العدد 471 - السبت 20 ديسمبر 2003م الموافق 25 شوال 1424هـ

إجماع على دعم المشروع الإصلاحي وأمل في تجاوز العقبات

على خلفية حديث جلالة الملك للصحف المحلية...

الوسط - حيدر محمد، تمام أبوصافي 

20 ديسمبر 2003

رأت الكثير من القوى السياسية البحرينية أن الحديث الذي أدلى به جلالة الملك إلى رؤساء تحرير الصحف البحرينية احتوى على الكثير من المضامين السياسية والاقتصادية المهمة، كما تطرق جلالته بصراحة إلى عدد من القضايا التي شغلت الساحة البحرينية خلال الفترة الأخيرة من عمر الحركة الإصلاحية، فيما أمل آخرون في أن يبدأ تطبيق الجهاز التنفيذي لهذه الرؤية الملكية بشفافية ووضوح...

«الوسط» حاولت استقراء آراء الرموز والقوى السياسية البحرينية بشأن حديث جلالته...

كانت الانطلاقة مع الأكاديمي والناشط السياسي تقي الزيرة إذ علق قائلا: «لقد كان خطاب جلالة الملك صادقا وشفافا، ومثّل دعوة جادة على الجميع تلبيتها وتوجيه كل الإمكانات والطاقات لتسخير الوحدة الوطنية ودفع حركة الإصلاحات السياسية والاقتصادية إلى الأمام» ويضيف الزيرة قائلا «إن التخلف عن القطار الإصلاحي ليس في مصلحتنا ولا مصلحة الأجيال المقبلة، وخصوصا أن المنطقة الخليجية والعربية تمر بتحولات كبرى، ويجب عليها التخلص من كل التحديات الداخلية والالتفاف والاتحاد معا لمواجهة التحديات الخارجية؛ فلا الوطن ولا المواطنون يتحملون المزيد من التفكك والانقسام والتشردم. علما بأن بعضا - إن لم نقل كل - احتياجات التغيير تتعلق بالمواطن العادي وليس بمسألة مطلب التعديل الدستوري فقط، والمهم هنا أن نلتفت إلى أهمية تأسيس جسر من الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم».

مشروع إصلاحي متكامل

فيما أثنى النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين يوسف صالح الصالح على حديث جلالة الملك واصفا إياه بالحديث التاريخي والمهم الذي يتواكب مع التوجهات الإصلاحية الكبيرة مشيرا إلى «ان الملك المفدى قد أفرد مساحة واسعة للشأن الاقتصادي في حديثه المهم، الأمر الذي يدلل على مدى العناية والرعاية الكبيرة التي يوليها جلالته لهذا القطاع الحيوي».

وأضاف «لقد انعكس ذلك مباشرة على العلاقات الدولية التي ترتبط بها البحرين مع دول العالم ما أدى إلى تشجيع الولايات المتحدة الأميركية وهي الدولة العظمى الأولى في العالم على الارتباط باتفاق تعاون ثنائي مع البحرين، مؤكدا أن هذا الاتفاق سيعزز من فرص التبادل التجاري بين البحرين والولايات المتحدة، وسيفتح آفاق عمل جديدة وكبيرة أمام رجال الأعمال والمستثمرين في البحرين».

مؤكدا أن الفصل بين الملف السياسي والملف الاقتصادي سيسهم في إعطاء أهمية أكبر للشأن الاقتصادي الذي يرتبط بكثير من الملفات الساخنة» واستتبع الصالح قائلا «في حين أهاب بجميع التجار ورجال وسيدات الأعمال والمستثمرين في مملكة البحرين جعل خطاب جلالة الملك المفدى نصب أعينهم والاسترشاد به عند تناول أي موضوع من الموضوعات التي تهم الشأن العام وطبيعة التعامل مع مختلف الأمور والقضايا المستجدة لاسيما تلك المتعلقة بالشأن الاقتصادي، فقد أكد أن مملكة البحرين دخلت عصر الشفافية، وأنها بذلك تدشن نمطا جديدا للتعامل مع الشأن السياسي والاقتصادي، بما يساعد على تثبيت أسس وقواعد الاستثمار والتنمية الاقتصادية».

دور المرأة البحرينية

المرأة البحرينية كان لها نصيب وافر من اهتمام جلالته في حديثه الصحافي، وترى الأستاذة الجامعية نصرة البستكي: «مثلما تحدث جلالة الملك بكل فخر عن الرجال والنساء الذين يؤسسون ويسهمون في بناء مشروعنا الوطني الديمقراطي، فنحن أيضا نفخرُ بما جاء على لسان جلالته دعما للحرية والمشاركة والرأي الآخر، وهو الأمر الذي تؤكده وتجسده مسيرة الإصلاح التي طوت زمن الفكر الواحد والرأي الواحد إلى غير رجعة». وتضيف البستكي «ومن هذه الزاوية كانت رؤية الملك تخص حقوق المجتمع ككل من دون فصل تعسفي بين حقوق الرجل وحقوق المرأة.

نحو استراتيجية اقتصادية

الاقتصادي البحريني جاسم حسين: «استوقفني حديث جلالة الملك عن الإصلاح الاقتصادي؛ إذ وضع يده على الداء الذي يعاني منه الاقتصاد البحريني، وكلام الملك كان واضحا بأن هناك مشكلة اقتصادية - وليس ذلك عيبا - لكن الجديد أن الملك تحدث عن ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية وفك الارتباط بين القرارين السياسي والاقتصادي في سوق العمل البحريني، وخصوصا مع وجود ظاهرة البطالة التي تبلغ نسبتها 15 في المئة من حجم القوى العاملة؛ علما انه يوجد 18 ألف عاطل عن العمل، في الوقت الذي يدخل حوالي 5000 هذه السوق سنويا.

الخطط الإصلاحية لابد أن يكون فيها شفافية كاملة في جميع المراحل «الخطط، التمويل والأهداف»، ولابد من وجود استراتيجية اقتصادية خمسية متكاملة إلى العام 2009م تشتمل على ملفات البطالة، الاستثمار، تحرير السوق ودعم القطاع الخاص. ولابد من إبعاد طابع السرية عن المسار الاقتصادي، حتى يتسنى للجميع المشاركة فيه مادام أن هدف الجميع هو خدمة البحرين.

رئيس جمعية الوسط العربي الإسلامي عبد الله الحويحي أشار إلى تأكيد جلالة الملك مجموعة من الثوابت الوطنية «لقد أكد جلالة الملك على مجموعة من الثوابت الوطنية التي جاءت في مقدمتها التزام مبدأ الحرية والديمقراطية في الممارسة السياسية إضافة إلى شرعية الملكية الدستورية ومبدأ الوحدة الوطنية وقضايا حقوق الإنسان وتطوير المنظومة الخليجية، كما أثار جلالته قضايا ساخنة مثل التجنيس، ضمن مبدأ الالتزام بالقانون، كما عرّج جلالته على مشكلة البطالة من خلال مجلس التنمية الاقتصادية، والأهم من ذلك أن جلالته سعى إلى خلق حال من الاطمئنان في الشارع السياسي من خلال تأكيد ضرورة مشاركة جميع القوى السياسية في ركب المسيرة الإصلاحية، نافيا في الوقت ذاته حدوث أي تراجع عن التجربة الإصلاحية من خلال توجس الكثير من الناس من أداء السلطة التنفيذية المغاير لمرئيات جلالة الملك.

تنفيذ الرؤية الملكية

الاقتصادي والناشط السياسي أحمد التحو سلّط الضوء على نقاط عدة وردت في حديث جلالته «ان أول ما بدأه جلالة الملك في حديثه إلى الصحافة هو موضوع الإصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي، ولكن - مع الأسف - فهناك من يحاول وقف عجلة الإصلاح، ونتمنى من وزاراتنا تطبيق رؤية جلالته، وهنا أوجه خطابي إلى راعي مسيرتنا الإصلاحية الذي طالب الجميع بالإدلاء عن آرائه بشفافية وصراحة، فنتمنى من جلالته أن يحاور نصف شعب البحرين الذين قاطعوا الانتخابات النيابية، كما نأمل أن يحاور جلالته القوى السياسية المقاطعة للبحث عن آلية أو مخرج للأزمة الدستورية، كما تطرق جلالته إلى ملف التجنيس بصراحة.

كوابح التجربة

رئيس الدائرة السياسية بجمعية الوسط العربي الإسلامي الديمقراطي إبراهيم جمعان، يقول: «يجب أن نؤكد على تثمين الخطوة الرئيسية التي قام بها جلالة الملك فيما يتعلق بإعادة اللحمة الوطنية بين السلطة السياسية والشعب البحريني من خلال المشروع الإصلاحي.

هذا المشروع يأتي في سياق تاريخي مهم جدا بالنسبة للتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبحرين بقياس الوضع المطلبي الشعبي الذي استمر عقودا طويلة في أهمية المشاركة السياسية، وبقياس سعي النظام خلال العقود السابقة وخصوصا بعد حل البرلمان لتجربة مجموعة من النماذج التي اعتقد أنها لم تحقق الغاية من المشاركة الشعبية، ولم تعط النظام المساحة المرجوة والتمثيلية لشعب البحرين، إضافة إلى الواقع الإقليمي والدولي والذي ارتفع في خطاب المشاركة الشعبية والنظم الديمقراطية وحقوق الإنسان».

