العدد 2355 - الأحد 15 فبراير 2009م الموافق 19 صفر 1430هـ

المحامي المديفع: قانون تقسيم الأراضي مخالف للدستور

بعد اقتطاع «البلديات» أكثر من ربع المساحة لشركة عقارية

حجزت المحكمة الكبرى الإدارية الأولى في جلستها القضائية المنعقدة أمس (الأحد)، الدعوى الإدارية المرفوعة من المحامي فاضل المديفع وكيلا عن إحدى الشركات العقارية الوطنية التي تمتلك أرضا على شارع البديع، والتي قامت وزارة شئون البلديات والزراعة باستقطاع جزء كبير من مساحتها يبلغ أكثر من ربع المساحة تقريبا، بدعوى فتح طريق، وذلك من دون تعويض للملاك بالمخالفة إلى النصوص الدستورية.

وفي الجلسة القضائية، تمسّكت الوزارة المدعى عليها بنص الفقرة (1) من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1994، بشأن تقسيم الأراضي المعدة للتعمير والتطوير، والتي نصّت على حق الوزارة المدعى عليها في استملاك نسبة من المساحة اللازم تخصيصها من دون مقابل، وذلك لإنشاء الطرق والميادين والحدائق والمنتزهات وغيرها من المرافق العامة.

وإزاء ذلك، دفع المحامي فاضل المديفع وكيلا عن المدعية بجلسة يوم أمس بعدم دستورية نص الفقرة من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1994، بشأن تقسيم الأراضي المعدة للتعمير والتطوير، وأسس دفعه على الأسباب التالية: مخالفة النص المطعون عليه لنص المادة (9) (فقرة ج) من الدستور، والتي تنص على أن «الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف بملكه إلا في حدود القانون، ولا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا».

وأوضح المديفع أوجه مخالفة المادة المطعون عليها بعدم الدستورية لنص المادة (9/جـ) من الدستور، إذ قال: «إن الأصل في الدستور صيانة الملكية الخاصة وعدم نزعها والاستثناء عليها هو نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، ولقد خالفت الفقرة (1) من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1994 بشأن تقسيم الأراضى المعدة للتعمير والتطوير، والذي تمسكت به الوزارة المدعى عليها في هذه الدعوى نص المادة (9/فقرة ج) من الدستور البحريني، ذلك أن المادة الدستورية المذكورة كفلت صيانة الملكية الفردية ونصت على أنه لا ينزع من أحد ملكه إلا للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل، الأمر غير المتحقق من النص المطعون عليه بعدم الدستورية الذي يعطي للإدارة الحق في نزع جزء كبير من ملك الشخص يصل إلى الثلث والاستيلاء عليه واقتطاعه منه عنوة من دون مقابل مادي عادل بالمخالفة للنص الدستوري الصريح الوارد بالفقرة (ج) من المادة (9) من الدستور».

وأضاف «أن النص القانوني الطعين بحالته هذه فضلا عن إهداره التام للنص الدستوري ومخالفته الظاهرة، بل والفجة له إنما يعطى الإدارة حق الاستيلاء غير المشروع بلا مقابل لأملاك الناس التي حرص الدستور على صيانة حق ملكيتها باعتبار أن حق الملكية هو الحافز للعمل وللتقدم الاقتصادي للفرد والمجتمع».

وبيّن المديفع مخالفة المادة المطعون عليها لنص المادة (18) من الدستور، والتي تنص على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، وأفاد في هذا الجانب بأن «على الافتراض الجدلي بأن المشروع الذي قامت الإدارة على أساسه باقتطاع جزء من ملك الشخص من دون مقابل استنادا إلى نص الفقرة (1) من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1994 يعود بالنفع العام، فإن هذا النفع لن يكون قاصرا على صاحب العقار المنزوع جزء منه للمشروع، بل سيعود بالنفع على الكافة بالكامل، بما يترتب عليه أن صاحب العقار المقتطع منه جزء كبير من ملكيته الخاصة هو وحده الذي سيتحمل بمفرده تكاليف وعبء ما سيعود على الآخرين من منفعة من دون باقي الملاك، وهذا ما يخل بمبدأ المساواة في تحمل الأعباء والتكاليف العامة المعبر عنها في الدستور بالواجبات العامة خلافا لنص المادة (18) من الدستور».

وأردف «فضلا عن ذلك فإن النص المطعون عليه في كثير من الأحيان يسبب ضررا للمالك المتقطع منه جزء من عقاره وملكيته الخاصة قد يصل إلى الثلث أو أكثر بدعوى تطوير الطرق والمرافق العامة حال انتفاع جيرانه وارتفاع عقاراتهم من دونه، ومثل ذلك كان يقتطع ثلث أو أقل من ذلك من مساحة قطعة أرض وخصوصا ما يترتب عليه أن تكون المساحة المتبقية غير صالحة للاستعمال لأي مشروع أو سكن، كما أن في بعض الحالات تكون المساحة المقتطعة تشكل واجهة الأرض على الشارع الرئيسي، ما تخفض من قيمتها أو يمنع من استغلالها أو بحبسها، ففي كل هذه الأمثلة المترتبة على النص القانوني المطعون عليه بعدم الدستورية فإن المالك سيتضرر وحده مقابل انتفاع جيرانه من المشروع وعدم تحملهم أي أعباء وتصبح الأعباء كلها والضرر كله ملقى على عاتق صاحب الأرض المقتطع جزء منها»، معتبرا أنه و»في مثل هذه الأحوال إن القانون يشكل خرقا لمبدأ المساواة بين المواطنين في تحمل الأعباء والتكاليف العامة المعبر عنه دستوريا بالواجبات العامة، فضلا عن تضرر المالك من دون مقابل مادي، بل والانتقاص من قيمة أرضه وصلاحيتها للانتفاع، فالنص الطعين خالف المادة (18) من الدستور التي نصت على مبدأ المساواة التي جعل الدستور منه أساس من أسس المجتمع التي تكلفها الدولة وأساسا للعدل والسلام الاجتماعي غايته صون الحقوق في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها».

ودفع المحامي المديفع بمخالفة نص المادة (4) من الدستور، والتي تقول: «العدل أساس الملك، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة»، مشيرا إلى أن «النص القانوني الطعين يشكل مخالفة صريحة لمبدأ العدالة المنصوص عليه في المادة (4) من الدستور، فإذا ما جاء النص القانوني مميزا بين المواطنين بأن جعل للإدارة حق اقتطاع جزء من الملكية الخاصة للمنفعة العامة ومميز بين الملاك المتقطع جزء من أراضيهم من دون مسوغ بأن جعل من يقتطع أكثر من ثلث أرضه له حق في التعويض ومن يقتطع أقل من ذلك فليس له الحق في التعويض فإن هذا إخلال بالعدالة وتمييز وإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور بالمادتين (4 و18) منه».

واختتم المديفع دفاعه بعدم دستورية قانون تقسيم الأراضي المعدة للتعمير والتطوير بقوله إنه «وقع مخالفا للدستور ذلك لأنه ترك للإدارة من دون معقب أن تعتدي على الملكية الخاصة بحجة تنظيم المصالح التي يحميها حق الملكية في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية وتفرض عليها من القيود ما يؤدى إلى زوالها فلا يتبقى من منافعها شيئا ذا قيمة، وأن تنال من حق الملكية من دون مقتضى من خلال سلطتها البوليسية بالمخالفة لأحكام الدستور التي استلزمت التعويض العادل لنزع الملكية».

وطلب المديفع من المحكمة قبل الفصل في الموضوع قبول الدفع بعدم دستورية نص الفقرة (1) من المادة رقم (5) من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1994 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للتعمير والتطوير لمخالفته لنص المواد (9) فقرة (ج) و(4) و(18) من الدستور، والحكم بوقف هذه الدعوى ومنح المدعية الأجل القانوني المقرر لرفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية استنادا إلى المادة (18) فقرة (ج) من قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 27 لسنة 2002 توصلا للحكم بعدم دستورية الفقرة (1) من المادة رقم (5) من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1994 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للتعمير والتطوير مع إبقاء التصرف في موضوع الدعوى لحين الحكم في الدعوى الدستورية

العدد 2355 - الأحد 15 فبراير 2009م الموافق 19 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً