لفت نائب رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي للشئون التنظيمية إبراهيم شريف إلى أن قرار مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الأحد بتعديل بعض مواد قانون تنظيم معاشات التقاعد فيه تعديل خطير للغاية، وهو اقتراح مجلس الوزراء استقلالية موازنة هيئة التقاعد عن موازنة الدولة، لأنه يعني عدم ضمان الدولة لمستحقات المتقاعدين، وهذا غير جائز - بحسب شريف - قبل إصلاح الوضع الاكتواري لصندوق التقاعد.
وأضاف «هناك رأي قانوني يؤكد أن وضع صندوق التقاعد يحمل الدولة مسئولية تمويل أي عجز في صندوق التقاعد، بينما في حال التأمينات الاجتماعية، فالقانون ينص على أن الدولة يمكن لها أن تقرض التأمينات في حال وجود عجز، وليس هناك إلزام بذلك، ومع اقترح مجلس الوزراء باستقلالية موازنة التقاعد عن الدولة، يعني بأن الدولة لن تكون ملزمة بحكم القانون بالوفاء بالتزامات الصندوق تجاه المتقاعدين بعد أن يشهر إفلاسه خلال 20 عاما».
وتساءل شريف بخصوص التعديلات التي أجريت على قانون التأمين: هل مجلس إدارة التأمينات سيعين الرئيس التنفيذي أم ستعينه الحكومة؟ مؤكدا ضرورة أن يعينه مجلس الإدارة إذا كان يريد الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، لكنه اعتبر أن تسمية رئيس تنفيذي بدل مدير عام مجرد أمر شكلي، والمهم هو الصلاحيات.
وأشار شريف إلى المادة 12 من قانون التأمين الاجتماعي تعتبر أن تعيين المدير العام يكون بقرار من مجلس الوزراء، بناء على ترشيح من وزير العمل، وهذا ما لم يتطرق إليه التعديل، مضيفا «من الأفضل أن يكون هناك ترشيح الرئيس التنفيذي (المدير العام) من قبل مجلس إدارة التأمينات، ويكون تثبيته من الهيئة التشريعية، بحيث يمكن مساءلته أمامها».
وعن تحويل صلاحيات وزيري العمل والشئون الاجتماعية والمالية والاقتصاد الوطني إلى رئيسي مجلسي إدارتي الصندوقين، أكد شريف أن المفترض أن يتم تحويل الصلاحيات إلى مجلسي إدارة الهيئتين، لافتا إلى أن رئيس مجلس الإدارة بحسب القانون عنده صلاحيات كثيرة، لكونه يأخذ محل الوزير المختص سابقا، ويجب أن تحجب عنه هذه الصلاحيات.
وزاد على ذلك «وزير العمل والشئون الاجتماعية يستطيع عدم اعتماد قرارات مجلس الإدارة بحسب قانون التأمين العام 1976، وبالتالي فالقانون يعطي أصواتا للوزير أكثر من الصوت الواحد الذي يمثله، وهو ذاته ما سيكون عند رئيس مجلس الإدارة، إذ إن مجلس الإدارة سيكون بحاجة 12 صوتا لنقض نقض «فيتو» الوزير لقراراته.
ودعا شريف إلى تخفيف دور رئيسي مجلسي إدارة الصندوقين، إذ لا يجوز لهما - كما قال - نقض القرارات، كما هو جائز للوزير حسب المادة 10 من قانون التأمين الاجتماعي، وإنما يجب اعتبارهما عضوين في مجلس الإدارة، لهما صوت اعتيادي في الأوقات الاعتيادية، وترجيحي في الأوقات الاستثنائية.
وأكد شريف دعوته إلى نزع الكثير من صلاحيات رئيسي مجلسي إدارة الصندوقين بقوله «رئيس مجلس الإدارة شخص غير متفرغ، ولا تعطى مهام التوظيف والتعيين والشئون المالية والإدارية كما جاء في التعديل على قانوني التأمينات والتقاعد، وإنما تعطى كل هذه الصلاحيات للرئيس التنفيذي (المدير العام) مع ضوابط يضعها مجلس الإدارة، ويشكل مجلس الإدارة لجانا للتدقيق وللاستثمار ولمراقبة المخاطر، وللتعيينات والترقيات القيادية.
ولفت شريف أيضا إلى أن التعديل الذي أجري على تمثيل هيئة التقاعد كان غير متوازن، إذ مقترح تعديل الحكومة للحكومة 7 ممثلين، وثلاثة من العمال و2 من الخبراء أحدهم متقاعد، منبها إلى أن هؤلاء جميعهم تعينهم الحكومة بحسب القانون، وهذا لن يدفع باستقلالية هيئة التقاعد عن الحكومة قيد أنملة، والمطلوب - بحسب شريف - أن يكون هناك توازن بين التمثيل العمالي الذي يجب أن يعينهم اتحاد عمال البحرين، وبين تمثيل الحكومة، ومن الأفضل تعيين خبراء إضافيين من الهيئة التشريعية.
من جانبه، علق رئيس لجنة التحقيق في إفلاس الصندوقين النائب فريد غازي على التعديلات بقوله «كالسابق القرارات جاءت خطوة في الاتجاه الصحيح، فكل اجتماع لمجلس الوزراء يفعل العمل بتوصيات لجنة التحقيق البرلمانية، وجملة هذه القرارات الأمر هي في نهاية الأمر خطوة في الاتجاه الصحيح، والتي أعتقد متمنيا أن ترتبط بتصريح سمو رئيس الوزراء حديثا بشأن التعديل الوزاري، مؤكدا ضرورة أن يزاح الوزير المسئول عن التجاوزات حتى نضمن عدم تكرار ما صاحب مناقشة أوضاع الهيئتين من تجاوزات مالية وإدارية.
وذكر غازي أن قانون الهيئتين كما قرأنا من تصريحات صادرة على مجلس الوزراء، سيعرض على مجلس النواب، وستتاح لنا فرصة أكبر، بتأن ومخزون من الخبرة التي كونتها لجنة التحقيق البرلمانية، لمراجعة التعديلات التي قامت بها الحكومة.
الناشط السياسي والاقتصادي عبدالعزيز أبل اعتبر أن الحكومة تركز على جزء من المشكلة، فهي تتحدث عن إعادة النظر في الهيكل الإداري، ولا تتحدث عن كيفية معالجة ما حدث، ولا عن النتائج التي ترتبت على سوء الإدارة السابقة، فهي لم تعالج من مارس سوء الإدارة، وإنما تحاول الحكومة الهرب إلى الأمام، بطرح مسألة الهيكل الإداري، في حين أن الهيكل الإداري جزء من المعالجة.
وأكد أبل أن تعيين رئيس تنفيذي بدل المدير العام من دون أن تتغير طبيعة العلاقة بين مجلس الإدارة والرئيس لن يغير العلاقة، فما هو مطلوب - بحسب أبل - أن يخضع المدير التنفيذي لمجلس الإدارة وأن يقوم هو بتعيينه، ولا يكون عضوا في مجلس الإدارة، داعيا إلى تعزيز صلاحيات مجلس الإدارة في مراقبة إدارة الأصول المالية، ومن ثم مراقبة إدارة الاستثمار، إضافة إلى ضرورة وجود لجنة استثمار فاعلة، ولديها صلاحيات تقوم على لائحة داخلية واضحة، تلزم اللجنة نفسها بمسئولية نتائج الاستثمار.
ودعا أبل أيضا إلى أن يكون هناك جهاز رقابة داخلي تابع لمجلس الإدارة، ولا يكون المسئول عنه أعضاء مجلس الإدارة التابعين للحكومة، وإنما يكون المسئول عنه أحدا من القطاع الخاص أو المؤمن عليهم، كما لا ينبغي أن يكون رئيس الهيئتين من الجانب الحكومي، وإنما ممثل منتخب من القطاع الخاص أو المؤمن عليهم.
وضمن الضوابط التي وضعها أبل أيضا، أن تكون دورة أعضاء مجلس الإدارة محددة لفترة لا تتجاوز أربع سنوات، قابلة للإعادة لمرة واحدة، لضمان تجديد الدماء والأفكار والمعارف، وعدم وجود رتابة حتى في العلاقات الحميمة التي تنشأ، وتضعف الحس الرقابي والإداري عند المسئولين.
وختم حديثه بالقول «ما لم تقله الحكومة بعد، من أين ستأتي بالأموال المطلوب ضخها في موازنة التأمينات، وخصوصا في ضوء تقييد الموازنة بمدة سنتين ضمن الأبواب التي أقرت في الفترة الحالية؟»
العدد 537 - الثلثاء 24 فبراير 2004م الموافق 03 محرم 1425هـ