ويقول جمعان: «في ظل هذه المعطيات يأتي خطاب الملك لأهمية مشاركة جميع القوى من داخل المجتمع البحريني، دعوة موفقه على اعتبار أن الجميع - وعندما نقول الجميع هذا يعني جميع القوى السياسية التي شاركت أو قاطعت الانتخابات البرلمانية - معني ومدعو للدفع بإيجابية بهذا المشروع الإصلاحي. لذلك فإن دعوة الملك للمساهمة الإيجابية تعطي مؤشرا واضحا على إمكان التعامل بإيجابية وتصويب أي قصور أو إزالة أي معوق يقف أمام بلوغ الغايات المرجوة للمشروع الإصلاحي».

وعن نتائج المرحلة الإصلاحية يقول جمعان: «لا اعتقد أن ما نلمسه في الشارع البحريني هي نتائج مباشرة للمشروع الإصلاحي بقدر ما هي انعكاس لسنوات طويلة من ممارسة الكبت والتسلط السياسي والإقصاء وعدم القبول بالرأي الآخر... هذه السياسة امتدت عبر عقود طويلة وخلقت بطبيعة الحال واقع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ترسخ على مستوى الثقافة الرسمية وأيضا الثقافة الشعبية. لذلك فإن نقلة كبيرة كالمشروع الإصلاحي وفي فترة وجيزة فجرت الكثير من البواطن والخطابات والاحتقانات المكبوتة في المرحلة السابقة، وأخذنا نلمسها ونعايشها يوميا وهذا الأمر اعتقد انه طبيعي قياسا بحجم المشروع الكبير الذي تعيشه البحرين حاليا».

ويرى جمعان أن ظاهرة «التطييف» هي «من اخطر الكوامن التي اخذ المجتمع البحريني يعيشها، والتي يتوجب أن تكون في قمة أولويات المشروع الإصلاحي للحد من آثارها، ومقاومتها وقبرها قبل أن تتحول إلى خطر حقيقي يهدد امن وسلامة المجتمع البحريني الذي عرف عبر تاريخه الطويل بالوحدة الوطنية والتلاحم والتكافل والتضامن تحت مظلة المواطنة الصحيحة، وليس تحت حاضنات غير طبيعية كالطائفية والقبلية».

ويضيف جمعان: «لقد فتح المشروع الإصلاحي المجال لممارسة حقوق شرعية يستحقها المواطن، مثل حق الانتخاب والتعبير، وحق التظاهر والاعتصام وتشكيل الجمعيات، وعلى رأسها الجمعيات السياسية وجمعيات حقوق الإنسان، لكن هذا السقف المفتوح أوجد مع الأسف التفافات عن خطابات طائفية تعبر عن مصالح ضيقة، ونلمسها بوضوح أمامنا في طبيعة الخطاب في الغرف المغلقة الذي يلغي الآخر، ومن خلال الممارسة العلنية في بعض التجمعات، والتجربة التي مررنا بها من خلال الانتخابات البلدية والبرلمانية أو حتى جزئيا في الموقف من دستور 2002. لذلك اعتقد أن المشروع في جانبه الإصلاحي قد أعاد الاعتبار لحقوق المواطن البحريني في المشاركة الايجابية في التنمية بشكل عام في البحرين، والتي طالب بها عبر عقود طويلة تربو على الثمانية عقود الماضية، وفي الجانب الآخر فتح المجال لإطلاق العنان لكوامن ونتائج سنوات طويلة من الكبت والتسلط للظهور في الخطاب والممارسة العلنية والتي تشكل الخطر الحقيقي على المشروع الإصلاحي متمثلة في ظاهرة الطائفية».

وبشأن ما يراه البعض من تراجعات بالنسبة للمشروع الإصلاحي يؤكد جمعان أن المرحلة السابقة قد «أوجدت قاعدة من المصالح الاقتصادية والاجتماعية تقوم على ثقافة تعتمد التمييز ونيل الامتيازات، وهذه الثقافة ستدافع للحفاظ على مصالحها التي هي بالضرورة ضد المطلب الشعبي في المشاركة والتوزيع العادل للثروات وممارسة الديمقراطية كمنهج يقوم على الشفافية والتمثيل والمساءلة».

ويضيف: «لذلك فإن هذه القوى حاولت أن تمارس في المرحلة السابقة وضع الكوابح أمام المشروع الإصلاحي للحفاظ على مصالحها».

الدستور أساس الإصلاح

يقول الناشط السياسي عبدالعزيز ابل في بداية حديثه: «لا بد من تثمين أي دعوة للمشاركة في العمل الوطني، لكن ينبغي التمييز بوضوح الأساس الدستوري الذي ستقوم عليه هذه المشاركة ليكون واضحا وصريحا ومن صنع الجميع، ومتفق عليه، ويسمح بالتطور المستقبلي، وبالتالي الدعوة للمشاركة فيما هو قائم حاليا. لكن هناك أسباب جوهرية تتصل بطموحات المشاركين أو غير المشاركين، ومدى قناعتهم بعدم وجود ما يعيق هذه المشاركة الحقيقة». ويضيف ابل: «أمامنا معوق أساسي يحول دون المشاركة وهو الأزمة الدستورية التي مرت بها البلاد منذ فبراير/شباط 2002، وهذه المسألة باتت بحاجة إلى حوار وذلك لإعادة الوضع الدستوري إلى ما كان متوقعا بعد إقرار الميثاق».

ويقول: «ينبغي أولا التمييز بين إطلاق الحريات وبين الحقوق، فمما لاشك فيه أن هناك حرية تعبير وحرية اجتماع والمعتقلات السياسية اختفت، وتم الآن تصحيح الوضع، وهذا أمر نثمنه وهو يندمج مع روح العصر. نحن نتحدث عن كيفية معالجة ذيول الأزمات الماضية الناشئة عن احتكار القرار السياسي والمركزية الشديدة، ويفترض أن تكون هناك سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية، وما كان سائدا هو وجود سلطة تنفيذية تقرر ما تشاء، ومن المنطقي الآن أن نقول أن السلطة التنفيذية بدت أفضل من الوضع السابق، وإن كانت على صعيد حرية الرأي وحرية الصحافة ما زالت تتمسك برواسب الماضي وغير قادرة على فرض ما تراه مناسبا. لكن عندما نأتي الآن على الإصلاحات التي حدثت على مستوى الحريات، فنتساءل: هل منحت الناس سلطات مختلفة في البلاد كالسلطة التنفيذية والتشريعية؟ أجد انه بسبب الأزمة الدستورية، ما زالت السلطة التنفيذية مهيمنة على مقاليد الأمور.

وعن الرأي القائل بأنه بدلا من التمسك الجامد بدستور 1973، يمكن البناء والعمل على دستور 2002، يقول ابل: «نحن لا نفرض على احد أن يتبنى هذا الرأي، إنما نقول إننا أصحاب الحق وهو حق لأهل البحرين وليس لأي طرف آخر. وإقرار الشعب بما يحكم به، احد أركان الشريعة السياسية ولذلك نصر على موقفنا ونتمسك بدستور 1973، لان الشعب البحريني اقره، نعم هناك نواقص فيه لكن نقول هناك دستور مقر من قبل الشعب وهذا الأمر يكفي بحد ذاته.

وردا على سؤال عما إذا كان موقف المقاطعة قد وضع الملتزمين به في عزلة، يتساءل ابل: «من هو الذي يتحرك الآن ويناقش قضايا أكثر حساسية، المشاركون أم المقاطعون؟ نحن نبادر بطعن دستورية قوانين كثيرة لم يتطرق إليها الكثير من المشاركين، فتجد أن المبادرة تأتي من المقاطعين ويلحق بهم المشاركون. إذن نحن لم نعزل بحكم مقاطعتنا، المعارضة خلال سنة ونصف السنة سلطت الضوء على قضايا أكثر أهمية من قبل المشاركين، وهذا تسبب في إحراجهم. نحن لا نقلل من شأن المشاركين لكننا نقول إن الدستور فيه خلل بسبب عدم إقراره.

سألنا ابل أخيرا: «ألا تعتقد أن وجود «مشاركين» و«مقاطعين» يعد إنجازا بحد ذاته يثري المرحلة الديمقراطية؟

يجيب قائلا: «لا شك أنه أمر ايجابي أن يحتمل النظام وجود أناس مقاطعين أو أناس معارضين، وستثرى المرحلة الديمقراطية في المستقبل أيضا عندما ينعقد المؤتمر الدستوري، ولكن بالتأكيد ستكون هناك مقترحات جيدة ولصالح البحرين».

في طليعة المؤيدين

يقول رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي تعليقا على دعوة الملك للجميع بالمشاركة في المشروع الإصلاحي: «لقد كنا في طليعة المؤيدين للمشروع الإصلاحي وكنا نرى بأن حجر الزاوية في المشروع هو الثقة بين الشعب والقيادة السياسية نظرا للإشكالات الكثيرة والكبيرة التي رافقت المرحلة السابقة. بالتالي كنا على قناعة بأن الحكم الذي قام بخطوات تاريخية من طراز إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة امن الدولة والعفو العام وحل مسألة البدون، سيواصل المسيرة باتجاه إعادة الحياة البرلمانية على ضوء إعادة العمل بالدستور. وكنا على ثقة بأن الحكم هو الأكثر حرصا على التمسك بالآلية التي نص عليها الدستور في إجراء التعديلات التي تضمنها ميثاق العمل الوطني، وبالتالي فإن اللجنة الوزارية التي كلفت بوضع تعديلات على الدستور ستقدم مشروع التعديلات إلى المجلس الوطني المنتخب حسب ما نص علية دستور البحرين وان أي تبديل لتلك الآلية سيفتح المجال لانتهاكات لاحقة للدستور إذ ستكون الأولى سابقة خطرة يقتدى بها باستمرار».

ويضيف: «اعتقد أن المرحلة الحالية وعلى ضوء الأزمة الدستورية التي ستتفاقم في الفترة المقبلة مع اكتشاف المزيد من النشطاء السياسيين جوهر الأزمة وجوهر الاعتراضات التي دفعت الجمعيات السياسية الأربع إلى المقاطعة بأن هذه أسباب أساسية لأننا نرى في الدستور وثيقة لا يجوز تغييرها لإرضاء السلطة التنفيذية، بل هي عقد بين الشعب والحكم، ولا بد من الحوار على هذه الآلية وبشأن القضايا الأساسية الأخرى التي جرى تعديلها.

وإذا كانت الأجواء السياسية الايجابية قادرة على إيهام البعض بأن العام 2006 سيكون خاتمة المطاف للمقاطعين، فإننا نرى بان عدم التوصل إلى حل سليم في آلية تعديل الدستور واستمرار الوضع الراهن سيضاعف عدد المقاطعين ولن يقنع احدا بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، إلا من يريد تحسين وضعه المعيشي من ناحية الراتب والوجاهة. أما من يريد التمسك بمشروع المملكة الدستورية الحقيقية فإنه سيقف صامدا وسيواصل تمسكه بالثوابت التي على ضوئها تمت المقاطعة.

ويقول النعيمي من جانب آخر: «نقدر عاليا ما قام به جلالة الملك من مبادرات أخرجت البلاد من الأزمة السياسية السابقة، لكننا نرى أن دستور 2002 قد ادخل البلاد في أزمة دستورية تتفاقم يوما بعد يوم. وإذا كان حجر الزاوية في الإصلاحات السياسية هي بناء الثقة، فإن التمسك بمبدأ المساواة بين المواطنين هو اللبنة الأساسية في بناء الثقة، ونحن ندرك حجم الصعوبات والمخاوف وما قد يثار من نوايا مبطنه لدى البعض، ولكننا على ثقة بأن سحب البساط من تحت أقدام الطائفتين في المجتمع لا يمكن أن يتم إلا بتقديم المثل الوطني من قبل الحكم. أي عدم التمييز بين الناس على أساس طائفي، وهنا نطالب بضرورة سن قانون لخدمة العلم ليتعلم الجميع حب الوطن وحب الدفاع عنه في المؤسسة العسكرية كما يجرى في كل بلدان العالم، ومن يثبت بأنه خدم دولة أجنبية فليحاكم بتهمة الخيانة العظمى وليصدر قانون لمحاسبة من يمارس التمييز الطائفي أو العرقي أو القبلي أو سواه، وليقد صاحب الجلالة معركة الفساد المالي والإداري، وسيرى كل المخلصين جنودا وراءه يلبون كل دعوة من دعواته... نقدر عاليا مواقف الملك في إبقاء أجواء الانفراج السياسي، ونطالب بعزل كل الرموز المعادية للحرية والتعبير والحالمة بالعودة إلى مرحلة قانون امن الدولة، وان تكون أجهزة ووسائل الإعلام متاحة لجميع القوى السياسية التي تطالب بالمزيد من الإصلاحات الديمقراطية على طريق الملكية الدستورية، كما نشاهد في الديمقراطيات العريقة، ويمكن لبلادنا أن تكون دائما نموذجا لبلدان مجلس التعاون إذا تحقق التلاحم بين القيادة السياسية الإصلاحية والقوى السياسية الحريصة على الإصلاح

العدد 471 - السبت 20 ديسمبر 2003م الموافق 25 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً