العدد 488 - الثلثاء 06 يناير 2004م الموافق 13 ذي القعدة 1424هـ

مناقشة إفلاس الهيئتين يجب أن تكون علنية

في ظل الشفافية واستقصاء الحقائق في قضايا الفساد المالي والإداري، لابد أن تطفو على السطح نتائج وحقائق مذهلة ومدهشة، لكون البعض لم يحسن التصرف في استغلال أو استثمار تلك الأموال استثمارا جيدا، ولم تجر أية دراسات أو بحوث أو استشارات من قبل خبراء في شئون المال والاقتصاد والاستثمار، ليكون ذلك الاستثمار ذا جدوى ومردود جيد بعيدا عن توقع الخسارة وضياع الأموال من دون تحقيق أرباح جيدة، وعدم المخاطرة برأس المال تحت أية ظروف كانت، وكذلك عدم المجازفة بوضع البيض جميعه في سلة واحدة، ومن هنا جاءت فكرة التنويع في طرق الاستثمار - كما ينصح الخبراء الاقتصاديون بذلك - وهذا ما أوقع القائمين في كل من هيئة التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد في مطبات وأخطاء فادحة لم يتداركوها منذ البداية أو إنهم أغفلوا ما أشرنا إليه سابقا، أو لكونهم لا يملكون الخبرة الكافية في التعامل والاستثمار بمثل تلك المبالغ الضخمة التي تصل إلى مليارات الدنانير، وهذه الأموال هي أموال عامة لقطاع كبير من أبناء هذا الشعب العاملين في القطاع العام والقطاع الخاص، وتخص شريحة كبيرة جدا من مختلف الطبقات العاملة من دون استثناء.

ولذلك فإن ما خرجت به لجنة التحقيق البرلمانية في قضية إفلاس كل من هاتين الهيئتين العريقـتين، والتقرير الذي نشر في صحيفة «الوسط» على مدى ثلاثة أيام وهي: 23 و24 و25 من شهر ديسمبر/ كانون الأول العام 2003م، يثير الدهشة والحيرة والاستغراب، ويدعو إلى التوقف عنده طويلا للتأمل في طريقة وأسلوب النهج الذي اتبع في التعامل مع كل هذه الأموال، ويبدو أنه لم يتم إجراء أية دراسات جدوى مسبقة للدخول في مثل هذه المغامرة الخطرة، كما يصاب من يقرأ هذا التقرير بالدوار والغثيان من الأموال الهائلة التي صارت هباء منثورا نتيجة لاستثمارها بطرق غير سليمة أو لشطبها وإلغائها عن كاهل من اقترضها من دون فرض فوائد عليها أصلا، أو عدم تدوينها كقروض لجهات معينة أو كمصروفات صرفت على أمور مختلفة أو كتبرعات لمشروعات خيرية وغيرها لا يسع المجال هنا لذكرها.

وعليه يجب محاسبة ومعاقبة كل الذين كانوا وراء ما آلت إليه الأمور والأوضاع في التسبب في الإفلاس الاكتواري لهاتين الهيئتين، ويجب أن تكون جلسة البرلمان والتي حدد لها تاريخ 10 يناير/كانون الثاني الجاري علنية، وأن تنقل على الهواء مباشرة، وكذلك الجلسات اللاحقة لها لمتابعة الموضوع، ليطلع جميع الناس على ما تتمتع به البحرين من ديمقراطية حقيقية، وما تنتهجه من موضوعية وشفافية مطلقة، خصوصا في مسألة تهم الطبقة العاملة في البحرين، ويجب على الاتحاد العام لعمال البحرين، والجمعيات السياسية والمجتمعية في البحرين أن تدعم وتساند مثل تلك القضية.

وختاما فإنني أود أن أشير إلى نقطة مهمة جدا، وهي أن القوانين والأنظمة المعمول بها في كل من هاتين المنشأتين الحيويتين، قد أكل الدهر عليها وشرب ولم تعد تصلح للتعامل بها ، ويجب تطويرها وتفعيلها لتتناسب والظروف المعيشية المعاصرة، ويجب أن تدمج كل منهما في مؤسسة واحدة، لتجنب التمييز في المعاملة مابين جميع العاملين في القطاعين الخاص والعام ، وإجراء التغيير الجذري في السياسة المتبعة لإدارة مثل تلك المرافق الحيوية، وكذلك سن القوانين والتشريعات التي يجب أن تكون مرنة وتتطور بصورة مستمرة وأن تخضع لمعايير وموازين معينة تكون في صالح الطبقة العاملة المساهمة فيها ولتجنب حدوث أية إشكالات أو محاولات للمس أو التطاول على المال العام من قبل أية جهة كانت، ولتلافي تكرار ما حدث للمحافظة وصيانة الأموال العامة من عبث العابثين واستغلال المستغلين، وحتى لا يتسرب الفساد المالي إلى منابع تلك الأموال التي هي خاصة بفئات كثيرة من أبناء هذا الشعب، خصوصا الأيتام والأرامل والعجزة من أهل العاملين الذين خدموا البلاد ردحا من الزمن، وتركوا تلك الأموال لتكون معينا وسندا لأهلهم من تقلبات الزمان وعوادي الدهر، ومن ذل الحاجة والسؤال ولحفظ ماء الوجه.

محمد خليل الحوري

العدد 488 - الثلثاء 06 يناير 2004م الموافق 13 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً