العدد 511 - الخميس 29 يناير 2004م الموافق 06 ذي الحجة 1424هـ

لو أنّ الجامعة اهتمّت بكفاءة البرنامج قبل طرحه لكان وضعنا مختلفا

طالبات «الجغرافيا التطبيقية» يعقّبن على الجامعة:

المنامة - محرر الشئون المحلية 

29 يناير 2004

ردت مجموعة من خريجات الجغرافيا التطبيقية، على ما نشرته جامعة البحرين قبل فترة تحت عنوان «أدخلنا تطويرات مهمة على الجغرافيا التطبيقية» والذي نشر في الصحافة المحلية، بقولهن لـ «الوسط»: «نرغب نحن خريجات الجغرافيا التطبيقية في طرح هذه الإشكالات، والتي نرى أنّه من الإنصاف أن تتوقّف عندها الجامعة، بل جميع مؤسسات المجتمع المعنية بالأمر».

وأضفن «لقد ورد في ردّ الجامعة أنّها مؤسسة أكاديمية وظيفتها إنتاج المعرفة، وليست معهدا للتدريب المهني المباشر، وأنّ التعليم الموجّه لشغل وظائف معينة ليس أحد أدوارها. وهنا نودّ أن نقول أولا: إنّ المعرفة التي تعمل «على تنمية المعارف وطرق التفكير والمنطق»، ومن ثَمَّ تعمل على «تأصيل التحليل والاستقراء ارتقـاء بالقدرة على اتخـاذ القرار كي تستمرّ عجلة التنمية والتطوّر»، لا تتحقّق الإفادة منها إذا لم تُستثمر في واقع الحياة، ولا يمكن ذلك إلاّ من خلال العمل.

فإذا كان تخصص الجغرافيا التطبيقية قد أكسب خرّيجيه معرفة جغرافية، وقدرة على التفكير والتحليل والاستقراء واتخاذ القرار، من دون أن يُوظّف كلَّ ذلك في خدمة المجتمع عبر الوزارات والمؤسسات، فما نفع تلك المعرفة؟ ثانيا: إذا كان التعليم الموجّه نحو شغل وظائف معينة ليس أحد أدوار الجامعة، فبماذا تفسّر الجامعة وجود فصولٍ تدريبيةٍ لكثيرٍ من التخصصات في كلية إدارة الأعمال، والهندسة، والعلوم، والآداب، والتربية؟ أليس لتدريبهم وتهيئتهم للعمل سواء في وزارة التربية أو غيرها؟ وإذا كانت الجامعة ليست هي المؤسسة المسئولة عن تخريج الكوادر التي تقوم على سواعدها المملكة، فما هي تلك المؤسسات التي تحمل على عاتقها هذه المسئولية؟ وهل يوجد في المملكة معاهد تدريبٍ مهنيٍّ مباشر، كالتي تحدّثت عنها الجامعة، بشكلٍ يستوعب الطلبة الذين يتخرّجون من المدارس سنويا؟».

وتابعن «ثالثا: أكّدت الجامعة أنّ خرّيجي الجغرافيا يستطيعون العمل في غير سلك التعليم، لكنّ ما يحدث في الواقع ليس كذلك، لا لعدم وجود شواغر فقط، بل لعدم معرفة الوزارات والمؤسسات بالتخصص أصلا ومدى فائدته، ولأنّ مستوى الخرّيجين ليس هو ذاك المطلوب، وخصوصا فيما يتعلّق بنظم المعلومات الجغرافية GIS ، أو البرنامج الاحصائي للعلوم الاجتماعية SPSS . ومن هذه الوزارات والمؤسسات: وزارة الإسكان، وزارة الصحة، وزارة الأشغال، وزارة العمل، معهد البحرين للدراسات والبحوث، بتلكو، وغيرها. لقد ذهبنا لهذه المؤسسات، وعدنا نجرُّ أذيال الخيبة، إذ رفض بعضهم تسلم أوراقنا أصلا، والبعض الآخر سأل عمّا يستطيع أن يفعله خرّيج الجغرافيا في تلك المؤسسة، والبعض اعتذر بعدم وجود شواغر.

والذين تتحدّث الجامعة عن توظيفهم في مجالات الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية قلّة قليلة مقارنة بالخرّيجين العاطلين عن العمل. وهنا نرغب في التنويه إلى أنّ مكتب الإرشاد الوظيفي في الجامعة قد منح الخرّجين قائمة بعنوان: «الجغرافيا التطبيقية في سوق العمل»، تضمّ أسماء الشركات والمؤسسات والوزارات التي يمكنهم العمل فيها، ويبدو أنّ المكتب قد وضع القائمة من دون التنسيق مع تلك الوزارات والمؤسسات، لأنّها لم تكن على علمٍ بالأمر حين راجعها الخرّيجون بخصوص التوظيف.

ولو أنّ الجامعة نسّقت مع تلك الوزارات والمؤسسات مُسبقا، ونظّمت أنشطة إعلامية على نطاقٍ واسعٍ بهدف تعريفها بهذا التخصص وأهميته، لكانت وجهة نظرهم فيه مُغايرة.

هذا بالطبع مع تطوير مستوى الخرّيجين باستمرار ومواصلة التدريب على برامج نظم المعلومات الجغرافية التي تتناسب مع مؤسسة العمل.

رابعا: ادّعت الجامعة أنّ طموح طالبات الجغرافيا يتوقّف عند العمل في «سلك التدريس» الحكومي فقط، وهذا غير صحيح. لقد كان العمل سببا رئيسيا في توجّه الكثيرات منهنّ نحو التربية، إذ فقدن الأمل في العثور على فرصة عملٍ مناسبةٍ في غير وزارة التربية، ولم يجدن أملا في التوظيف في غير سلك التدريس، فاجتهدن للحصول على دبلوما التربية، وبإمكان الجامعة أن تجري استطلاعا لآرائهنّ بهذا الخصوص.

ولو يتمّ توفير فرص عملٍ أخرى في غير سلك التدريس، لما تردّدن لحظة واحدة في العمل، وخصوصا اللاتي لم تسنح لهنّ الفرصة للحصول على دبلوما التربية في التدريس. وكثيرا ما ألحّ الطلبة على أساتذة القسم ورؤسائه ومنسّقي البرنامج بإلغاء مشروع التخرّج وإضافة فصلٍ تدريبيٍّ في تلك الوزارات والمؤسسات التي يمكنها أن تستوعبهم، إلاّ أنّ شيئا من ذلك لم يحدث. بل حتى عندما طلبوا منهم إدراج التربية كتخصصٍ فرعيّ رفضوا ذلك بحجّة اختلاف عدد ساعات التربية والساعات المطروحة للتخصص الفرعي للجغرافيا.

خامسا: يبدو أنّ الجامعة تستنكر رغبة الطالبات في العمل في القطاع الحكومي، فقد أشارت إلى ذلك بقولها إنّ طموح طالبات الجغرافيا يتوقّف عند العمل في سلك التدريس (الحكومي) فقط. لا يوجد مَن لا يرغب في عملٍ حكوميٍّ يحظى فيه بامتيازاتٍ لا يوفّرها القطاع الخاص.

لقد التحقت قلّةٌ من الخرّيجات اللاتي تحملن دبلوما التربية بالمدارس الخاصة براتبٍ لا يتجاوز مئتي دينارٍ شهريا، تحت ضغط الظروف الحياتية. فهل تتقاضى جامعيةٌ تحمل شهادتي البكالوريوس والدبلوم العالي مثل هذا الراتب بعد خمس سنواتٍ من الدراسة الجامعية، وبعد كلّ تلك المصاعب المعنوية والمادية، إذ كانت رسوم المقرر الدراسي الواحد مئة وعشرين دينارا؟.

ثمّ إنّ بعض المدارس الخاصة تفرض على الخرّيجة تدريس الصفوف كافّة وللمراحل الدراسية في المدرسة كافّة، لتوفّر على نفسها راتب أُستاذةٍ أخرى ، فهل يعقل ذلك؟

سادسا: تتحدّث الجامعة الآن، وبعد خمس سنوات، عن تطويراتٍ مهمة لبرنامج الجغرافيا، ولو أنّها اهتمّت بكفاءة البرنامج قبل طرحه ألا، عبر توفير جميع الأجهزة التي تحتاجها المقررات التطبيقية، وتجهيز مختبرات الحاسوب، واختيار أفضل نظم المعلومات الجغرافية وأكثرها استخداما في الوزارات والمؤسسات، وطرح تخصصاتٍ فرعيةٍ أكثر ملاءمة للتخصص من علم الاجتماع أو اللغة الانجليزية، مثل GIS أوSPSS ، لكان وضع الخرّيجين الآن مختلفا تماما. وليس ذنب الخرّيجين أنّ الجامعة لم تفكّر في تطوير البرنامج إلاّ في وقتٍ متأخّر، كي ترفضهم مؤسسات العمل، فقد بذلوا جهدهم لمواصلة التعليم الجامعي ليس بهدف المعرفة فحسب، بل بهدف تحقيق طموحاتهم في الحصول على وظيفةٍ جيدةٍ، تحقّق ذواتهم، وترقى بهم ماديا واجتماعيا، وتحرّك عجلة التنمية في وطنهم. فالمعرفة وحدها لا تكفي للعيش»

العدد 511 - الخميس 29 يناير 2004م الموافق 06 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً