استيقظ صباح يوم من أيام العام 1991، وفرح كثيرا باتصال وزارة الإسكان، تطلب منه الحضور لتوقيع عقد التمليك، وتوثيق القسيمة السكنية، التي حصل عليها من الوزارة في العام 1984، بناء على طلبه ذلك في العام 1972، فهرع مسرعا للوزارة لينهي إجراءات تسجيل الأرض، وتوقيع عقد التمليك مع الوزارة، إلا أن حلمه ببناء بيت يأوي أبناءه الـستة مع زوجته، الذين يعيشون حاليا في منزل مع أخويه، تلاشى وتبخر، عندما فوجئ بأن الأرض التي حصل عليها من وزارة الإسكان في مدينة حمد (دوار 22)، أُعطيت لمواطن آخر، وبني عليها بيته وسكن فيه مع زوجته وأبنائه.

تلك بداية قصة مواطن بحريني يبلغ من العمر 59 عاما، مازال ينتظر تعويضه عن الأرض التي تحوّلت ملكيتها بين ليلة وضحاها، إلى شخص آخر، على الرغم من وجود عقد التمليك بينه وبين وزارة الإسكان، والذي صدّقه معها في 12 أغسطس/ آب من العام 1991.

المواطن وهو سيد هاشم محمد عيسى من منطقة البلاد القديم، حكى لـ «الوسط»، قصته الطويلة مع وزارة الإسكان، فقال: «في العام 1991 استدعيت من قبل الوزارة، وتم تسليمي الأوراق الثبوتية لقسيمة الأرض التي طال انتظارها، والواقعة بمنطقة مدينة حمد دوار 22، وتحمل الرقم 8016، وبعدها باشرت حالا في توثيقها في وزارة العدل، وأملك أوراقا تثبت ذلك»، مع العلم بأنهم لم يخبروني بمكان الأرض آن ذاك».

وأضاف: «اتجهت بعد مضي وقت من الزمن بطلب لاستبدال الأرض بقسيمة أخرى، أو بيت في منطقة أخرى (دوار آخر) لأحد المسئولين في الوزارة آنذاك، واسمه الشيخ حسن، الذي كان متساعدا جدا معي، فوافق فورا على طلبي (...)».

وذكر المواطن سيد هاشم «من هنا تبدأ المشكلة، فقد تم تحويل الموضوع لإحدى الموظفات في مكتب الرد على شكاوى المراجعين بإدارة الخدمات الإسكانية، إلا أنها أصرت على عدم تنفيذ الأمر الموكل إليها من الشيخ حسن، وذلك من خلال المماطلة وكثرة الوعود غير الصادقة لمدة طويلة جدا، وبحجة أنه لا توجد قسائم سكنية ولا بيوت في ذلك الوقت».

وبيّن سيد هاشم: «على الرغم من ذلك، قمت بإحضار شخص مستعد أن يستبدل أرضه بأرضي، لكن الموظفة بقيت مصرة على عدم تنفيذ طلبي، وماطلت وراوغت مرة أخرى دون وجود أي سبب (...)».

وتابع سيد هاشم في عرضه لقصته مع وزارة الإسكان: «بعد مماطلة الموظفة وتلكؤها في تنفيذ الطلب، طلبت مقابلة المسئول، ولكن لا جدوى من ذلك، إلى أن أخبرتني بأن لا أتعب نفسي أكثر والتردد على الوزارة باستمرار، لأنهم سيتصلون بي حين توافر البديل، إلا أنهم لم يتصلوا على رغم مرور أشهر طويلة».

وبملامح الحائر المتعجب، واصل سيد هاشم قصته قائلا: «بقي الأمر معلقا على هذا الحال، وأراجع الوزارة بين الحين والآخر، لكن لم تجدِ مراجعاتي نفعا، حتى أنني طردت عدة مرات بسبب سأم موظفي الوزارة من مراجعاتي المتكررة».

وبعد سنوات من المراجعة صُدم سيد هاشم في العام 2004، عندما رأى بأن الأرض التي خصصت له، تظهر عليها ملامح التخطيط والبناء من دون علمه أو حتى إخطاره، فيقول في ذلك: «من كثرة ترددي لموقع القسيمة، فوجئت في العام 2004، بأن الأرض تُخطط وتبنى من دون علمي، أو إخطاري بذلك، أو حتى الاتصال بي، فقمت بمراجعة الوزارة فورا وعدة مرات عن هذا الموضوع، وكالسابق، لم أجد إجابة شافية أيضا إلى أن قام أحد موظفي الاستقبال بإرسالي لأحد المسئولين في المكاتب في الطوابق العليا بالوزارة، واستشارته بخصوص مشكلتي، والذي قام مشكورا بالبحث في موضوعي ومراجعته (...)».

وتابع «بعد شهر من البحث والتحري، أخبرني المسئول بأنه وجد أن الأرض قد أعطيت لموظف يعمل في إحدى الشركات الكبرى في البحرين، لوجود اتفاقية بين الوزارة والشركة، حينها نصحني بمقابلة الوكيل المساعد، وطرح المشكلة عليه، وهنا مع بصيص قليل من الأمل، كتبت رسالة أطلب فيها مقابلة وكيل الوزارة، والتقيت بالوكيل المساعد بتاريخ 19 يوليو/ تموز 2006، والذي استمع مشكورا، لمشكلتي ووعدني خيرا، وقال نصا (إنك تستحق التعويض بالموجود سواء أكان أرضا أو بيتا) وأن الموضوع سيحل خلال شهرين وأنه سيقابل الوزير لينقل له المشكلة».

واستطرد سيد هاشم في سرد قصة تحويل ملكية أرضه لشخص آخر «بقيت أراجع الوزارة باستمرار، إلى أن اتضح لي بعد مضي عام، أن الرسالة قد وضعت على الرف ونسيت، وبعدها بشهر من المتابعة اليومية أخبرت عن طريق الهاتف بأن الرسالة وجدت ويحتاجون إلى بعض الأوراق رغم توفرها مع الرسالة التي أرسلتها (...)».

وقال: «بعد مرور ثلاثة أشهر اتصلوا بي وطلبوا مني نفس الأوراق الثبوتية التي قدمتها سابقا، وأن الرسالة ستتجه إلى لجنة تسمى (لجنة البحث والتحري)، وتلقيت اتصالا مرة أخرى يطلبون فيه نفس الأوراق التي طلبت مني في المرتين السابقتين».

ونهاية هذه القصة أن الوزارة رفضت طلب سيد هاشم، فيوضح بالقول: «بعد مراجعة الوزارة عدة مرات عن الموضوع وبالتحديد بعد ستة أشهر، أخبروني بأن الطلب رفض من قبل اللجنة وأن قرار اللجنة يلغي قرار الوكيل المساعد بأن أعوّض بأرض أو منزل عن الأرض التي تحوّلت ملكيتها إلى شخص آخر، رغم وجود الأوراق الثبوتية !».

وتساءل سيد هاشم في نهاية حديثه لـ «الوسط»، «من المسئول عن ضياع أرضي، ألست مواطنا بحرينيا، ومن حقي الحصول على المسكن الملائم، لأعيش فيه مع أبنائي وزوجتي، وخصوصا بعد هذا العمر الطويل، والمعاناة في مراجعة وزارة الإسكان طوال الأعوام الماضية».

ووجه تساؤلات أخرى «كيف تقوم الوزارة بتحويل ملكية الأرض وهي مسجلة وموثقة باسم لدى وزارة العدل والشئون الإسلامية، والأمر الآخر هو أن الموضوع معلق منذ العام 1972، عند تقديمي طلب القسيمة، هل ضاعت الأرض بسبب إهمال الموظفين؟، متى سأحصل على الأرض أو المنزل الذي يأوي أبنائي؟!».