تتسم موازنة المملكة العربية السعودية للعام 2004 بالمحافظة على الدخل والحذر من الانفاق، وهي ممارسة تقليدية في المملكة. إذ تخفض السلطات عن قصد من الدخل المقدر والانفاق بسبب تقلب أسعار النفط، العنصر الوحيد الأكثر أهمية للموازنة.
وتدعو الأرقام المتوقعة للعام 2004 لدخل يبلغ 200 بليون ريال سعودي (أكثر من 53 بليون دولار أميركي) وانفاق يقدر بنحو 230 بليون ريال سعودي، تاركة عجزا يبلغ 30 بليون ريال سعودي (8 بليون دولار أميركي). ويعتبر هذا الدخل أعلى بنحو 18 في المئة عن الدخل المخطط للعام 2003 ويعكس مستوى انتاج نفط ثابت ونظرة إيجابية للأسعار. بلغ متوسط انتاج النفط لدى المملكة السعودية نحو 8,7 ملايين برميل في اليوم خلال العام 2003 ويتوقع أن يبقى على أساس متين خلال العام 2004. ومن المحتمل أن يتأرجح سعر النفط ما بين 25 دولار للبرميل وربما أعلى من ذلك وفقا لتخمينات أخرى.
ويظهر الانفاق المتوقع نموا يقدر بنحو 10 في المئة مقابل الأرقام المخصصة للعام 2003. ويقصد من الارتفاع في الانفاق جزئيا مواجهة القضايا المتعلقة بنمو السكان بالإضافة للمخاوف الأمنية، بينما وضع عدد السكان المقدر بنحو 22,8 مليون نسمة تقريبا في العام 2003 مقابل 22 مليون في العام 2002، وفقا لذلك، ذكر أن الحكومة وضعت جانبا أموالا إضافية لقطاعي التعليم والصحة، وخصص المبلغ الأكبر والأسوأ للأغراض الأمنية كجزء من جهود للتعامل مع التهديدات الارهابية المتنامية. إذ شهدت الرياض وحدها هجمات ارهابية عدة في الشهور القليلة الماضية. ويعتقد على نحو واسع أن الارهابيين يرتبطون بشبكة القاعدة الارهابية، التي تهدف إلى تنفير المواطنين الأجانب والشركات من العيش والاستثمار في العربية السعودية. وإذا أصبح العام 2003 دليلا لأي تنبؤ فإن موازنة العام 2004 ستنتهي بفائض. في العام 2003، ارتفع الدخل الفعلي بنسبة ضخمة تقدر بـ 73 في المئة في أعقاب انتاج نفط مرتفع وأسعار ثابتة. لكن نما الانفاق بنسبة 20 في المئة تقريبا. وهكذا، حققت الموازنة فائضا بلغ 45 بليون ريال (12 بليون دولار) مقابل عجز مقدر بنحو 30 بليون ريال. الحقيقة تشعر السلطات برغبة ملحة في تحقيق فائض لكي تعيد دفع دين مستحق يشكل 90 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وخُفِّض العجز المتوقع للعام 2004 بنسبة 23 في المئة من تقديرات الموازنة للعام الماضي. على رغم ذلك، يبقى العجز عاليا، إذ يمثل 4 في المئة من حجم إجمالي الناتج المحلي للمملكة السعودية. وخلافا لذلك، يطلب أعضاء منطقة اليورو ضمان ألا يتعدى عجز الموازنة 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
النفط يسيطر على الاقتصاد
يبقى اقتصاد المملكة العربية السعودية معوِّل بشكل فريد على الصدمات الخارجية. إذ يسهم النفط بنحو 70 في المئة من دخل الخزانة، صحيح، أن العربية السعودية تعتبر مصدر النفط الأكبر في العالم، لكن يحدد قانون العرض والطلب الأسعار في الأسواق الدولية. ويتوقع أن تبقى أسعار النفط ثابتة خلال السنة بشرط ألا يعود العراق إلى سوق النفط بسعته الكاملة. ولا عجب، أن يدعو صندوق النقد الدولي السلطات السعودية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
وفي مراجعته السنوية لاقتصاد المملكة السعودية، دعا الصندوق لخطوات ملموسة لتعزيز الدخل غير النفطي. إذ رحب الصندوق بالخطوات الحكومية بشأن نظام ضريبة الدخل المتعلقة بالشركات وادخال الضريبة غير المباشرة على السلع الاستهلاكية الكمالية المختارة. وتأمل السلطات كسب دخل اضافي من مثل هذه المصادر المتنوعة تتضمن برنامج خصخصة. في أواخر العام 2002، ربحت شركة اتصالات السعودية نحو 4 بلايين دولار من البيع الجزئى لأسهمها في عرض عام أولي. وتلعب السياسة المالية دورا مهما في الاقتصاد. ويمثل الانفاق الكلي للعام 2004 أكثر من ربع الناتج الإجمالي المحلي. وفقا لذلك، للموازنة تأثير قوي على النشاط الاقتصادي في المملكة. في الحقيقة. يظل الاقتصاد السعودي بكامله تحت رحمة قطاع النفط، بينما يغذي دخل النفط الانفاق
العدد 532 - الخميس 19 فبراير 2004م الموافق 27 ذي الحجة 1424هـ