العدد 588 - الخميس 15 أبريل 2004م الموافق 24 صفر 1425هـ

بيان كانو:التعاون بين المدارس والمؤسسات الفنية مطلوب

مواهب بحرينية بحاجة إلى دعم

إذا كان الحب يصنع المعجزات فالإبداع يصنع مستقبل الأمم، وفي كل بلد مواهب، وإبداعات بعضها تجد الفرصة في الوصول إلى المرسى، والخروج إلى النور، والبعض الآخر يظل يسكن البيوت والزوايا، لا يجد من يأخذ بيديه ليعلن عن نفسه، ويقول: «أنا هنا».

وفي البحرين مواهب كثيرة، ونماذج متعددة بحاجة إلى تبنيها وطرق أبوابها، ولكن متى يمكن أن يحدث هذا؟، وما هي أقصر الطرق للوصول إلى هؤلاء المبدعين؟.

سمية علي طالبة في الثالث ثانوي في مدرسة ابن خلدون الوطنية - إحدى هذه النماذج المبدعة التي تحاول أن يكون لها بصمة فنية متميزة، وهي نموذج للطالبة المتفوقة والمتميزة فنيا في الوقت نفسه، فقد فازت لوحتها الفنية (وجوه) بالجائزة الأولى في الأعمال الزيتية في مهرجان الثقافة والإبداع الذي نظمته المؤسسة العامة للشباب والرياضة في العام الماضي، كما حصلت اللوحة ذاتها على المركز الثاني في المسابقة السنوية لمدارس(I.P)، الدولية في الشرق الأوسط.

تتحدث سمية عن اللوحة الفائزة: «هذه اللوحة هي من مدرسة الفن التجريدي، حاولت فيها التطرق إلى الوجوه المختلفة للمرأة المختفية عن عيون الناس، فليس كل من يرى المرأة يستطيع التعرف على وجوهها الأخرى، عادة يرى المرء في المرأة وجها واحدا، ومن خلاله أردت أن أطرح تلون المرأة، وهي رؤيتي لنفسي، كنت دائما أسأل هل من يراني يستطيع التعرف علي، أو أن يرى وجوهي الأخرى؟ فالوجه السفلي يظهر حدة المرأة، والوجه الأخرى يكشف حياء المرأة، استخدمت الألوان الأبيض والأسود يعني غموض المرأة الذي يحتار فيه الناظرون إليها.


ترسم ( بالمكياج)

من أين تعلمتِ الفن التجريدي؟

- لم يعلمني أحد ولكن اطلاعي المختلف على الحركات الفنية، وعلى المجلات والصحف، ومحاولة مدرسي الدائمة لتثقيفنا، ومن خلال زيارة المعارض الفنية في البحرين وفي الخارج، كل هذا يثقل معرفتنا بالفن.

وماذا عن اللوحة التي استخدمت فيها مساحيق التجميل؟

- هذه اللوحة أطلقت عليها اسم (جمال في الظلام)، وفكرت أن استخدم مساحيق التجميل في رسم هذه اللوحة لأكون أول من استخدم هذه المساحيق في رسم لوحة في البحرين، وفي هذه اللوحة لم أظهر كل وجه المرأة، ورسمت خلفية مظلمة جدا.

وكيف كان الرسم بالمساحيق؟

- كان العمل ممتعا للغاية، وحاولت رسم الوجه كما لو كنت أقوم بتجميل فتاة حقيقية واقفة أمامي، والذي جعلني استخدم مساحيق التجميل في الرسم هو قناعتي أن من يستخدم هذه المساحيق بشكل متقن هو فنان، كانت تجربة وعندما بدأتها كانت سيئة، ولكنني أخذت أعمل فيها كثيرا حتى وصلت إلى هذا المستوى، لم استخدم أي شيء سوى مساحيق التجميل، وفرشاة التجميل، كما استخدمت يدي، وهذه أنا أحب استخدام يدي كثيرا في أعمالي.


ليس له مستقبل

وأين الفن في خريطة مستقبلك؟

- سيظل هواية أعشقها، ولن أتخلى عنها ولكنني سأدرس الاقتصاد.

ولماذا لا يكون الفن دراسة، طالما تحملين هذه الموهبة؟

- أرى أكثر الدارسين للفن يعودون بشهادة لا تساعدهم في إيجاد وظيفة مرموقة، فهو بحاجة إلى تخصص آخر، ولذلك فمطلوب تغيير نظرة المسئولين في القطاعات المختلفة للفنان حتى يصبح لدينا من يحترف الفن.

علي شقيق سمية - الطالب في كلية الهندسة المعمارية في جامعة البحرين - قام بصناعة كرسي يمتزج الخشب فيه بالتنك يتحدث عن فكرة صنع هذا الكرسي: «في العام الماضي كنت أقدم مادة الفنون في المستوى الرفيع الخاص بالبكالوريا العالمية، وكان لابد من إجراء تصاميم ومشروعات فنية، وقد قمت بتصميم خاص عن السوق القديم في المنامة، وكان لا بد من أخذ صور قديمة في السوق، وخلال تجولي في السوق القديم وزيارتي لمحل التناكة إذ تصنع حاويات الماء والقمامة، أو أدوات المشاوي، وصناديق، وصناعات متعددة تعتمد على ماذا يريد التناك من الخام، وهو في كل الأحوال مبدع، خلال هذه الزيارة جاءتني فكرة صناعة هذا الكرسي.

وما هي المواد التي استخدمتها في صناعة الكرسي؟

- من الحطب والتنك، وحصلت على المواد من خلال ورشة نجارة كنت أعمل فيها تطوعيا، وعندما طرحت عليهم فكرة صناعة الكرسي قدموا لي المواد الخام كدعم لصناعة الكرسي، وأي مستلزمات غير موجودة في الورشة اشتريتها على حسابي الخاص، فلم يكن في الورشة التنك الذي أردت استخدامه في صناعة الكرسي، ولذلك اشتريته من السوق.

وكم كلفك الكرسي؟

- نحو 170 دينارا، هذا إذا كنا نتحدث عن المادة، ولكن من حيث الجهد والتعب فقد كلفني الكثير، فقد بدأت برسم التصميم، وقمت ببحث مطول عن الخام المستخدم في الصناعة، وعن تجانس الحطب مع التنك سويا، وطرحته على المسئول في الدائرة الفنية في المدرسة، وبعد النقاش المطول طبعنا التصميم بشكل هندسي، ودرسنا المواد التي ستستخدم في الصناعة وكمياتها وعددها وطرق الحصول عليها، استغرق العمل في الكرسي نحو ثلاثة شهور.

وهل هناك خطوات قادمة؟

- أتمنى أن تكون لي خطوات قادمة، وأحاول تصميم بعض الأعمال، ولكن كلفة صناعة التصاميم المتطورة، تمنعني من تنفيذ هذه التصاميم.


سرقة الأعمال

هل تفكر في بيع التصاميم التي تنفذها؟

- لا أفكر من خلال هذا المنطلق، لكن لو حدث وفكرت أبيع ما أصنع أين السوق الذي يمكنني أن أطرح مصنوعاتي فيه، وليس هناك تبني لأعمال المواهب، ففي الدول الأخرى هناك تبني لأعمال المواهب، حتى لو فكرت أن أصور الكرسي، وأرسلتها إلى أماكن أخرى، للأسف لا يوجد احترام للفكرة التي قام بها المصمم، وربما يتم سرقة العمل وتنفيذه وبيعه، وهذا للأسف يحدث في الساحة، حتى على مستوى الأعمال الفنية هناك من يصور العمل ومن خلال الأجهزة المتطورة التي يمكن أن تعطيك العمل وكأنه عمل حقيقي، وهناك من يستغل هذا.

وما هو المطلوب إذن؟

- أن يرصد مركز لتبني الإبداعات على أن يراقب سير العمل، بحيث يكون المركز شريكا في العمل بسبب دعمه لهذا العمل، أعتقد أن عدم وجود هذه النوعية من المراكز تعد أهم المشكلات التي تحول بين ظهور إبداعات المواهب البحرينية.


تبني المواهب

وقدمت صاحبة صالة الرواق للفنون بيان كانو دراسة تشتمل على نموذج مقترح لمركز البحرين العالمي للثقافة والفنون، هذا المركز سيحتوي على برامج مختلفة تثري الجانب الثقافي الفني.

ما هي هذه البرامج؟

- تقول بيان كانو: «عمل ورش عمل ومعارض بالشراكة مع المؤسسات والمراكز الاجتماعية والنوادي الشبابية والمعاهد الثقافية داخل وخارج مملكة البحرين، والتركيز على إشراك الشباب والأطفال في أنشطة ثقافية تعتمد على استغلال حواسهم وتحفيزهم وتعريفهم بالمواد الفنية المستخدمة، ويركز البرنامج على الجانب المعلوماتي بشكل خاص على أهمية تنشيط تقنية الاتصالات بالنسبة لمملكة البحرين، وتكوين شراكات مع جهات دولية مختلفة في المجالات الثقافية والفنية، بالإضافة إلى برنامج الفنان المقيم وهو دعوة الفنانين المحليين والدوليين وتزويدهم بكامل احتياجاتهم، كذلك توفير أماكن إقامة لغير البحرينيين وتهيئة الظروف من جميع النواحي حتى يتمكن الجميع من الإنتاج وتقديم أعمال قيمة في مملكة البحرين.

ما هي الوسائل التي يمكن عن طريقها تبني المواهب الفنية؟

- تبني المواهب يتم من خلال خطة ثقافية فنية متكاملة للمستقبل، فعن طريق الغزو الثقافي يمكن أن تتحضر الأمم، وحتى تحقق هذه الخطة الهدف منها لا بد أن يكون هناك تعاون بين المدارس وبين المؤسسات الفنية المختلفة.

ونحن نضم صوتنا لصوت كل المواهب، وحتى يكون لدينا جيل موهوب لا بد من تغيير النظرة إلى الفن

العدد 588 - الخميس 15 أبريل 2004م الموافق 24 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً