أثار قرار مجلس الوزراء بتعديل قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة والتأمين الاجتماعي، حفيظة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بعد أن نص القرار على أن «يحدد التعديل عدد أعضاء مجلس إدارة التأمينات بخمسة عشر عضوا منهم خمسة يمثلون الحكومة، وخمسة من المؤمن عليهم من ذوي الخبرة والكفاءة، وخمسة من أصحاب العمل»، وذلك بعد أن كانت الهيئة العامة للتأمينات تتكون من ثمانية أعضاء يمثلون الحكومة وثلاثة يمثلون العمال المؤمن عليهم، وثلاثة يمثلون أصحاب العمل.
وقد اجتمع الاتحاد صباح أمس لمناقشة قرار مجلس الوزراء. وبحسب المعلومات، فإن الاتحاد سيصدر اليوم بيانا يدين فيه هذا القرار ويؤكد حقه في التمسك بتمثيل العمال في جميع «المجالس واللجان المعنية بشئون العمل والعمال» حسب ما نصت عليه المادة الثامنة من قانون النقابات.
من جهته، لفت الناشط السياسي عبدالعزيز أبل إلى أن إعطاء الوزراء صلاحيات التوجيه والاشراف نقطة ليست مناسبة مع وجود خمسة أعضاء ممثلين عن الحكومة في إدارة الهيئتين، مؤكدا ان التوجيه والاشراف مع وجود الأعضاء الخمسة يعد تدخلا، وامرا يتنافى مع استقلالية الهيئتين». كما أخذ أبل على تعيين المديرين العامين بمرسوم.
أما نائب رئيس جمعية العمل الديمقراطي للشئون التنظيمية ابراهيم شريف، فقال «ان تعيين المديرين العامين يجب ان يتم من قبل مجلس النواب».
الوسط - سلمان عبدالحسين
قال الناشط السياسي عبدالعزيز أبل تعليقا على الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة في ملف التأمينات والتقاعد: «يبدو أن الحكومة قررت مباشرة تعديل قانون التأمينات بنفسها، وهذا وضع غير طبيعي، فالوضع الطبيعي أن تقترح الحكومة صيغة لتعديل القانون على مجلس النواب، ولا تقرر سلفا أن صيغتها هي النافذة، فهي تقدم صيغة مقترح، ويبقى لمجلس النواب أن يقرر إن كانت هذه الصيغة مقبولة أم لا، أو يقرر رفع يد الحكومة كلية عن إدارة مجلسي الهيئتين».
وأضاف: «الحكومة قالت إن الهيئتين مستقلتان، لكنها في الوقت نفسه تعيّن خمسة مندوبين لها في مجلس الإدارة، وهذا يتنافى مع استقلالية الهيئتين، وهي تقول إن الوزراء ستكون لهم صلاحيات التوجيه والإشراف، وهي نقطة ليست مناسبة في ظل وجود الأعضاء الخمسة الممثلين للحكومة، فالتوجيه والإشراف ينبغي أن يكون في غياب الخمسة ليكون صحيحا، أما الإشراف مع وجود الأعضاء الخمسة فهو بمثابة التدخل».
ولفت أبل إلى «أن استقلالية الهيئتين، لا ينبغي معها أن يعين المديرون العامون بمرسوم، بل ينبغي أن يعينهم مجلس الإدارة بإرادته المستقلة، وبقرار إداري منه، فالمرسوم كأداة تشريعية، يعني أن الحكومة مازالت تهيمن على القرار، لأن من يعين بمرسوم لا يستطيع مجلس الإدارة أن يزحزحه عن كرسيه خلال السنوات الأربع حتى لو أخطأ، إذ ينبغي أن تكون استقلالية هيئة التأمينات تحديدا واضحة عن الحكومة، فلا ينبغي للحكومة أن تتخذ قرارا بتعيين أي إداري بمن فيهم المدير العام، ولا أن تكون موجودة في مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية، فمن يضع المال هو المسئول عن إدارته».
نائب رئيس جمعية العمل الديمقراطي للشئون التنظيمية إبراهيم شريف أكد كلام أبل أن المشكلة في التعيينات، متسائلا: من يعين ممثلي العمال والقطاع الخاص؟ فإذا كانت الحكومة ستعينهم، فكأنك «يا بوزيد ما غزيت»، لأن ولاءهم لمن عيّنهم، إذ دعا إلى أن يكون أساس التعيين أن يعيّن كل طرف ممثليه، سواء اتحاد العمال بالنسبة إلى العمال، أو غرفة التجارة بالنسبة إلى أرباب العمل.
وأكد أيضا ما قاله أبل من أن الحكومة أعطت لنفسها حق تعيين مدير عام هيئة التأمينات، داعيا إلى تعيين مدير عام هيئة التأمينات من قبل مجلس إدارة التأمينات، فإذا كانت الحكومة تريد أن تتدخل في تعيين المدير العام، فيجب تثبيته من قبل مجلس النواب، للتخلص من مسألة من يعين وبالتالي من يحاسب.
وأكد شريف أهمية تمثيل المشتركين المتقاعدين من خلال نقابات القطاع الحكومي، لأنه سيحل إشكال هيمنة الحكومة على صندوق التقاعد بأن يكون تمثيل العمال المشتركين والمتقاعدين بنسبة لا تقل عن 50 في المئة.
أما عن تغيير المدقق الاكتواري مرة كل ثلاث سنوات، فأكد شريف أنه أمر متبع في غالبية دول الخليج، لكنه دعا من جهة إلى مراجعة اكتوارية فورية وشاملة من قبل محاسب اكتواري آخر للتأكد من النتائج التي توصل إليها الخبير الاكتواري إبراهيم المهنا.
ولفت شريف إلى أن مجلس الوزراء لم يتكلم لا عن محاسبة الوزراء ولا عن تغييرات في الطاقم الإداري، وكأن الأخطاء والتجاوزات وبيئة الفساد يتحملها مجهولون، كما لم يتحدث عن زيادة الاشتراكات، على الأقل بالنسبة إلى الطرف الحكومي والطرف الخاص، مؤيدا رفع الاشتراكات بالنسبة إلى العمال، ليسترجع العمال ثقتهم بنظامي التأمين والتقاعد، مشيرا إلى تجاهل الحكومة توصيات الخبير الاكتواري وقرارات مجلسي إدارة الهيئتين اللتين تبنتا غالبية توصياته، مثل التقاعد المبكر، والزيادات في حال الوفاة والعجز لثلاث سنوات.
من جهته، تمنى رئيس جمعية الشفافية جاسم العجمي أن تطرح الحكومة مرئياتها بصورة متكاملة فيما يخص تنفيذ توصيات لجنة التحقيق البرلمانية، لافتا إلى أن العنوان الرئيس لما صدر عن مجلس الوزراء هو ضمان استقلالية هيئتي التأمينات والتقاعد، وهو خطوة إيجابية بحسب العجمي.
وذكر العجمي أن قصر مسئولية وزيري العمل والمالية على الناحية الإشرافية من دون ترأسهما لمجلسي إدارتي المؤسستين هي خطوة من ضمن خطوات عدة لابد من اتخاذها من أجل ضمان استقلالية المؤسستين، بحيث يتم وضع إطار قانوني يحدد العلاقة بين الوزيرين المسئولين والمؤسستين.
أما فيما يخص تحديد فترة عمل كل من مدققي الحسابات والخبير الاكتواري بثلاث سنوات، فأشار العجمي إلى كونهما قرارين مهمين لتعزيز الرقابة المالية على المؤسستين، لافتا إلى أن قرار مجلس الوزراء يحتاج إلى تعريف: ماذا يقصد بمدقق الحسابات؟ فهل المقصود بالمدقق الشركة التي تدقق الحسابات، أو الشريك المسئول عن تدقيق المؤسسة.
وأضاف: «ما طرحه النواب خلال المناقشات التي دارت في أروقة البرلمان، وتقرير اللجنة البرلمانية فيما يخص مراقبي الحسابات الخارجيين، هو عدم بقاء شركة التدقيق لفترة تتجاوز ثلاث سنوات، لأن العرف عند المدققين أن يتم تبديل المدقق المسئول كل 5 سنوات مع بقاء الشركة في التدقيق، فليست المشكلة بحسب ما هو متعارف عليه في مهنة التدقيق بقاء شركة التدقيق لفترة زمنية طويلة إذا ما تم استبدال رئيس فريق التدقيق كل 5 سنوات».
وختم حديثه بالقول: «نحتاج إلى تصور متكامل إلى كيفية معالجة ما تم الكشف عنه في التقرير، والمتوقع من اللجنة الوزارية أن تقوم بهذه المهمة من دون إغفال دور البرلمان، لأن هناك الكثير من القضايا لا تستطيع الحكومة القيام بها إلا بوجود التشريعات اللازمة، فتشكيل مجلس الإدارة على سبيل المثال يتطلب تمرير القانونين المنظمين لعمل المؤسستين، وتعويض الهيئتين يتطلب تغيير موازنة العام 2004، إذ لابد من اعتماد مالي تستخدمه الحكومة من أجل التعويض».
على صعيد النواب، بدا بعض النواب أقل حماسا من النشطاء السياسيين وما أبدوه من ملاحظات، إذ أكد النائب عبدالله العالي أن تعاطي الحكومة مع التوصيات يؤكد جديتها في تنفيذ التوصيات التي رفعت، ونأمل تنفيذ باقي التوصيات، لأن تحقيق التوصيات يعد إنجاحا للمشروع الإصلاحي.
واعتبر العالي ما قام به مجلس الوزراء خطوات يشكر عليها، لافتا إلى أن الاستجواب يرتبط بمدى استجابة الحكومة للتوصيات، فإذا ما تم تنفيذ التوصيات كاملة، فلا معنى لوجود الاستجواب، هذا ما أجمع عليه النواب كما قال العالي، فإذا لم تكن هناك توصية بشأن إقالة الوزراء، فنتمنى معالجتها بقرار سياسي حكيم.
أما النائب حمد المهندي، فعلق على قرارات مجلس الوزراء بالقول «لابد أن نقول للمحسن أحسنت، وللمسيء أسأت، وكل يأخذ جزاءه أو ثوابه بحسب اللوائح والقوانين المعمول بها في المملكة، من دون النظر إلى شخصه سواء كان وجيها أو وضيعا»، معتبرا قرارات مجلس الوزراء خطوة إيجابية وتمنى أن تتوالى الخطوات لتصحيح الوضع وتطبيق التوصيات كافة، مؤكدا أن الاستجواب سيستمر في إجراءاته بحسب اللائحة الداخلية، ولابد من عرض الاستجواب على المجلس في أول جلسة
العدد 522 - الإثنين 09 فبراير 2004م الموافق 17 ذي الحجة 1424هـ