خصص مهرجان «الاسكافي» في ثالث أيامه مساحة أكبر لإبداع أنامل الصغار الذين شاركوا بحضور فاعل، وراحوا يرسمون تصوراتهم عن التراث الذي لم يعيشوه، لتقابلهم إبداعات الكبار التي تواصلت لإنجاز أكبر جدارية.
وفي تصريح لـ «الوسط» قال رئيس اللجنة الفنية للمهرجان عقيل حسين: «ارتفع عدد الفنانين المشاركين في المهرجان إلى 55 فنانا، إلى جانب مشاركة 7 فنانات، وقد خصصت جدارية بطول 10 أمتار للأطفال شارك فيها 15 طفلا من أعمار مختلفة تفاوتت بين 5 و16 عاما».
مردفا بالقول: «تلقت اللجنة المنظمة للمهرجان الكثير من الطلبات من فنانين يرغبون المشاركة في المهرجان، غير أن اللجنة اعتذرت عن ذلك، إذ إن المهرجان يختتم يوم غد (الخميس)، وتخشى ألا يستطيع الفنانون إنجاز لوحاتهم قبل نهاية المهرجان».
منوها إلى أنه «ستقوم لجنة التحكيم المكونة من الفنانين عبدالكريم البوسطة وأنس الشيخ يوم غد بتقييم الأعمال واختيار أفضل ثلاث لوحات، على أن تعلن النتائج في المساء».
والتقت «الوسط» خلال جولتها في موقع المهرجان بعدد من المشاركين الصغار، لنقل شعورهم بهذه المشاركة.
يتحدث حسين عقيل الخزاعي (13 عاما): «استفدت كثيرا من مشاركتي في المهرجان، فهي المرة الأولى التي ارسم فيها على الجداريات، وعلى رغم صعوبة هذه التجربة، فإن مساعدة الفنانين وتعاونهم كان لهما دور في تشجيعي».
مردفا بالقول: «أحب المشاركة في مهرجانات يحضرها كبار الفنانين، إذ إن ذلك يسهم في صقل موهبتي الفنية».
وبخصوص جداريته: «تتحدث الجدارية عن حرفة اللؤلؤ في البحرين، إذ تصور المحل الذي كانت تفتح فيه محارات اللؤلؤ قديما».
أما محمود شاكر السجاد (13 عاما) فيقول: «هذه المرة الأولى التي أشارك فيها في مهرجان للرسم على الجدران، وشاركت في هذا المهرجان للاطلاع على المواهب الفنية بهدف الاستفادة منها».
مضيفا «التجربة كانت صعبة نوعا ما، لكن أحاول جاهدا أن أظهر اللوحة كما هو الحال في الرسم على الورق، واستفدت من الفنانين الموجودين في المهرجان الذين أرشدوني إلى كيفية استخدام الألوان».
وعن مشاركاته الفنية السابقة، قال السجاد: «شاركت بلوحة في معرض الطفل الذي أقيم حديثا، كما شاركت في مسابقات على مستوى المدرسة، وحصلت على المركز الأول لمرتين».
وعبّر جعفر عبدالرضا (16 عاما) عن إعجابه الشديد بالمهرجان، وقال: «المهرجان ينمي المواهب الفنية لدى الإنسان، وخصوصا أنه يجمع بين الفنانين الكبار والصغار».
ومن جانبه يقول أحمد مشيمع (أحد الفنانين المشاركين): «المهرجان فوق الممتاز، ولم أتوقع أن يكون بهذا النجاح، وبهذا الحجم من التفاعل سواء من الفنانين أو من الجمهور الذي توافد على موقع المهرجان».
مشيدا «بالجهود الإعلامية الموجودة منذ اليوم الأول، وهو ما له كبير الأثر في تشجيع الفنانين للمشاركة في المهرجانات المقبلة».
وبخصوص اختيار موضوع التراث البحريني، بين مشيمع «الموضوع ممتاز، ولكن في المرات المقبلة يجب اختيار مواضيع أخرى، أو فتح المجال للفنانين لاختيار الموضوع الذي يرغبون فيه».
ومن الوجوه النسائية التي كانت موجودة يوم أمس الفنانة والشاعرة إيمان أسيري التي مزجت بين الشعر والرسم في جداريتها «استوحيت فكرة الجدارية من قصيدة كتبتها بعنوان «خرافة»، وهي تربط المرأة بعناصر الطبيعة الأربعة (الماء، النار، الهواء والأرض)، وستتضمن الجدارية نص القصيدة، إذ ستكون اللوحة عبارة عن رمز للقصيدة».
وبخصوص انطباعها عن المهرجان، قالت أسيري: «المهرجان يشعر الإنسان بالفخر والاعتزاز، كونه يجمع مجموعة كبيرة من الفنانين للرسم على الجدران، ما يدل على وعي المواطن البحريني باستخدامه هذه المهارة في تزيين الشوارع ونشر الثقافة الفنية. بالإضافة إلى ذلك فإن عين الزائر لهذا المهرجان سترى الإبداع البحريني، والمهارات البحرينية متألقة على الجداريات، ما يدخل الفرح إلى قلبه».
مردفة بالقول: «المهرجان يساهم في تبادل الخبرات بين الفنانين، إذ نشاهد كبار الفنانين جنبا إلى جنب مع صغار الفنانين، يجسدون مختلف المدارس الفنية من خلال لوحاتهم».
وتقول شريفة المطوع (فنانة بحرينية): «الأسلوب المتبع في المهرجان جيد كونه يجمع الفنانين الكبار والصغار. وقد وفقت اللجنة المنظمة في اختيار هذا الموقع على الشارع العام، إذ يتيح لعدد كبير من الناس الاطلاع على لوحات الفنانين».
وأشادت المطوع بـ «اختيار موضوع التراث البحريني، إذ إن تأثيره أكبر، والكثير من الناس يفضلون الأشياء القديمة».
ويقول عيسى الشجار (فنان من جمعية المرسم الحسيني): «أعتقد أن التجربة ناجحة، إذ جمع هذا المهرجان الفنانين البارزين والجدد على الساحة الفنية في البحرين، وهو شيء نادر الحدوث. بالإضافة إلى ذلك ساهم المهرجان في تعريف الجمهور بمختلف المدارس الفنية، وهناك استفسارات كثيرة من الجمهور عن أساليب الرسم، وهو ما يطور الذوق العام لديهم».
مشيرا إلى أن «هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها مهرجانا متكاملا، سواء من ناحية الإمكانات، أو توافر الخامات. ونأمل أن يستمر بشكل موسمي».
إلى ذلك قال عبدالله فردان (فنان من المرسم الحسيني): «شارك المرسم الحسيني في مهرجان الإسكافي انطلاقا من حرص المرسم على المشاركة في مختلف الفعاليات الفنية التي تقام في البحرين».
مضيفا: «شارك المرسم بجدرايتين، إحداهما تمثل التراث البحريني القديم، أما اللوحة الأخرى فتمثل المعمار الإسلامي، وكيف دخلت عليه الزخرفة الغربية».
قلة من الحرف القديمة لاتزال باقية تصارع مغريات الحضارة الحديثة، ولاتزال فئة قليلة من حرفييها يمارسونها على رغم تقدمهم في السن.
وفي مهرجان «الإسكافي» كان الحاج سلمان القفاص (في السبعينات من عمره) أحد هؤلاء الحرفيين، والذي أبى إلا أن يشارك في هذه الفعالية التي تقام في مسقط رأسه (السنابس). تحدث لـ «الوسط» عن مهنته بلغته القروية الجميلة، فكان الحوار الآتي:
متى بدأت مزاولة هذه المهنة؟
- منذ أن كنت في الثانية عشر من عمري، حتى الآن، إذ توارثتها من آبائي وأجدادي.
وما هذه المهنة؟
- تقوم هذه المهنة على الاستفادة من سعف النخل، لصنع أدوات مثل «المنزة» التي تستخدم لوضع الطفل الرضيع فيها، وكذلك أقفاص للطيور، وهناك استخدامات متنوعة لهذه الأقفاص.
وما هي هذه الاستخدامات؟
- بعضها يستخدم لتبخير الملابس وهو من الأدوات المشهورة قديما، وبعضها توضع فيه الورود أو يستخدم كهدية، وبعض الناس يقتني هذه المشغولات كزينة للمنزل.
وهل يوجد إقبال على هذه المشغولات؟
- يوجد إقبال سواء من البحرينيين أو من الأجانب، وبعض الناس يشترون هذه الأدوات بالجملة ويبيعونها في دول الخليج.
ما رأيك في المهرجان؟
- المهرجان جميل جدا، أتمنى أن يتواصل في الأعوام المقبلة.
هل كان اختيار اسم «الاسكافي» مناسبا؟
- أحمد الإسكافي «الأستاذ» كان إنسانا طيبا، وكان مشهورا بعمله الاجتماعي، والجميع في السنابس يكنون له مكانه خاصة، وهو يستحق كل هذا التقدير، وخصوصا أنه يمثل رمزا للشباب.
زار وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي موقع مهرجان «الإسكافي» مساء أمس، وقال في تصريح لـ «الوسط»: «المهرجان رائع، وأعتقد أنه أكبر مهرجان للجداريات، وما يزيد من جمال المهرجان انه يعبر عن التراث البحريني، وهذا المهرجان أفضل تكريم لأحمد الإسكافي».
وشدد العلوي على «أهمية الرعاية الرسمية، إذ من الضروري أن تكون الدولة مهتمة بالنشاطات الأهلية»، مختتما حديثه بالقول: «أتمنى أن يقوم تلفزيون البحرين بعمل برنامج خاص عن المهرجان»
العدد 615 - الأربعاء 12 مايو 2004م الموافق 22 ربيع الاول 1425هـ