إن حياة الإنسان وما يتخللها من تقلبات ومنعطفات تتلخص في ثلاث مراحل، هي الطفولة، الشباب والشيخوخة.
المرحلة المهمة فيها، والتي تكون دائما تحت المجهر لأنها حساسة ومراقبة من جميع الناس هي مرحلة الشباب، وهذه المرحلة تمثل مركز القوة والنشاط والحماس في حياة الإنسان، وهذا المركز يحيط به ضعف الطفولة من جانب وعجز الشيخوخة من جانب آخر.
الإنسان وهو يطوي مراحل الحياة بكل تضاريسها أشبه بما يكون بمتسلق الجبل الذي يقضي وقتا في الصعود إلى قمة الجبل ويقضي وقتا آخر في النزول إلى سفح الجبل، فكلما خطى خطوة إلى الصعود اتسعت له الرؤية والأماكن الجميلة تتضح، فالوصول إلى قمة الجبل تعني أن الإنسان وصل إلى عنفوان الشباب.
إن أيام الشباب تعني بلوغ أعلى القمم وشروع اجمل مراحل العمر، ففي هذه المرحلة يرى الشاب أمامه جميع الأشياء الجميلة، والآفاق الواسعة المليئة بكل ما يستهويه ويرتضيه، ويصبح غارقا في الآمال، وقلبه طافح بالحب والأمل.
تشكل أيام الشباب مشعلا وضاء وسراجا منيرا في عمر الإنسان، إنها عهد السرور، وعهد القوة والنشاط.
مع بداية عهد الشباب تطوى صفحة الطفولة، ويدخل الإنسان مرحلة جديدة يحس فيها بالمسئولية وتحمل الأعباء.
هذه مقدمة لنرى ان عهد الشباب عهد مهم لبناء أي أساس فهم يملكون مالا يملكه أحد غيرهم فالفضاء في أعينهم واسع جدا والمستحيل في أعينهم ضيق جدا. فعلى هذا الأساس ادعو أن يعطى للشباب دور في بناء مؤسسات الدولة الحديثة القائمة على الإصلاح الحقيقي والتغيير الشامل، فلا يمكننا أن نغير ونصلح والوجوه القديمة والعقليات القديمة مازالت مواقعها، لابد أن يكون اهتمام حقيقي لهذه الفئة لان هؤلاء هم الدماء الجديدة للعهد الجديد، فكيف يكون عهد جديد بدماء قديمه؟
جميل جدا أن نرى التطور والاهتمام الملحوظ في هذه الفترة في قطاع الشباب من المؤسسة العامة للشباب والرياضة، وهذا ما لمسناه في عمل المؤسسة واهتمامها على إيجاد واشراك الشباب في وضع الاستراتيجية العامة للشباب.
كنا نقول عن هذه المؤسسة إنها مؤسسة للرياضة والرياضة فقط، نتمنى الاهتمام والعمل اكثر من المؤسسة لهذه الشريحة من أبناء البحرين.
الجانب الذي يهمني اكثر هو أننا نريد تمثيل أوسع للشباب في أماكن صنع القرار، فالمؤسسات التي يدخلها شاب نراها تتغير وتتطور ويعم فيها الحماس.
لماذا لا يعطى الشباب مكانة خصوصا من يملكون القدرة والوعي الكافي على إدارة المؤسسات والوزارات.
ليس على الجانب الحكومي فقط، بل حتى على مستوى الجمعيات التي لها تاريخ، لماذا نرى شخصا واحدا هو الذي يكون رئيس الحزب، أما آن الأوان لكي تحل الوجوه الشابة.
لا اقصد إقصاء من كان لهم التاريخ النضالي الطويل، فهم رموزنا ونكن لهم الاحترام والتقدير، ولكن لنجعلهم استشاريين ولنجعل الشباب الواعي يمسكون زمام الأمور، فلو نظرنا إلى بعض الجمعيات السياسية التي تغيرت وجوه الرموز القديمة التي نكن لها الاحترام الشديد وحلت مكانها وجوه شابه فغيرت وتطورت هذه الجمعيات.
فمن هذا المنبر الحر، ادعو كل من يريد الخير لهذا البلد أن يعطي الفرصة للشباب الواعد بتحريك الساحة وتصحيح الأوضاع، دعوا الشباب أن يقوموا بدورهم وواجبهم تجاه وطنهم، ودعوا الكبار مشرفين لهم ومراقبين، فهم أصحاب خبرة لا نستغني عنها
العدد 486 - الأحد 04 يناير 2004م الموافق 11 ذي القعدة 1424هـ