لم تكد روسيا تصحو من صدمة الاعتداءين الانتحاريين اللذين ضربا مترو الأنفاق في موسكو يوم (الاثنين) الماضي، حتى تعرضت أمس (الأربعاء) لتفجير مزدوج آخر استهدف هذه المرة قوات الأمن في جمهورية داغستان المضطربة في القوقاز، حيث تنشط حركة تمرد إسلامية، وأوقع 12 قتيلا في صفوف قوات الأمن.
وفيما كانت العاصمة الفيدرالية تستعد لدفن ضحايا اعتداءي الاثنين، دوى انفجاران أمس أمام مفوضية الشرطة في مدينة كيزليار في داغستان أسفرا عن مقتل 12 شخصا بحسب ما أعلنت لجنة التحقيقات في النيابة العامة في بيان.
وجاء في البيان أنه «نتيجة للاعتداء، قتل 12 شخصا بينهم تسعة من موظفي الشرطة» وأصيب 23 شخصا بجروح نقلوا على إثرها إلى المستشفى.
وكانت متحدثة باسم الشرطة المحلية أعلنت لوكالة «فرانس برس» سقوط عشرة قتلى هم تسعة شرطيين ومحقق، فيما تحدثت وكالة «انترفاكس» عن مقتل 11 شخصا.
وأوضحت لجنة التحقيقات في بيانها أن الانفجار الأول وقع في الساعة (4:40 تغ) ونتج عن سيارة مفخخة انفجرت في باحة مبنى الشرطة. وبعد عشرين دقيقة، قام انتحاري يرتدي زي الشرطة بتفجير نفسه في الموقع ذاته حيث كان المحققون متجمعين لمعاينة موقع الانفجار الأول، بحسب البيان.
وأضافت اللجنة أن الانفجار الثاني أدى إلى مقتل عدد من الشرطيين «بينهم رئيس شرطة كيزليار» فيتالي فيديرنيكوف.
وقال رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين معلقا أن اعتداءي داغستان واعتداءي موسكو قد تكون من تنفيذ «اللصوص ذاتهم». وقال متحدثا «لا استبعد أن يكون اللصوص أنفسهم خلف» تفجيرات كيزليار وموسكو.
وقال بوتين في اجتماع للحكومة «على رغم أن عملا إرهابيا آخر ارتكب إلا أنني لا استبعد أن يكونا من عمل عصابة واحدة والعصابة نفسها».
وقال «أضيف أنه بالنسبة لنا لا تهم المنطقة التي تقع فيها تلك الجرائم ولا من هم ضحاياها وإلى أي فئة عرقية أو دينية ينتمون. أننا ننطلق من مبدأ أنها جرائم ضد روسيا».
وعرض رئيس داغستان، محمد سلام محمدوف قبل ذلك الطرح ذاته مشددا على أن «الانفجارات في موسكو وفي كيزليار هي حلقات سلسلة واحدة» على ما أفادت وكالات الأنباء الروسية.
وأضاف أن «هؤلاء لا يريدون السلام بل الحرب لكننا لن ندعهم يفعلون».
كما أعلن الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف أن روسيا «لن تدع الإرهابيين يبثون الذعر» في البلاد.
وغالبا ما تقع اعتداءات ومواجهات في داغستان، البالغ عدد سكانها نحو 2.5 مليون نسمة من عرقيات مختلفة غالبيتهم من المسلمين.
ومنذ أشهر تشهد داغستان، على غرار جمهوريتي القوقاز الروسي المجاورتين لها الشيشان وأنغوشيا، اشتباكات دامية بين المقاتلين الإسلاميين وقوات الأمن.
كما يسجل الاعتداءان (الأربعاء) على خلفية أجواء من التوتر الشديد إثر الاعتداء المزدوج في مترو موسكو الذي أوقع 39 قتيلا.
وكان هذا الاعتداء الأضخم منذ سنوات في العاصمة الروسية وصدم الرأي العام الذي اعتاد ظروفا أمنية مستقرة نسبيا.
ونسبت أجهزة الاستخبارات الروسية اعتداءي موسكو إلى انتحاريتين مرتبطتين بمجموعات متمردة في شمال القوقاز، غير أن سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروتشيف تحدث أيضا عن إمكان ارتباط مرتكبي الاعتداء بالاستخبارات الجورجية.
وقال باتروشيف لوكالة «انترفاكس» الثلثاء «كانت لدينا معلومة مفادها أن بعض عناصر الاستخبارات الجورجية كانوا على اتصال مع منظمات إرهابية في القوقاز الشمالي الروسي. علينا بحث هذه الفرضية أيضا» في ما يتعلق باعتداءي موسكو.
ويتم دفن اثنين من ضحايا اعتداءي موسكو (الأربعاء) على أن يدفن عشرة آخرون اليوم (الخميس)، بحسب مسئولين عن مراسم التشييع.
ولا يزال 87 جريحا من المصابين في اعتداءي موسكو في المستشفيات، بحسب وزارة الحالات الطارئة.
وفيما نفت أمس جماعة إسلامية انفصالية متشددة يقودها متمرد شيشاني بارز مسئوليتها عن تفجيري موسكو، أعلنت منظمة غير حكومية روسية مسلمة أنها رصدت مكافأة مالية قيمتها مليون روبل (25 الف يورو) لكل من يدلي بمعلومات تساعد المحققين على الكشف عن مرتكبي الاعتداءين.
العدد 2764 - الأربعاء 31 مارس 2010م الموافق 15 ربيع الثاني 1431هـ