بدلا من أن تكون ندوة «تقييم أداء المؤسسات الحقوقية» الأخيرة انطلاقة لخلق استراتيجية عمل وتنسيق بين الجمعيات الحقوقية فقد أثيرت فيها الخلافات القديمة بين مركز البحرين لحقوق الانسان والجمعية البحرينية لحقوق الانسان، ربما لأن الشوائب والتنافس مازالا يشوهان العلاقة بينهما، وكأنها علاقة يوسف بإخوته.
حاول موفد منظمة العفو الدولية العمري شيروف الذي قدم للبحرين بشأن معتقلي غوانتنامو تنسيق المواقف بين الجمعيتين إلا انه فشل في ذلك، كما حاول الناشط الحقوقي البارز في اللجنة العربية لحقوق الانسان هيثم مناع إلا ان الحظ لم يحالفه أيضا! بعيدا عن سبب «الخلاف» فإن «المركز» يؤكد عدم خلافه مع أحد، كما تؤكد «الجمعية» ذلك، إلا اننا لا نرى ترجمة ذلك على أرض الواقع.
«المركز» و«الجمعية»
ما يثير الاستغراب، ان الامين العام للجمعية سبيكة النجار دُعيت إلى الندوة الأخيرة «ندوة تقييم المؤسسات الحقوقية»، إلا انها اعتذرت عن ذلك، كما اعتذر الناطق الرسمي للجمعية سلمان كمال الدين! وحضر عضو الجمعية عبدالنبي العكري ممثلا عن نفسه وليس عن الجمعية على حد تعبيره!
والمُفارقة ان العكري بدأ حديثه بضرورة وقف «الحرب الباردة بين المركز والجمعية» إلا ان الجمعية لم تُلبِ الدعوة، ولا حراك فاعلا لوقف تلك الحرب من الطرفين، سوى تبادل كلمات الغزل بينهما أحيانا!
ناهيك عن التوتر بينهما، يُخيل ان ثمة تنافسا غير محمود بين الجمعيتين، وربما أطراف أخرى تُحرك ذلك التنافس لتنشغل الجمعيتان ببعضهما بعيدا عن الملفات الحقوقية العالقة وما أكثرها.
على سبيل المثال لا الحصر، عشية إضرابات سجناء جو المتعاقبة، طلب المركز زيارة داخلية للسجن للتحقق من وضع السجناء، وعما اذا كانت تُطبق القواعد النموذجية الدُنيا لمعاملة السجناء أم لا، وعلى رغم الحاحه فانه لم يتمكن من ذلك، (في هذا الوقت) سمحت وزارة الداخلية «للجمعية» بزيارة السجن، ولم تسمح «للمركز»، في حين ان الأخير ألح وتبنى القضية من بداياتها!
علاقة كل منهما بالحكومة
يبدو ان «الجمعية» على (وئام) مع الحكومة، ففعالياتها كثيرا ما تتم بالتنسيق معها، فقد أقامت دورة للشرطة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، فضلا عن ورشة الاعداد للخطة الوطنية بالتعاون مع وزارة الخارجية، والمائدة المستديرة لمناقشة ملف «المحكمة الجنائية الدولية» كانت بالتنسيق مع وزارة العدل، وهذه ميزة لـ «الجمعية».
أما «المركز» فعلى النقيض من ذلك، إذ إن تنظيمه للورش والندوات محدود، وغالبية ندواته (القليلة) تعتمد على الدعم الجماهيري. ويذكر ان «الجمعية» استهجنت إثارة «المركز» لقضية التمييز في «ندوة جماهيرية»، معتبرة ذلك نوعا من «التجييش»... والسؤال العارض: كيف تنتقد مؤسسة حقوقية أخرى، حتى وإن اعتبرنا ما قام به «المركز» «تحشيدا»؟!
يبدو ان «المركز» لم يشأ نيل التعاطف الحكومي لأنه أكثر حدة، وابتعادا عن الدبلوماسية، واستغرق في تدوين الملفات والرصد، وكتابة التقارير، وكلفه ذلك التهديد بالاغلاق لمرتين من قبل وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي.
جمعية الحريات العامة
أما جمعية الحريات العامة ودعم الديمقراطية التي يبدو اسمها أكبر من حجمها على الأرض فلم تنظم يوما نشاطا عاما، ولا يعلو صراخها إلا في بياناتها «الثورية»، ويتم تنشيطها أحيانا من قبل الصحافة التي تنتزع منها التصريحات والمواقف انتزاعا، لاسيما ان رئيسها المحامي علي سالم العريض قلما يُصرح!
كما تروي مصادر (والعهدة على الراوي) أن الجمعية أسست بنية «جمعية سياسية» وليست حقوقية، إلا ان خلافات داخلية عصفت بها، أدت الى انسحاب بعض الأعضاء منها، وتغير هيكلها وأهدافها!
كثيرة هي شجون الجمعيات الحقوقية، ففضلا عن الخلافات بينها ، فإن أحد أطرافها يؤكد أنها مُعرضة «للاختراق»، حتى لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب، ولتنشغل وتشتغل بأمور أخرى، غير تعزيز حقوق الإنسان
العدد 651 - الخميس 17 يونيو 2004م الموافق 28 ربيع الثاني 1425هـ