العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ

صيادو «القرية» يطالبون بمرفأ ومحاسبة «أعداء البيئة»

طالب صيادو قرية «القرية» في جزيرة سترة المسئولين في الدولة بتخصيص مرفأ دائم لبحارة القرية، مزود بالتجهيزات كافة، ووقف عمليات الاســـتيلاء على الأراضي أو تحويلها إلى أملاك خاصة، أو تأجيرها، في المنطقة التي تدخل ضمن المنطقة الصناعية في سترة، على اعتبار أنها المنفذ الوحيد لصيادي المنطقة، كما طالبوا بمحاسبة المصانع والشركات القريبة من المرفأ الحالي واتخاذ إجراءات ضدها، نظير ما تقوم به من أعمال منافية للأساليب الصحيحة والمتعارف عليها عند رمي المخلفات، ولاسيما السامة منها والقاتلة والمدمرة للبيئة البحرية، وضرورة تخصيص أكبر رقعة ممكنة من الأراضي المطلة على البحر لممارسة مهنة الصيد ولأغراض الترفيه العائلي.


أول مرفأ في سترة يغرق بين مخلفات الإسمنت والديزل

أهالي سترة يعتصمون احتجاجا على تمليك مدخل الساحل وردمه

سترة - هاني الفردان

احتج العشرات من صيادي أهالي قرية (القرية) بجزيرة سترة مساء أمس في الاعتصام الذي نظمه الأهالي مساء أمس على عملية الردم المستمرة لسواحلهم والسعي لتمليكها لأشخاص بدلا من وضعها ضمن الأملاك العامة التي تعود بالمنفعة على الناس جميعا وخصوصا أهالي المنطقة وصياديها، ما حدا بهم القيام بالمطالبة الجادة بتحويل هذه الأراضي والسواحل إلى ملكية عامة واعتبارها سواحل لجميع الناس ولا تخص أحدا ومنع أي استملاك شخصي لها، والعمل على الاستمرار في المشروع الذي وُعِدَ به الأهالي من قبل بتحويل هذه المنطقة إلى مرفأ بحري يخدم أهالي المنطقة وصياديهم، بدلا من تمليكها لبعض المتنفذين وحرمان الأهالي من الاستفادة من الساحل والبحر.

من الوهلة الأولى لزائر تلك المنطقة يكتشف ان الوضع الذي يمر به الساحل أصبح خطيرا جدا إذا إن مساحات الردم بدأت في التزايد، وقال عنها عضو المجلس البلدي إبراهيم حسن إسماعيل إن «هذا الساحل يبعد عن الساحل الأصلي بحوالي كيلومتر ونصف كيلومتر نتيجة الردم بالمخلفات وغيرها».

في جولة سريعة قامت بها «الوسط» على الساحل قبل أن تلتقي بالأهالي اكتشفت ان الساحل يعاني ليس من الردم فقط وإنما من رمي مخلفات البناء والأوساخ وكل ما لا يُرغَبُ فيه داخل مياه الساحل ما انعكس سلبا على الساحل الذي كان أهالي المنطقة يتفاخرون به بوصفه من أكبر سواحل البحرين وأغناها جمالا وثروة بحرية بشكل لا يوصف، كما ان المصانع لم تلتزم بالقوانين وإنما قامت برمي مخلفاتها (معظمها من الإسمنت وبقايا «الردمكس») على الساحل وداخل البحر، وكذلك بقايا مصانع الأسماك التي ترمى على الساحل ما انعكس سلبا على طبيعته الجمالية كذلك على رائحة المكان.

ورد الصيادون على ذلك بأن مشكلة تهريب الروبيان هي مشكلة عامة وتحدث في جميع السواحل ولا يمكن حصرها فقط في ساحل القرية، وإن مهمة الإدارة العامة لخفر السواحل منع المهربين والحد منهم لا إغلاق السواحل وإعطاءها للمتنفذين لتملكها بحجة تهريب الروبيان أو غيرها، وإن عملية التهريب التي يقوم بها عدد قليل لا تجعل الثروة السمكية تنزل عقابا جماعيا على جميع الصيادين.

ورد النائب محمد آل الشيخ على السبب الثاني الذي ذكرته الثروة السمكية بأن «الصيادين في أكثر الأحوال هم من كبار السن الذين لا يملكون سيارات خاصة بهم ليذهبوا الى بندر الدار والتي تبعد عن المنطقة حوالي 12 كيلومترا كما إن معظم مصائد البحارة من (الحضور) هي بالقرب من الساحل الذي يعيشون بالقرب منه فلا يمكن عقلا أن يتم نقل البحارة وقواربهم إلى بندر الدار من أجل أن يبحروا من هناك إلى ساحلهم لممارسة عملية الصيد».

وأكد آل الشيخ الى انه سيجري اتصالات مع الجهات المعنية في وزارة البلديات والأشغال والثروة السمكية من أجل البدء في إنشاء مرفأ لأهالي قرية القرية على غرار ما هو موجود في جميع مناطق البحرين وكما هو موجود في جزيرة المحرق التي بها حوالي سبعة مرافئ صيد فرعية في مناطق مختلفة وبها جميع الخدمات والتسهيلات من ماء وكهرباء وغيرها، وإن عدالة التوزيع حق للجميع.

مؤكدا ضرورة إدراج إنشاء هذا المرفأ ضمن الخطط القادمة حتى لا يتم تحويل المنطقة إلى أملاك خاصة، والحفاظ على المرفأ ضرورة من ضرورات حماية البيئة والحياة الفطرية وحق الإنسان البحريني على هذه الأرض.

وقال عضو المجلس البلدي إبراهيم حسن إسماعيل: إن المجلس سيرسل رسالة إلى وزير البلديات مفادها المطالبة بإيقاف عملية الدفن عاجلا ومحاسبة القائمين عليه والبت في ما يتعلق بالجهة المرخصة بذلك، وأن تضع الحكومة خطا عمرانيا محددا وعدم التواصل في الزحف العمراني في ساحل القرية لما له من أضرار جسيمة على أبناء القرية بشكل عام، والعمل على سن تشريعات واضحة تحمي السواحل من العبث، والعمل على ضبط آلية رادعة للجهات المنفذة لمثل هذه التوجهات لعدم تكرار ذلك، وإعادة النظر في تخطيط منطقة سترة لحماية المستهلكات العامة وتعويض أصحاب الأراضي والممتلكات الخاصة بأراض أخرى والعمل على ترميم الساحل الذي تعرض للدفن». مؤكدا أن المجلس البلدي أصدر قرار بوجوب عدم الدفن واحترام القوانين التي صدرت عن الجهات العليا والتي تحضر الدفن والردم، إلا ان بعض الجهات تتعمد مخالفة هذه القوانين وتتجاهلها.

وقال إسماعيل إن «سواحل سترة وخليج توبلي من أكثر مناطق الخليج العربي ثروة في الأسماك وأي ضرر سيؤثر على الصيد وبالتالي على المنطقة ككل وعلى الإنسان البحريني والذي يعتبر الثروة الثابتة للبلد»، متسائلا عن أسباب تجاهل هذا الإنسان ومحاربته في رزقه وحرمانه من الثروات الطبيعية التي تتعرض لتخريب فلا يملك أي كان بعد ذلك إرجاع هذه الثروة الطبيعية بعد أن يتم تخريبها.

وقال عضو المجلس البلدي رضا حميدان: إن «ما تتعرض له سواحل ستره نتيجة ردم وتجريف ورمي مخلفات يعود إلى الأنشطة الصناعية المحيطة بمنطقة سترة والسواحل بشكل خاص والتي تعمل على تلويث المياه والهواء والأرض».

وأضاف إن «المجلس البلدي رفع تقريرا متكاملا إلى المسئولين وعلى رأسهم محافظ الجنوبية صاحب السمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، وعلى أساس هذا التقرير شكلت لجنة من المجلس البلدي والهيئة العامة لحماية البيئة وشركة البتروكيماويات وعدد من مسئولي وزارة الصناعة لمناقشة الموضوع ووضع الحلول المناسبة له.

كما أكد أن الساحل الذي يستخدمه الأهالي هو مملوك إلى وزارة الصناعة وبذلك تعذرت الثروة السمكية عن إمكان إقامة مرفأ خاص للصيادين فيه، وطالب حميدان المسئولين بإعادة النظر في هذا القرار وإنشاء مرفأ للأهالي في هذه المنطقة.

وروى الحاج ناصر حسن (أحد الصيادين) لـ «الوسط» علاقته بالبحر منذ نعومة أظافره بحكم قرب المسافة بين بيوت القرية والساحل، «وهكذا نشأت وترعرعت العلاقة بين الطرفين البحر وإنسان القرية، ويضيف أصبح البحر محل طرح همومنا وبث شكوانا والترويح عن أنفسنا، وتجريف الساحل كان له وقع كبير على أنفسنا لا يدركه إلا من عشق البحر وأختزن في ذاكرته صحبة جميلة معه، إن ما حدث ينبغي أن يبعث فينا اليقظة ويدفعنا الى التحرك الجاد والفعال من اجل المطالبة بساحل مصان بتشريعات رسمية لا تطوله الأيدي ولا تتعدى عليه الجهات، فالقضية تهم الجميع، وينبغي على الجميع الحركة المستمرة والمتواصلة وعدم اليأس والتفاؤل، فالكل يتحمل المسئولية».

وطالب بيان أهالي قرية القرية بجزيرة سترة المسئولين في الدولة بتخصيص مرفأ دائم لبحارة القرية، مزود بالتجهيزات كافة كالمراسي والمرابط والمظلات والإنارة والتوصيلات الكهربائية والمياه، أسوة بأقرانهم البحارة في الكثير من مدن وقرى المملكة.

كما طالب بوقف عمليات الاستــيلاء على الأراضي أو تحويلها إلى أملاك خاصة، أو تأجيرها، في المنطقة التي تدخل ضمن المنطقة الصناعية بسترة، على اعتبار أنها المنفذ الوحيد لصيادي المنطقة، والعمل على محاسبة المصانع والشركات القريبة من المرفأ الحالي ومخالفتها، نظير ما تقوم به من أعمال منافية للأساليب الصحيحة والمتعارف عليها عند رمي المخلفات ولا سيما السامة منها والقاتلة والمدمرة للبيئة البحرية، وضرورة تخصيص أكبر رقعة ممكنة من الأراضي المطلة على البحر لأغراض الصيادين ولأغراض الترفيه العائلي، على اعتبار أن منطقة سترة جزيرة ومن حق أهلها وجميع أهل البحرين الاستمتاع بهذه الطبيعة

العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً