العدد 598 - الأحد 25 أبريل 2004م الموافق 05 ربيع الاول 1425هـ

في معرض المليحي... أشكال من وهج أصيلة

في صالة الرواق للفنون التشكيلية مساء أمس الأول (السبت) 24 ابريل/ نيسان الجاري، افتتح المستشار الثقافي والعلمي لجلالة ملك البلاد محمد جابر الأنصاري معرض الفنان والمؤسس لمهرجان أصيلة المغرب محمد المليحي.

المعرض احتوى على لوحات تشكيلية في أشكال هندسية متنوعة ذات ألوان أحادية، عكست صورا زاهية من المدينة المغربية في تقاطيع لونية معبرة وموحية من أرض وسماء وأحياء أصيلة.

كان المليحي موفقا في قبضه على التموجات المختلفة من عناصر حياة أصيلة، ففي البحر وجد وسيلة متاحة معبرة باستشفاف تموجاته الدائمة المندفعة على الشواطي، فكان الفنان المغربي يستحضر بحر المغرب المليء بالأسرار والحكايات عن أولئك الذين يأخذهم الموج كل يوم في رحلة اللاعودة طلبا لجنة اسبانيا. فتلك اللوحات كثيرا ما أثارت بفعل تموجاتها اللونية مساحة رحبة لصور تتراقص أمام ناظر المشاهد عن بحر طنجة القريب من أصيلة، وعن مغامرات ربابنة القوارب.

الى جانب البحر وتموجاته تسطع شمس أصيلة باهرة بألوانها الزاهية على لوحات المليحي الذي استطاع في لفتة بارعة الاقتراب من أجوائها ودفئها بتحريك الساكن من ظلالها في لوحات فنية وصفت بأنها ذات غلالة شفافة مقتربة من الحياة البسيطة للمدينة العريقة. اذ نقع هنا على الأجواء القديمة التي مازالت تحتفظ بها المدينة البسيطة في تعبير آسر.

جانب ثالث يبدو جميلا جدّا في هذه اللوحات وهو ذلك العمق في الأشكال الهندسية، فاللوحات مطواعة التشكل اذ كان المليحي يرسم أشكاله وكأنه يخفي وراءها شكلها الأصلي أو كأن ما يرسمه ظلال من عالم أثيري يحاول الامساك به وتعريته أو كشف حقيقته، يبدو هنا اذا ذلك التوق نحو تشكيل مفردات أصيلة الهندسية اذ الأقواس والأسوار كانت محل اهتمام حقيقي.

أما عن حكاية الضوء فهي لا تخرج عن نطاق حكاية أصيلة، فذلك التوهج لأشعة الشمس ساعة خروجها من البحر وانطفائها عند غروبها، وتلك السمرة المضيئة المعلقة على سمائها، وبياض الأشرعة على مياهها، ثم اختلاط البحر والسماء وظهور اللون الأزرق ما بينهما، كلها دليل على مدى ما تتمتع به أصيلة من محبة وعشق في خيال الفنان المغربي.

لقد ظل الفنان محمد المليحي طوال عمره الفني مخلصا لأصيلة، حتى تكاد كل أعماله أن تكون منبثقة عنها، ولما لا يكون كذلك طالما أن الفرد منا يظل في حنين دائم لمسقط رأسه؟! واذ الفنان جزء من طفولته على شاطئ بحرها وزوارقها، فلا شك انه لايزال يستوحي الكثير منها مقتنصا الكثير من الزوايا الواضحة والمهملة فكما اننا نظل في حنين جارف لبداياتنا الأولى كذلك يخلق عندنا هذا الحب والحنين مجموعة من الأفكار والخواطر، وربما يكون لبساطة مدينة أصيلة أثر مهم في تلك البساطة التي تصبغ جميع عناصر اللوحة لديه، فبساطة الألوان والأشكال والمجسمات تعكس الملاحظة الواعية المتأنية التي يحتضنها المليحي

العدد 598 - الأحد 25 أبريل 2004م الموافق 05 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً