العدد 647 - الأحد 13 يونيو 2004م الموافق 24 ربيع الثاني 1425هـ

خطة شاملة لنشر التوعية الصحية

كلنا يعلم أن الخدمات الصحية المقدمة لأي مجتمع حديث، هي أمر مكلف، وعبء جسيم، كونها تعنى بأثمن ما يملكه الإنسان، وأهم مقومات الحياة الكريمة، وهي الصحة.

وهذه الخدمات تتطلب خططا مدروسة، وجهودا حثيثة، وموازنة ضخمة هي من أمس وأهم الخدمات المطلوبة من قبل جميع أفراد المجتمع.

ولكن أليست مقولة (الوقاية خير من العلاج) حكمة قديمة، وحقيقة واضحة يعلمها الجميع.

وكم هو مُلحٌّ ان نرى مستشفانا ومراكزنا الصحية التي تتلاطم بالمراجعين من المرضى، وقد تبنت خطة وطنية شاملة ومخلصة تهدف إلى نشر التوعية الصحية بين أفراد هذا المجتمع، وتكون هذه الخطة دعامة اساسية في السياسة التي تقوم عليها هذه الخدمات. وتبتدئ شيئا فشيئا مع أبناء هذا الوطن في برامج بعيدة المدى، واضحة الأهداف لتجعل الثقافة الصحية مفهوما أساسيا في حياة الناس اليومية، هذه الثقافة التي لم تكن ولن تكون على الاطلاق ترفا، بل هي ضرورة كضرورة استنشاق الهواء.

وهذه الخطة التي يلزم ان تشمل جمعي فئات المجتمع كالأم ووليدها، والطالب في جميع مراحله الدراسية، وأصحاب الأمراض المزمنة مثلا، انما تؤسس لإعداد حياة صحية أفضل، ولمجتمع أكثر وعيا، ما يخفف في المستقبل من حدة الأعباء الملقاة على كاهل الخدمات الصحية، ويحررها بصورة أكيدة من نمطية هذا الوضع المستنزف للمقدرات، والمنتظر للتغيير والإصلاح الجذري من كونها مستقبلة لهذه الاعداد المتنامية من المرضى، صارفة لهذا الكم الكبير من الدواء، ما يسبب إرهاقا مستمرا للموازنة المرصودة، وتدنيا في مستوى الخدمات المقدمة، وبعدا عن الرؤية الحقيقية، والمفترض وجودها لمثل هذه الخدمات في إنشاء أجيال أكثر وعيا، وأكثر رغبة في المحافظة على صحتها، بدلا من أن تكون على الدوام عالة على الدولة.

وحتامّ تمتلئ ممرات مستشفانا بالمراجعين المتهالكين من شكاواهم الصحية ومن ازدحام المواعيد والضغط على الخدمات المتاحة.

انها وضعية مؤلمة تحتاج إلى إدارة وإرادة وطنية فاعلة، لتنطلق مرحلة التغيير، وقد تمثل النقاط الآتية بعض الطموحات:

1- تبني برامج شاملة تبدأ مع طلبة المدارس، من المراحل الدراسية الأولى وحتى المراحل العليا، بحيث تشتمل المناهج على مواد تؤسس لثقافة صحية، مع التركيز على الأمراض السائدة من وراثية وغيرها.

2- توجيه برامج ارشادية توعوية، تهتم بجميع أفراد الأسرة بواسطة المحاضرات والبرامج المجتمعية المختلفة، ويتوخى فيها عناصر الابداع، مستغلة المناسبات المختلفة، لبث هذه التوعية التي قد تعتمد على تحفيز عناصر الإرادة لدى الإنسان التي تكافح المرض من جهة، ولا تتوهمه من جهة أخرى.

3- الاهتمام بتثقيف الامهات بالعناية باختيار اغذية أبنائهن، إذ إنه من الملفت للنظر عدم الاهتمام السائد بين شريحة كبيرة من الامهات، واستسلامهن المريع لما يباع في البرادات من الاغذية المحفوظة والمستهدف بها صغارهن فكثيرا ما نرى أكياس (الشبس) هي الطعام المفضل في أيدي هؤلاء الأطفال الذين تتغلب إرادتهم على إرادة الأمهات في كثير من الأحيان، بعد أن تم تعويدهم عليها.

4- اعداد برامج طامحة ورصينة لمكافحة ظاهرة السمنة التي بدأت تنتشر بصورة مخيفة، وما قد يؤدي إليه من عدد مزعج من الأمراض، برامج تستحث الشباب وغيرهم من الفئات العمرية وترصد لهم المكافآت المناسبة والمتاحة لانجاح مثل هذه البرامج.

5- ومن ضمن هذه الثقافة تعويد المجتمع على ايجاد البدائل المناسبة في البيت للتعامل مع بعض الوعكات الصحية التي لا تستدعي الهروع إلى المراكز الصحية لاخذ بعض الأدوية المعتادة، وذلك بنشر ثقافة الطب البديل مثلا.

6- تعميق بعض الممارسات الصحية، وجعلها عادات محبذة بين فئات المجتمع كرياضة المشي، بأن يجعل لهذه الرياضة مهرجانا سنويا، وبرامج ابداعية تستهوي الناس وفي المقابل محاولة القضاء على العادات السيئة المنتشرة هنا، كالتدخين وخصوصا بين طلبة المدارس والافراط في تناول المشروبات الغازية، وتصدر الاطعمة المحفوظة والتي تستحق أحيانا اسم (نفاية معلبة) لغذاء الأطفال في بلادنا.

وهذا ما لاشك فيه يطمح إلى تدشين حقبة جديدة، طويلة النفس، وبعيدة النظر لنسف المفهوم الاعتيادي الذي تمثله الخدمات الصحية المتوافرة حاليا، وهو مما لا ريب فيه سيقلل من كلفة الموازنة بكثير في مستقبل أيامها.

معصومة المهدي

العدد 647 - الأحد 13 يونيو 2004م الموافق 24 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً