العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ

توضيح موقف علماء حوزة النجف من حركة مقتدى الصدر

في رسالة إلى السيدحسن نصراللّه

في التطور الذي اعتبر الأوضح في مواقف المرجعية الدينية في النجف من حركة الزعيم الشاب مقتدى الصدر ألقت المرجعية الدينية في النجف على الصدر وأتباعه مسئولية خلق الذرائع للمحتلين للتجرؤ على تجاوز الخطوط الحمر في المدن المقدسة، بينما دعا هو اتباعه في صلاة الجمعة الماضية الى مواصلة القتال، في وقت تجددت المعارك في النجف بينما تعيش كربلاء أجواء توتر.

وبُعثت الرسالة التي وقعها لفيف من علماء الحوزة العلمية الى رئيس حزب الله في لبنان السيدحسن نصرالله عشية انطلاق المسيرة المليونية في بيروت التي دعا إليها نصرالله لايصال رسالة للولايات المتحدة ان المسلمين لا يمكنهم السكوت على ما يجري في كربلاء والنجف والكاظمية وسائر أنحاء العراق. وأوضحت الرسالة ان جماعة مقتدى كانوا يقومون بعمليات ترويع عامة واعتقالات للمواطنين ليس فقط لمن أسموهم بالمتعاونين مع الاحتلال من موظفين مدنيين وشرطة وأصحاب محلات يبيعون المواد الغذائية لقوات التحالف وغيرهم، بل ومن طلاب العلوم الدينية المخالفين لهم.

وكشفت الرسالة ان ضرب منزل ومكتب المرجع الأعلى آية الله السيدعلي السيستاني كان ضمن محيط دائرة أمنية كبيرة يسيطر على كل شبر منها جماعته. وأضافت ان من أكثر الشعارات الرسمية التي يرددها أتباع الصدر وبحضوره في مظاهراتهم التي تشاهد من على شاشات أجهزة التلفاز باستمرار هي وصم أعضاء مجلس الحكم بالكفر مع ان فيهم من هم أصحاب جهاد وتضحية.

ودعت الرسالة السيدنصرالله لان يكون لسان المرجعية والحوزة العلمية الناطق والقادر على حفظ التوازنات السياسية في خطاب يجمع بين إدانة الاحتلال وإدانة من يقدم له الذرائع معا في آن واحد.

وفيما يأتي نص الرسالة التي حصلت عليها «الوسط»:

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة المجاهد المرابط حجة الإسلام والمسلمين السيدحسن نصرالله (حفظه الله ورعاه)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في الوقت الذي نبارك لكم فيه ولأنفسنا وللمؤمنين جميعا إفشالكم والمجاهدين من أبناء حزب الله البطل خطة استهدافكم من قبل العدو الصهيوني ندعو الله عزّ وجلّ أن يحفظكم من كل سوء وأن يعزّنا والمؤمنين بكم وبعد:

فإنه لمن المضحكات المبكيات أن نكلمكم يا سيدنا وأخانا من خلال عنواننا العام لا من مشخصات أسمائنا وكأننا نكلمكم من وراء حجاب وهو حجاب حقا يحمينا من احتمالات سيئة لا يدرك هولها إلاّ من يعانيها في النجف الأشرف أو في العراق ما جعلتنا نتحسب لذلك وخصوصا بعد أن قاسى ضراوة المحنة وعاناها من لم يتحسب منا ولكننا لما نعهده فيكم من النظر الى ما قيل لا الى من قال ومن أصالة حوزوية وإحساس بالمسئولية وموضوعية في الرؤية؛ رأينا أن من واجبنا وأنتم على أبواب خطاب كبير في تجمع كبير وأمام مسئولية شرعية كبيرة أن نضع أمامكم بعض الحقائق من أجل أن تكتمل أطراف الصورة الحقيقية لديكم بوضوح وجلاء:

1- إن حركة السيدمقتدى تفتقد الشرعية بالمعنى الأخص فلا السيدالسيستاني الذي هو المرجع العام الأعلم المتصدي في العراق يؤيدها ولا بقية مراجع النجف الأشرف ولا حتى السيد الحائري فضلا عن تشخيص أهل الخبرة والوثاقة في الشأن السياسي من العراقيين الذين اكتووا بنار الأزمة العراقية وتعقيداتها من قبيل الإخوة المؤمنين في التيارات والحركات الإسلامية السياسية العراقية المعروفة وغيرهم من المتابعين للشأن السياسي من أهل الرأي والخبرة والتجربة.

2- إن حركة السيدمقتدى الأخيرة هي التي جرأت المحتلين على تجاوز الخطوط الحمر. وإلاّ فإن الاميركان المحتلين حتى يوم اقتحامهم للعراق وزحفهم باتجاه بغداد عبر النجف وكربلاء لم يرتكبوا ما ارتكبوا اليوم من حماقات وجرأة على الحرمات في المدينتين المقدستين.

3- أن جماعة السيدمقتدى بما لهم من عنوان «الخط الصدري» لا بما هم أشخاص هم أول من انتهك حرمة الصحن الحيدري الشريف فأطلقوا النار داخله على السيدمجيد الخوئي فقتلوا السيدالياسري داخله وأصابوا السيدمجيد ثم قتلوا السيدحيدر الكليدار بعد ذلك. وهم هم أنفسهم الذين أشعلوا فتيل معركة دامية راح ضحيتها جمع من المؤمنين من أجل السيطرة على حرم الإمام الحسين بكربلاء ويمكنكم سيدنا أن تتثبتوا من الأولى بسؤال سماحة المرجع الشيخ إسحق الفياض ومن أولاد سماحة المرجع السيدمحمد سعيد الحكيم ومن الثانية من خلال وكيل المرجعية في كربلاء سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ومن شخص سماحة السيدمحمد رضا السيستاني.

4- إن جماعة السيدمقتدى يقومون الآن بعمليات ترويع عامة واعتقالات للمواطنين ليس فقط لمن أسموهم بالمتعاونين مع الاحتلال موظفين مدنيين وشرطة وأصحاب محلات يبيعون المواد الغذائية على المحتلين وغيرهم بل ومن طلاب العلوم الدينية المخالفين لهم ولبعض من أفراد منظمة بدر إضافة لمداهمات مقرات حزب الدعوة في الكوفة ويمكنكم أن تتثبتوا من الأولى بسؤال سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي وسماحة الشيخ محمد هادي آل راضي وسماحة الشيخ محمد اليعقوبي ومن الثانية بسؤال سماحة السيدعمار الحكيم وإبراهيم الجعفري.

5- أن رمي القبة الشريفة لضريح الإمام علي بالنار بحسب بعض الاختصاصيين صادرة من أسلحة أتباع السيدمقتدى الصدر على الأرجح لا من أسلحة غيرهم لأن زمان الرمي كان يوم اشتعال المعركة في مقبرة (وادي السلام) ولم تكن أية معركة من جهة شارع الرسول مع أنكم صرحتم في خطابكم المهم أن جهة الرمي كانت من جانب باب القبلة الذي هو شارع الرسول.

6- إن ضرب منزل ومكتب سماحة المرجع الأعلى السيدالسيستاني كان ضمن محيط دائرة أمنية كبيرة يسيطر على كل شبر منها جماعة السيدمقتدى وكان منزل السيدالمرجع الأعلى أقرب ما يكون الى مركز الدائرة الأمنية لجماعة السيد مقتدى المحمية جيدا وذلك لشدة قرب المكتبين من بعضهما فهل يعقل - وأنت الخبير بهذه الأمور - أن تخترق هذا الطوق الأمني الصارم جماعة مجهولة وتقوم بضرب بيت السيدالمرجع لمدة ثم تنسحب من دون معرفة جماعة السيدمقتدى بهم.

