هيمنت القضايا الاقتصادية على البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت امس الاول في الكويت فيما لم يكن بالقضايا السياسية اية مواقف جديدة عما سبق وأعلنته دول مجلس التعاون الخليجي الست.
وقد استطاع قادة دول مجلس التعاون الخليجي مواجهة بعض المعوقات التي تعرقل تدفق السلع بين الدول الست في اطار الاتحاد الجمركي الخليجي الذي انطلق مطلع العام الحالي، اذ اتفقوا في قمتهم على اقامة مركز للمعلومات الجمركية يكون مقره الرياض حيث الامانة العامة للمجلس ويربط ادارات الجمارك المختلفة في المنطقة.
كما اعتمدت القمة الخليجية نظاما موحدا لمكافحة الاغراق يتخذ الطابع الالزامي لجميع الدول في المنطقة، وذلك اعتبارا من العام 2004، واقر القادة الخليجيون النظام الاساسي لهيئة «التقييس» الذي سيتم بموجبه انشاء هيئة خليجية للمواصفات والمقاييس يكون مقرها الرياض، وذلك لضمان جودة وسلامة السلع التي تدخل الى اسواق الخليج.
كما كلف القادة الخليجيون لجنة وزراء النقل والمواصلات بمجلس التعاون الخليجى باعداد دراسة جدوى لانشاء خطوط سكك حديد تربط دول المجلس لتسهيل حركة المواطنين بين الدول الخليجية، وطالبوا اللجان المختصة بالاسراع في تنفيذ مشروع الربط الكهربائي فيما بين الدول الست.
وشدد القادة في بيانهم الختامي على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسهيل انسياب حركة السلع وإزالة أية معوقات تحد من ذلك، اذ وافق المجلس الأعلى الخليجي الذي يضم قادة الدول الست او من يمثلهم على إقامة مركز يربط إدارات الجمارك بدول المجلس، من شأنه ان يرصد إيرادات الجمارك في جميع معابر الدول الخليجية ، ما من شأنه ان يسهل عملية توزيع إيرادات الرسوم الجمركية فيما بينها.
واتفق قادة دول المجلس على تعرفة جمركية موحدة تصل الى خمسة في المئة على البضائع التي تستوردها الدول الست من بعضها بعضا والتي تعد نقلة نوعية مهمة تؤدي الى انتقال دول المجلس من منطقة التجارة الحرة والتي استمر العمل بها فترة طويلة قاربت العشرين عاما الى مرحلة السوق الخليجية المشتركة التي حدد القادة في بيانهم الختامي لها موعد أقصاه نهاية العام 2007.
ومع بدء تطبيق التعرفة الجمركية الموحدة تكون دول المجلس قد تجاوزت هذه العقبات المرافقة لعمل منطقة التجارة الحرة، مما يفتح مجالات واسعة امام تنمية التبادل التجاري البيني في دول مجلس التعاون الخليجي، وبالأخص حرية انتقال السلع والمنتجات الوطنية بين هذه البلدان دون عوائق.
وضمن الانعكاسات الايجابية الكثيرة لتطبيق التعرفة الموحدة، تأتي الامكانات الكبيرة التي تتوافر للمنتجات الصناعية في دول المجلس، والتي اصبحت تغطي متطلبات اسواق كبيرة نسبيا يتجاوز عدد المستهلكين فيها 30 مليون نسمة، بدلا من اسواق صغيرة ومجزأة.
وستكتسب دول المجلس الخليجي في السنوات المقبلة قوة تفاوضية ستحقق لها الكثير من المكاسب المهمة في علاقاتها مع كل البلدان والمجموعات الاقتصادية الاخرى في العالم ومنها الاتحاد الاوروبي.
ويساهم في ذلك تلبية احد اهم شروط الاتحاد باقامة منطقة للتجارة الحرة بين المجموعتين الخليجية والاوروبية، ما سيتيح امكانات تنافسية جيدة للمنتجات الخليجية، وبالاخص من الالمنيوم والبتروكيماويات في الاسواق الأوروبية.
وتلبي هذه المكاسب الكبيرة على الصعيدين المحلي والخارجي التطلعات الاقتصادية لدول المجلس في مرحلة العولمة ومنظمة التجارة العالمية، إذ يتيح الاتحاد الجمركي لدول المجلس التحرك ككتلة اقتصادية واحدة في ظل العلاقات الاقتصادية الدولية الجديدة.
وعلى رغم حزمة القرارت التي اتخذها القادة والتي تخص اتحادهم الجمركي، غير انهم لم يبتوا خلال قمتهم في الكويت، في شأن الوكالات التجارية كما كان متوقعا، على اعتبار ان هذه الجزئية تعد احد العراقيل التي تحد من الانطلاق الكامل للاتحاد الجمركي. كما ان بيانهم تجاهل موضوع رفع الحماية عن بعض السلع المنتجة محليا، اذ تتجه بعض الدول في المنطقة الى وضع رسوم جمركية مرتفعة على وارداتها من هذه السلع
العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