سلمان.
وقال مرهون «إن مايشاع بأن المجلس المنحل كان عبارة عن مجلس واحد معين ويمارس العملية التشريعية، هو خاطيء، والصحيح أنه كان يوجد مجلسان احدهما معين والآخر منتخب، وكانوا يجتمعون في غرفة واحدة، أما الآن فكلا المجلسين المنتخب والمعين يعقدان جلساتهما كل على حد، وكان الأعضاء المعينون في السابق يتوافقون في رؤاهم مع بعضهم البعض وملزمين برأي الحكومة بعكس المجلس الحالي الذي لا يلتزم برأي الحكومة»، مضيفا «بأن صيغة البرلمان الحالي هي أفضل من سابقه، غير أن الصعوبات تكمن في آليات تعديل الدستور، وهذه الاشكالية لا يمكن حلها إلا بالتوافق في داخل المؤسسة البرلمانية».
وأضاف مرهون «إن الخطاب الرسمي الذي تم خلاله حل المجلس بعد عامين من تشكيله، جاء بلهجة رسمية حادة كما لو أنه كان هناك انقلاب في البلد، وجاء ذلك على خلفية الخطوة التي قام فيها تكتل الشعب بصوغ مشروع لقانون العمل وتأسيس وشرعة النقابات، وكانت الصراعات تسود المجلس بشأن إقرار المشروع، وما نوقش من مسائل حساسة تتعلق بالقواعد الأميركية والتسهيلات الممنوحة لها من قبل الدولة واستجواب عدد من الوزراء في ذلك الوقت».
وقال «إن مؤسسة الحكم في ذلك الوقت كانت تسعى لأن تفسح المجال لإنشاء الحياة النيابية على اعتبار أنها تجربة لا مانع من وجودها، غير أنها لاحقا سعت لاجهاض هذه التجربة بعد بروز الطفرة النفطية على الساحة التي كان لها دور كبير في ارتفاع دخول الأفراد، وبالتالي ارتأت المؤسسة الحكومية أنه في ظل الرفاهية التي حدثت بسبب ارتفاع الدخول فلا حاجة للحياة النيابية باعتبار أن الهدف المرجو منها قد حقق»، مضيفا «بأن التكتل الشعبي داخل المجلس اعترض على الزيادات في الدخول التي تجاوزت الضعف، لما لها من آثار سلبية كان الأولى أن يتم استثمارها في البنية التحتية للبلد، وبطبيعة الحال رافق هذا القرار ما يقارب من 36 اضرابا عماليا في شركات البحرين الكبرى طالبين فيها زيادة رواتبهم والتي على اثرها شنت الحكومات اعتقالات واسعة، صدر بعدها تدابير أمن الدولة التي تجيز اعتقال المواطن لمدة 3 سنوات في ظل وجود الدلائل ضده دون محاكمته».
وأوضح «أن القانون يعطي الأمير الحق باتخاذ القرارات نيابة عن المجلس في اثناء عطلته، وبهذا اتخذ الأمير قرار حل المجلس اثناء عطلته وقبل انعقاد الدورة الثانية له بيوم واحد».
من جهته قال عبدالنبي سلمان «إن ظروف المرحلة البرلمانية الحالية جاءت بعد ما عاشه الشعب من صراعات مريرة، ففي السابق كان أحد مسببات ضرب التجربة السابقة هو عدم تبادل الثقة بين كل من الجماهير والحكومة، والتجربة الحالية هي عبارة عن صراع الشعب على مدى 30 عاما التي كان الدافع وراءها هو الفترات المظلمة التي كانت تسود المنطقة»، مضيفا «إن قانون أمن الدولة جاء لقتل الحركة الوطنية والطموحات الشعبية في العمق».
وقال«إن البرلمان البحريني جاء كولادة متعسرة للإرهاصات الاجتماعية التي ألقت بظلالها على الواقع البحريني والانتفاضة الشعبية في التسعينات ما زعزع الثقة مع الحكومة، وبالتالي كان لا بد من إيجاد مخرج لهذه المسالة وليس حلولا وقتية كما حدث في السبعينات، لذلك كان لابد من ايجاد حلولا حقيقية كحل للصراع الحقيقي في العقدين السابقين، إذ إن الحركة الوطنية قدمت شهداء كان المسئول فيها هو قانون أمن الدولة.والانجازان الحقيقية التي جاءت بعد ميثاق العمل الوطني والحركة الاصلاحية جاءت وليدة للزخم الشعبي والمطلب المتمثل في الحكم الدستوري»، مشيرا «إلى أن ما كان يردده البعض بأن الحل هو البرلمان هو مطلب غير مكتمل، وما يثبت ذلك هو المتغيرات التي تدور في المجتمع مثل قانون المطبوعات والنشر والنقابات العمالية التي ما زالت بحاجة لاصدار قرار ينظمها والحكومة في المقابل مازالت غير جادة بهذا الشأن».
وأضاف «يجب أن نتفهم أن العمل البرلماني مازال يعاني من إرهاصات المجتمع الضاغطة التي حتمت أن نكون أكثر عمقا، فقضايا الفساد والتمييز والتجنيس والنقابات مازالت بحاجة إلى حل إلا أنه في الوقت نفسه مازالت هناك قوى في المجتمع ومؤسسات الحكم تعيد الأمور للوراء، وهذا ما دعا إلى الصراع في البرلمان الذي هو جزء من الصراع الحكمي، ويمكن القول إن الظروف التي خلقت البرلمان وقرار المشاركة والمقاطعة كانت المسئولة عن الضياع الحقيقي لكثير من القضايا داخل المجتمع».
وأكد سلمان «أن القضية الدستورية هي القضية المحورية في البرلمان على رغم ما يقال بأنه ليس فاعلا في ظل المطالب الشعبية اليومية التي تضغط علينا كنواب شعب، ومن الواجب ألا ننتظر أن يأتينا الدستور على طبق من ذهب، ومن جانبنا فقد أعددنا التعديلات الدستورية الكفيلة والكتل الأخرى التي تفهمت أخيرا أهمية طرح القضية اعدت سيناريوهاتها هي الأخرى»، مضيفا «بأن العمل السياسي يجب ألا يخضع بالتعويل على نوايا الحكم، وإنما بالعمل الدؤوب».
وأشار «إلى أن دور الانعقاد الأول للبرلمان كان بمثابة جس النبض من كلا الطرفين، الحكومة والمجلس، وقد تكون بدايات الدور الثاني مازالت هزيلة إلا أن الأيام القادمة من عمل المجلس ستثبت أن سيكون من اقوى أدوار الانعقاد»
العدد 459 - الإثنين 08 ديسمبر 2003م الموافق 13 شوال 1424هـ