7- إن التظاهرة المؤيدة للسيدمقتدى التي خرجت الأربعاء وتوجهت الى بيت السيدالسيستاني كانت تهتف على باب بيت المرجع بالشعارات التالية «كلا كلا أميركا... كلا كلا «إسرائيل»... كلا كلا استعمار... كلا كلا يا عملاء» فهل يمكن بعد هذا أن تقبلوا ما لا نقبله نحن لكم بأن تحسبوا على هذه الجماعة غير المرضية شيعيا وشعبيا وحوزويا والمتهمة لكبير مراجع المذهب بما تقدم.

8- أن من أكثر الشعارات الرسمية التي يرددها أتباع السيدمقتدى وبحضوره في مظاهراتهم التي تشاهد من على شاشات أجهزة التلفاز أثناء النقل الحي باستمرار هي وصم أعضاء مجلس الحكم بالكفر وفيهم من تشهدون ونشهد ويشهد العراقيون له بالسابقة في الجهاد والتضحية بالأهل والمال والولد مع الطاعة للمرجعية وكأن أي اختلاف معه في الرأي وأسلوب المقاومة يؤدي الى الكفر والعياذ بالله.

9- إن التكفيريين - الذين نددتم بهم بوضوح تشكرون عليه في خطابكم وصرحتم مؤكدين مرات ثلاث بعمالتهم - باتوا يشاهدون بأسلحتهم في العتبات المقدسة نصرة للسيدمقتدى وتحت ظله ما يعني أن المراجع العظام والحوزة والأماكن المقدسة ستكون تحت التهديد الشديد باستمرار. فهل يمكنكم أن تتحملوا مسئولية دعم هذا التوجه فيما لو حصل مكروه للعتبات المقدسة أو للمراجع لاحقا؟

10- إن دعوتكم بلبس الأكفان على نبل غايتها توهم بالدعم للسيدمقتدى وجماعته إذ إنهم اتخذوا الأكفان شعارا يرتدونه في خطبهم وفي مسيراتهم وفي ذلك ما فيه. لذلك نرجوكم - ودعوتم لذلك - أن يتميز مظهر الأكفان الخارجي لمناصري حزب الله عن مظهرأكفان جماعة السيدمقتدى في التفصيل وطريقة ارتداء الكفن كي لا يلتبس الأمر على المشاهد فيحسب هذه من هذه.

11- إن المرجع الأعلى السيدالسيستاني أمر أمس بخروج المسلحين سواء أكانوا من قوات الاحتلال أم من جماعة السيدمقتدى الصدر معا من كربلاء المقدسة ومن النجف الأشرف. ويقينا أن يأتي خطابكم غدا مؤكدا لطلب المرجعية هذا وداعيا بقوة الى تنفيذه من الطرفين لما هو معروف عنكم من اتباعكم لخط المرجعية العليا ولكونه الأسلم لعدم هتك حرمة الأماكن المقدسة وهو عين ما دعوتم اليه.

أفلا ترون سيدنا الجليل بعد كل ما تقدم أن التأكيد على مواجهة الاحتلال فقط من دون فضح عصيان جماعة السيدمقتدى لحركة المرجعية العليا المتصدية في العراق يكفي في الدفاع عن العتبات المقدسة... أم أنه إغراء للسيدمقتدى وجماعته بمزيد من التجاوزات على المرجعية وعلى العتبات المقدسة والحرمات؟

إن من الخطورة بمكان لمن عرف الحقيقة في ما تقدم وغيره وممن هو قادر على معرفتها بسهولة من خلال الاتصال بمن يعرف من رجالات الحوزة الثقات ومن مكاتب المراجع بل ومن المراجع أنفسهم أن يتكلم عن نصف الحقيقة ويترك نصفها الآخر.

إننا نطالبكم كما هو المعهود فيكم أن تكونوا لسان المرجعية والحوزة العلمية الناطق القادر على حفظ التوازنات السياسية في خطاب يجمع بين إدانة الاحتلال وإدانة من يقدم له الذرائع معا في آن واحد.

دمتم مسددين مؤيدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً