قال المستشار القانوني عادل رمضان الأبيوكي في ندوة عن «مدى مسئولية الوزراء في الدول الديمقراطية» في ديوانية أحمد جناحي مساء أمس الأول «إن الوزراء الثلاثة في ملف تجاوزات هيئتي التأمينات والتقاعد مسئولون مسئولية سياسية عن تجاوزاتهم بحسب المادتين 48 و66 من دستور 2002»، مبينا أن الفقهاء الدستوريين يختلفون عن مسئوليات الوزراء بالنسبة الى الهيئات والمؤسسات التي تقع تحت إشرافهم، فبعضهم - كما قال - اعتبر أن الوزراء لا مسئولية سياسية عليهم، وإنما مسئوليتهم إدارية فقط، معللين ذلك بكون الكثير من مؤسسات الدولة تقع تحت مسئولية الدولة سواء كانت مجلس الوزراء أو رئيس الدولة في النظام الجمهوري، أو ديوان الرقابة المالية والإدارية التابع للبرلمان، ما يجعل المسئولية محددة في الدولة ونظامها.
أما عن البعض الآخر من الفقهاء الدستوريين، فحمل الوزير - بحسب الأبيوكي - المسئولية السياسية لتجاوزات الهيئات التي تقع تحت إشرافه، حتى لو كان الإشراف عليها شكليا، مدللا على ذلك بكون إلغاء أية وزارة او الوزارات لا ينفي المسئولية عنه إذا ثبت حصول تجاوزات فيها أو في بعض إداراتها، ما يعني أن المسئولية السياسية تقع مباشرة على الوزير، وليس على الهيئة.
وفي سرد تاريخي، تحاشى فيه الأبيوكي تسليط الضوء على أزمة التأمينات والتقاعد، مبينا أنه يتكلم عن مسئولية الوزير في الدول الديمقراطية، تطرق المتحدث إلى النشوء التاريخي لوجود المسئولية السياسية على الوزير، فأكد في البداية حاجة النواب إلى تثقيف سياسي في المسائل القانونية ليمارسوا صلاحياتهم بدقة، مبينا أن الوزير في النظم الديمقراطية - بحسب فريق من القانونيين - هو بمثابة موظف عام يحمل الصفة السياسية، ويعين ويعزل كبقية الموظفين، إلا أن فريقا من القانونيين أكد أن الوزير ليس موظفا عاما، بل له نظام خاص يحدد مسئوليته، وتتم محاكمته وفق قانون محاكمة الوزراء، فهو يمارس دوره وفق رؤية سياسية وإدارية، وله سلطة إشرافية ووصائية بحيث يتولى على بعض الجهات التابعة للوزارة.
وأكد الأبيوكي أن وزير الدولة (الوزير بلا حقيبة) يختلف دوره وموقعه في بعض الدساتير والنظم السياسية، إذ لا تفريق بين وزير الدولة وغيره من الوزراء الذين يحملون حقائب وزارية، في بعض الدساتير والنظم، إذ يأخذ دوره لإكمال النواقص في السلطة التنفيذية وتغطية بعض البرامج والخطط التي تتبناها، فيما تفرق بعض النظم بين وزير الدولة والوزير بلا حقيبة، إذ يعطي الدستور الفرنسي الوزير بلا حقيبة صلاحيات أكبر من صلاحيات الوزراء بحقيبة ويقدمه عليهم، إذ يأتي بعد رئيس الدولة مباشرة.
وتطرق الأبيوكي إلى مسئولية الوزير منذ بدء نشوء النظام البرلماني في بريطانيا، فأكد أن تهمة الوزير تأخذ بعدا جنائيا، بحيث أن ثبوت التهمة عليه تجرده من صلاحياته وثروته، وتحمله مسئولية أخطاء الملك هناك، الذي كان يوصف بأنه مفوض من قبل الله على العباد والبلاد، ثم تم تطوير هذا النظام بحيث اقتصرت مسئولية الوزير إذا ثبت في حقه تقصير أو تجاوز في المسئولية السياسية، وذلك بعزله من منصبه فقط من دون تجريده من ثرواته وأملاكه، إذ اعتمد بعد ذلك أساسا في محاسبة الوزراء، فأصبحت مسئولية الوزير سياسية، وقد نشأ النظام البرلماني بنشوء الرقابة.
وأشار الأبيوكي إلى أن طلب سحب الثقة من الوزراء هو نتيجة لممارسة البرلمان لسلطاته الرقابية، مبينا أن سحب الثقة بمثابة الأثر مترتب على المراقبة والممارسة البرلمانية وليس عملية إجرائية يمكن سحب الثقة معها من الوزراء في أي وقت، إذ أكد في هذا المجال أن الوزير يتحمل مسئولية ذاتية وشخصية في الأخطاء والتجاوزات، فإذا تضامن الوزراء مع بعضهم بعضا سقطت الحكومة لانتفاء المسئولية الشخصية، إلا أنه عاد وأكد أن الاستجواب ليس بالضرورة يؤدي إلى سحب الثقة، وإنما يؤدي إلى تشكيل لجان فرعية لتقصي الحقائق أكثر فأكثر
العدد 511 - الخميس 29 يناير 2004م الموافق 06 ذي الحجة 1424هـ