قال العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي عبدالحكيم الخياط: «إن 47 في المئة من منظمات العمل الخيري في الولايات المتحدة الأميركية يقوم على أساس ديني»، مشيرا إلى أنه «يبلغ حجم العمل الخيري في أميركا ما يكاد يساوي نظيره في دول العالم كافة، حتى أنه يسمى «القطاع الثالث» بعد القطاعين العام والخاص».
جاء ذلك صباح أمس (الأربعاء) خلال الجلسة الثالثة من أعمال مؤتمر العمل الخيري الخليجي الرابع، الذي يختتم أعماله اليوم (الخميس)، ويقام تحت عنوان «العمل الخيري للجميع».
وبيّن الحكيم في ورقته المعنونة بـ «الإنفاق على العمل الخيري دراسة مقارنة من منظور دولي»، أن الحكومة الأميركية تشجع الجمعيات الخيرية، حيث أنها تقدم لهم إعفاء من الضرائب، وتسهيل العمل المكتبي والميداني بالداخل والخارج، وتسهيل الطيران والشحن البري والبحري وغير ذلك من أوجه الدعم».
وفي حديثه عن الإنفاق على العمل الخيري في العالم الإسلامي، أوضح الخياط أن «هنالك نقصا واضحا في إحصاءات العمل الخيري محليا وخليجيا وعلى مستوى العالم الإسلامي، ويعود ذلك إلى عدة أسباب (...)».
وأكد الخياط أنه «لا توجد في العالم الإسلامي أعداد أو أرقام محددة للجمعيات والمؤسسات الخيرية، لأنها حديثة النشأة»، مضيفا «ويصعب حصر أعداد المنظمات الإسلامية في العالم لأنه لا توجد جهة محددة لها مهتمة بحصر العمل الخيري الإسلامي وإمكاناته وحجمه بدقة».
ونوّه الخياط إلى أن ذلك «لا يعني أن المسلمين يبخلون في إنفاقهم على الخير بل إن الشواهد تؤكد العكس، وإنما هناك ضعف واضح وكبير في البيانات المالية للعمل الخيري الإسلامي».
واعتبر الخياط أن ضعف البيانات المالية سببه «تشكيل الأفراد للغالبية العظمى من المتبرعين في العالم، ويتعمد المسلمون إخفاء تبرعاتهم لأسباب ودوافع دينية، وعدم ارتباط الإنفاق على العمل الخيري بأي نظام مالي في الدولة مثل الضرائب أو المحفزات المالية».
وتابع في بيانه لأسباب ضعف البيانات المالية للعمل الخيري «عدم قيام الكثير من المؤسسات الخيرية الإسلامية بالإفصاح عن حجم التبرعات التي تتلقاها وكيفية إنفاقها، إلى جانب عدم اتباع الكثير منها لأسس المحاسبة المتعارف عليها في إعداد القوائم المالية للمؤسسات الخيرية الإسلامية».
وخَلُص الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي إلى أنه «يتوجب على جمعيات العمل الخيرية، العمل مع الجهات الخيرية الأخرى والأهلية والحكومية، على خلق قاعدة بيانات شاملة عن العمل الخيري لما في ذلك من فوائد جمة على هذا العمل».
وأكد «ضرورة إنشاء مؤسسات مستقلة تعنى بتقييم أداء المؤسسات الخيرية من خلال وضع معايير واضحة، ليكون العمل الخيري الإسلامي أكثر مواكبة لمتطلبات هذه المرحلة ويزداد جودة ورقيا».
ودعا الخياط إلى «اتباع أسس ومعايير المحاسبة المتعارف عليها، والخاصة بالمؤسسات الخيرية، وتدقيق حساباتها من قبل مؤسسات محاسبية مستقلة متخصصة في هذا المجال، والكشف عن نتائج التدقيق بشكل سنوي لتحقيق الشفافية والمصداقية».
دعا الأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية مصطفى السيد إلى تطبيق الإدارة الحديثة والاستراتيجيات الجديدة في أداء قطاع العمل الخيري، موضحا أن تغيّر أنماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية، تتطلب الاستفادة من الإدارة الحديثة في عمل الخير.
وذكر السيد في ورقته بعنوان «نظرة علمية لإدارة الأعمال الخيرية على ضوء نظريتي موسيف وكليموك»، أن «التحولات الكبيرة التي يشهدها المجتمع، تحتم التفكير بطريقة علمية، من أجل الاستجابة العصرية لتحديات المجتمع، والارتقاء بالعمل الخيري بنحو خاص، لخلق بيئة سلمية تحافظ على أبناء المجتمع من الإهمال والضياع».
وأفاد السيد بأن «المؤسسة الخيرية الملكية تعمل لتفعيل دور الإدارة الحديثة في حقل العمل الخيري، من خلال تطبيق نظريات إدارية عصرية تستجيب لمتطلبات العمل الخيري، والتخطيط الاستراتيجي المتكامل».
وقال السيد: «إن أسلوب العمل في المؤسسة يقوم على مرتكزات نظرية متمثلة في نظريتي موسيف وكريموك، اللتين حققتا نجاحات مشهودة في مجال الإدارة التنفيذية الفاعلة، إذ تعملان على التخطيط الاستراتيجي، من خلال وضع الرؤى المتكاملة وتحديد المهمات، والتوظيف الأمثل للطاقات الإبداعية الكامنة في الإنسان، من خلال منظومة متكاملة تتضافر فيها عناصر التفكير والتخطيط العلمي وتوفير الموارد المطلوبة والمراجعة المستمرة للمشاريع والبرامج».
وأضاف «تقوم نظرية موسيف على وضع الرسالة والرؤية والأهداف والاستراتيجية والتنفيذ والمراجعة المستمرة، بينما تقوم نظرية كريموك على عناصر الإبداع والتحفيز والثقافة التنظيمية للعاملين».
وأكد السيد أن «المؤسسة الخيرية الملكية تعمل وفق المبادئ الإسلامية في الإدارة، وبتحديد قيمنا بعمل الخير والنزاهة والتكافل المجتمعي، والعدل والعمل الجماعي والإبداع والاحترام»، لافتا إلى أنه من خلال تطبيق المؤسسة للإدارة الحديثة، تساهم في أعمال التنمية، وتعمل على كفالة الأرامل والأيتام ورعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقدير المساعدات الاجتماعية والصحية والتعليمية».
أكد مدير عام مؤسسة الوقف الإسلامي في السعودية محمد الكثيري أن العمل الخيري فرصة لتحسين الصورة الذهنية للدول وليس عبئا عليها، لافتا إلى ضرورة أن تقوم المؤسسات الخيرية بتوثيق وإبراز جهودها لتحسين صورة دولها الذهنية.
واعتبر الكثيري في توصيات ورقته التي عنونها بـ «دور المؤسسات الخيرية الخليجية في تعزيز الصورة الذهنية لدول الخليج»، أن «تسليم الأموال الخيرية الخليجية للمنظمات الدولية لا يساهم في تحسين صورة دول الخليج في العالم.
وطالب الكثير وسائل الإعلام بالتوقف عن «سلبيته تجاه العمل الخيري كونه يسعى لتحسين صورة دوله».
ووصف الكثيري «مازال عملنا الخيري الخليجي في بداياته كمّا وكيفا، فحاجات دولنا ومجتمعاتنا أكبر من أن تقوم بها الحكومات وحدها». وقال الكثيري: «إن الدول المتقدمة خصصت لتحسين صورتها الذهنية موازنات ضخمة تفوق الإنفاق على برامجها التسليحية في الوقت الراهن»، مشيرا إلى أن «الصورة الذهنية خارج الدولة تعتبر انعكاسا لازدهارها الاقتصادي وتقدمها، وهي تساهم في الحد من الظواهر السلبية والمسيئة للدولة، فضلا عن أنها تعمل على تحقيق الأمن الفكري وتوحيد الأمة، وتعتبر أداة قوة مزدوجة للدولة والمجتمع».
وعرض الكثيري تجربة مؤسسة الوقف الإسلامي في تحسين صورة السعودية الذهنية، وبيّن أنهم عملوا في ذلك على العناية برسالة السعودية الدعوية والثقافية، وإبراز الجانب الإنساني لها، إضافة إلى المساهمة في تنمية الدول الإسلامية، وتوثيق العلاقة مع النخب السياسية والاجتماعية، إلى جانب إبراز علمائها كونهم مرجعيات شرعية».
العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