علمت «الوسط» أن عددا لا يقل عن ثلاثة نواب قدّموا شكاوى شفهية إلى رئيس مكتب النواب خليفة الظهراني خلال الدور الرابع (الحالي) فقط، تتعلق بتسريب إجابات الوزراء على أسئلتهم إلى الصحافة قبل أن يتسلموها من مكتب النواب الذي يعتبر الجهة المخولة بتسليم النواب أنفسهم الإجابات حصريا، وإذ لا يجيز القانون إعطاءها لأي جهة صحفية كانت، قبل أن يتسلمها النائب مقدم السؤال.

وأبدى نواب لـ»الوسط» استياءهم ما أسموه «لوبي تسريبات» منظم يقوم بتسريب الوثائق الرسمية والردود الحكومية وتقارير اللجان النهائية إلى جهات صحفية بشكلٍ غير قانوني، دون أن يتم اتخاذ أي إجراءات رادعة تجاههم أو فتح تحقيقات رسمية في التسريبات التي تتم في الوثائق التي يتسلمها مكتب هيئة النواب التي تعد الشريان الرئيسي في عمل مجلس النواب، والتي يفترض أن تكون مستودع أسراره.

وأوضح أحد النواب انه تقدم بشكوى لفظية إلى هيئة مكتب النواب من قيام جهات مجهولة بتسريب إجابة وزير المالية على سؤاله إلى الصحافة قبل أن يتسلمها من مكتب النواب رسميا قبل عدة أسابيع، مطالبا هيئة مكتب النواب باعتبارها الجهة الرئيسية المعنية بالموضوع بإيقاف «مسلسل التسريبات» المستمر عبر فتح تحقيق رسمي في قضايا التسريب ومحاسبة المتورطين فيه بحسب القانون والنظام الذي يفترض أن يتم اتباعه.

وقال نائبان آخران إن «رئيس مجلس النواب ونائبيه وبقية أعضاء مكتب النواب تلقوا أكثر من مرة ملاحظاتٍ شفهيةٍ من قبلنا بهذا الشأن، وقد طالبناهم مرارا بمحاسبة المتورطين في تسريب وثائق رسمية إلى الصحافة قبل أن يطلع عليها حتى أعضاء هيئة المكتب أو النواب المعنيين بها مباشرة، غير انه لم يجد جديد في الأمر، ولم يحرك ساكنا للكشف عن المتورطين في تسريب وثائق رسمية يفترض أن تكون هيئة المكتب أمينة عليها، وتكون قادرة على صونها وحفظها».

وأكد احدهما انه تحدث مع رئيس مجلس النواب شخصيا للتحقيق في تسريب إجابة احد الوزراء على سؤال تقدم به للصحافة، قبل أن يتسلمه من هيئة المكتب رسميا، غير انه لم يتم فتح تحقيق في الموضوع، الأمر الذي يثير علامات استغراب في الجهات التي تقف وراء هذه التسريبات، بحيث تقوم بمخالفة القانون جهارا دون أن يتم إيقافها أو محاسبتها.

وطالب النائب هيئة المكتب بوقف التسريبات التي تتم، أو الإعلان على الملأ أنها لا تملك زمام الأمور، وأنها غير قادرة على إدارة «مطبخ النواب» بالشكل الذي يحفظ للنواب حقوقهم، ويمنع وصول وثائق رسمية إلى الصحافة بغير الطريق القانوني أو بغير إرادة النائب نفسه.

وتابع «نعلم يقينا أن بعض النواب يقومون بالتعاون وربما التسريب للصحافة، خصوصا بتسليم أجوبة الوزراء على أسئلتهم، ونحن نعتبر ذلك شأنا خاصا بهم، لكننا لا نقبل بأي حالٍ من الأحوال بأن يتحول المجلس إلى سوق للمزايدات والتسريبات بحجة أن هناك من النواب من يعطي الصحافة هذا الرد أو ذاك، نتكلم صراحة عن وجود «اختراق» في هيئة المكتب، ليس من العسير معرفة مصدره، فمن يقوم بالتسريب يجب أن تطاله يد المساءلة أو الإيقاف».

وقال النائب الآخر إنه «سيبقي الإجابة التي سيتحصلها من أحد الوزراء على سؤاله مغلقة، ويقدمها إلى رئيس مجلس النواب بعد نشرها في الصحافة ليؤكد له أن من يقوم بالتسريبات أشخاص على علاقة بهيئة المكتب وليس النواب أنفسهم».

إلى ذلك علمت «الوسط» من مصادر موثوقة أن احد النواب ممن يرأسون إحدى اللجان البرلمانية الدائمة قام بتسريب تقرير لجنته النهائي إلى الصحافة قبل قرابة ثلاثة أسابيع، مما خلق بلبلة في اللجنة بعد تعرضها لانتقادات واسعة في الصحافة بسبب ما حواه التقرير من تعديلات مثيرة للجدل على احد القوانين المهمة.

وغير بعيد عن الموضوع فقد نشرت «الوسط» قبل عدة أسابيع أن جهاتٍ بمجلس النواب قامت مؤخرا بالاتصال بعدد مختارٍ من الصحف وتسليمهم وثيقة رسمية حكومية عبارة عن رسالة حكومية خاصة وجهت إلى رئيس مجلس النواب من قبل وزير الصحة يبدي فيها استياءه من سلوك احد النواب تجاه وزارته، دون أن تتم مساءلته أو فتح تحقيق رسمي في الحادثة.

تسريب جداول أعمال الجلسات النيابية

من جانب وصلت التسريبات النيابية إلى جداول أعمال الجلسات التي أصبحت تنشر في الصحف قبل تسليمها لهم وللنواب رسميا، إذ تتولى هيئة مكتب النواب مسئولية وضع جداول الأعمال، ثم تسليمها للصحف يوم الجمعة لتنشر موضوعاتها يوم السبت كما جرت العادة، إلا انه أصبح شائعا ان تقوم بعض الصحف بنشر جداول الأعمال يوم الخميس أو الجمعة قبل تسليمها رسميا للصحف، وهو ما يؤكد أيضا وجود تسريباتٍ في مجلس النواب في هذا المجال.