قال رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي، في لقاء خاص بـ «الوسط»: إن مشروعه تحقق بسقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، وحمل على الأمم المتحدة التي ورطت العراقيين بمذكرة النفط مقابل الغذاء، ثم بإلزام بغداد بكل العقود التي أبرمها الاحتلال. وذكر أن القرار 1483 هو الذي شرع الاحتلال وهو سبب المأساة. ودافع الجلبي عن قرارات «اجتثاث البعث» بقوله: «إن جذور الفاشية والعنصرية موجودة في هذه العقيدة». وأضاف أن أصدقاءه الأميركيين مازالوا متمسكين بصداقته، واعترف أن الواقع الحالي جاء نتيجة تخبط الأميركيين. ووصف ما يتم ترويجه من أنه رجل إيران بـ «الخزعبلات».
بغداد - عصام العامري
قال رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي: إن مشروعه السياسي قد تحقق بالكامل عندما سقط نظام صدام وعندما - الآن - تشكلت حكومة مؤقتة عراقية مرتبطة بقانون إدارة الدولة الذي يدعو لإقامة دولة ديمقراطية تعددية فيدرالية وملتزم باجراء الانتخابات في موعدها المحدد هو نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2005.
وحمل الجلبي بشدة على الامم المتحدة واعتبر قراراتها بشأن العراق مأساة. وقال في حوار مع «الوسط»: إن الامم المتحدة ورطت الشعب العراقي بمذكرة النفط مقابل الغذاء وراحت على البلد حوالي عشرة مليارات دولار دخلت جيب صدام كعمولات، ثم جاءت بالقرار 1546 وألزمت العراق بكل العقود التي ابرمتها سلطة الاحتلال، على رغم ان طريقة مسك الحسابات من قبل سلطة بريمر تفتح المجال واسعا امام الاحتيال. ودافع الجلبي عن قرارات اجتثاث البعث، وأضاف ان جذور الفاشية وجذور العنصرية موجودة في البعث واستطاع صدام أن يسخّر هذه الايديولوجية في اضطهاد الناس وقتل العراقيين. وتابع أن اصدقاءه الأميركان مازالوا يتمسكون بصداقتهم معه، ولكن حصل هجوم عليهم بعد التهمة التي أطلقها تنيت، وبعد انتهاء التحقيق سترجع الامور إلى حالها الاعتيادية.
وفيما يأتي ننشر الجزء الأول من الحوار:
كنت حديثا في زيارة إلى منطقة كردستان، ما اهداف هذه الزيارة ونتائجها؟
- ما حصل، بحث المشروع الوطني العراقي بعد أن اتضح من التطورات الأخيرة ولاسيما فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن 1546. إذ اتضح ان الأميركان لم يقوموا بما طلبه منهم الكرد، وكان مسعود البارزاني وجلال الطالباني قد بعثا برسالة مشتركة إلى الرئيس بوش، ذكّرا فيها الرئيس بوش بعلاقة الشعب الكردي مع الأميركيين وتعاونهما مع الحكومة الأميركية فيما يتعلق بقانون تحرير العراق ومشاركة قواتهما هما بالذات في تحرير العراق و الإطاحة بالنظام السابق، وطالبا إدخال إشارة إلى قانون إدارة الدولة العراقية في المرحلة الانتقالية في قرار مجلس الأمن، ولكن الأميركان لم يعيروا الطلب أية أهمية، فأرسلوا احد سفرائهم هنا مع بريمر اسمه جونز، وقدم لهما بعض التطمينات، مثل التأكيد بأن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ملتزمان بقانون إدارة الدولة، وان أميركا تؤيد هذا القانون، وابلغهما ان عدم الطلب بإدخال هذه الإشارة إلى القانون في قرار مجلس الأمن لان أطراف عراقية لا تريد ذكر هذا القانون في قرار مجلس الأمن، وهذه إشارة للاطراف التي تحفظت على القانون في مجلس الحكم، فوجد الأكراد بالنتيجة ان الحماية الوحيدة الموجودة لهم في العراق هي الاتفاق الوطني العراقي، وكل الأطراف العراقية تحمي حقوق الكرد وليس الطرف الأجنبي.
وبموجب هذه النتيجة التي توصلوا اليها دعوا إلى عقد اجتماع، وذهبنا إلى هذا الاجتماع واكدنا المبادئ التي اتفقنا عليها طوال سنوات المعارضة لنظام صدام وأكدنا رؤيتنا للعراق الجديد منذ اجتماع صلاح الدين العام 1992 بأن نلتزم بإقامة عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي. وثبتنا في هذا الاجتماع على ضرورة الالتزام بهذه الرؤية وأكدنا مسئولية الاطراف في دعم هذا الاتفاق في الانتخابات المقبلة وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وإنشاء مؤسسات أمنية وطنية تحمي الشعب العراقي وتمتنع عن اضطهاد الشعب العراقي.
من الذي حضر هذا الاجتماع؟
- محمد الحيدري (من المجلس الأعلى) وعلي الاديب من حزب الدعوة وانا ومسعود البارزاني وجلال الطالباني.
ما الاتفاقات الاخيرة التي حصلت في هذا الاجتماع الاخير؟
- ان هدف الاجتماع كان معالجة التصدع في الوضع والتنافر في المواقف من قانون ادارة الدولة وخصوصا الفقرة ج من المادة 61، وعالجنا هذه المسألة وأكدنا ان اعتراضنا على هذه الفقرة لم يأت بسبب مواقف من حقوق الكرد ولكن لاسباب منطقية وفقهية لان هذه الفقرة يمكن ان تدخل البلد في حال فراغ دستوري، وهذا الامر يحتاج إلى حل.
هل كان هدف الذهاب إلى كردستان هذا الامر فقط؟
- نعم.
يقال ان الجلبي وراء تشكيل تجمع للاحزاب الكردية الفليلية، الذي اعلن عن قيامه في نهاية زيارتكم لكردستان؟
- لقد سبق ان انشأنا المؤتمر الوطني العراقي لجمع العراقيين بالكامل ونحن شاركنا في جمع الاطراف العراقية، هذا كان هو الاساس في موقفنا ومازال هذا موقفنا باستمرار.
الاطراف التي شاركت في الاجتماع مع القيادة في كردستان عادت وانت بقيت هناك، هل كان لكم دور في انشاء تجمع جبهوي للقوى والاحزاب الفليلية في كردستان؟
- نحن دائما نسعى إلى أن تتحد الاحزاب العراقية بشكل عام، انا لا اعتقد انه توجد مصلحة في ان تبقى عشرات الاحزاب في العراق، ومن الضروري ان تكون هناك تجمعات للاحزاب افضل من بقاء عشرات الاحزاب لكي تقوى اصواتها في الانتخابات وان لا يحصل تشتيت.
مشروعي تحقق
هل تحقق مشروعك في العراق؟
- نعم تحقق، اولا سقط نظام صدام، وهناك الآن حكومة مؤقتة عراقية مرتبطة بقانون ادارة الدولة، يدعو لاقامة دولة ديمقراطية تعددية فيدرالية وملتزم باجراء الانتخابات في موعدها المحدد هو نهاية شهر يناير 2005.
هل يمكن تأجيل الانتخابات، هناك كلام بدا يتردد بهذا الصدد؟
- لا، لا يمكن تأجيل الانتخابات لان قانون ادارة الدولة حدد هذا الموعد وفي قرار مجلس الأمن. لا يوجد تأجيل.
هل يمثل الواقع العراقي اليوم حلمك في العراق؟
- هذا الواقع جاء بسبب تخبط الاميركان، وكنا نعرف بحصول مثل هذا التخبط وحاولنا معالجته ولم نفلح بذلك، لان الاميركان بسبب سرعة الانتصار على صدام اعتقدوا ان حكم العراق سهل، وقلنا لهم، دحر صدام سهل ولكن حكم العراقيين صعب ويمتنع عليكم، لذلك كنا ضد الاحتلال ومع اقامة حكومة عراقية مؤقتة، ولم يقبلوا بهذا الرأي، وهذا الشيء ادى إلى ظهور المشكلات بعد صدور قرار مجلس الأمن 1483 وهو القرار المأساة الذي سبب هذا الوضع في العراق وشرعن الاحتلال بصيغة قانونية، وهناك في هذا القرار خبايا كثيرة منها وضعه صندوق تنمية العراق وإدارة هذا الصندوق الذي عقد العلاقات وفاقم خطورة الوضع.
الأمم المتحدة ورطتنا
كيف ستتعامل حكومة العراق مع مالية العراق؟
- احد اسس السيادة سيطرة العراق على المال العام وحصل ذلك في احدى فتاوى السيدالسيستاني، ونحن نتوقع ان تتم هذه السيطرة على المال من جانب الحكومة المؤقتة بصفتها حكومة ذات سيادة. الاحتلال انشأ صندوق تنمية العراق وجاء قرار مجلس الأمن 1483 واخذ علما بانشاء هذا الصندوق وانشأ شيئا اسماه مجلس الرقابة والمشورة، ولم يكن العراق ممثلا في هذا المجلس الاقتصادي، والذي شاركت فيه جهات دولية وعربية ومن قوات الاحتلال ومن الامم المتحدة ولكن بعد اتصالات اجريناها مع الامم المتحدة شارك العراق في عضوية هذا المجلس بثلاثة اعضاء عراقيين.
ولايزال عمل هذا المجلس مستمرا حسب القرار 1546 في رقابة بيع النفط وكيفية صرف الاموال وهذا يعني ان العراق تحت الرقابة الدولية في هذا الشأن. هذا الامر بعد انتهاء الاحتلال وعودة السيادة شيء صعب على العراقيين، ولكن العراق ملتزم به بسبب قرار مجلس الأمن وسينتهي بالانتخابات المقبلة.
الشيء الآخر المؤسف في قرار مجلس الأمن 1546 هو الزام العراق بكل العقود التي ابرمتها سلطة الاحتلال، على رغم ان مجلس الرقابة الذي اسسه مجلس الأمن لم ينته من اعماله ولم يقدم تقريره الختامي عن تدقيق حسابات سلطة الاحتلال في العراق واوجه صرف الاموال طيلة الفترة السابقة، لا سيما وان صحيفة «الفايننشال تايمز» قد نشرت تقريرا عن اعمال الصندوق الذي اودعت فيه الاموال العراقية وصرف منها، وقد نقل عن المدقيين في المرحلة ما قبل الاخيرة من اعماله، بان سلطة الاحتلال تعرقل وتعارض التدقيق، ولم تنتبه الصحف العربية إلى هذا الامر، وتفترض كذلك ان طريقة مسك الحسابات من قبل سلطة بريمر تفتح المجال واسعا امام الاحتيال، والسؤال من يتحمل مسئولية هذه الامور؟
فالامم المتحدة ورطت الشعب العراقي بمذكرة النفط مقابل الغذاء وراحت على البلد حوالي عشرة مليارات دولار دخلت جيب صدام كعمولات، والآن صندوق تنمية العراق تصرف الاموال فيه وهي اموال عراقية، بتوقيع من بريمر والتدقيق الدولي يقول ثمة مشكلات جدية في اوجه الصرف، فمن سيتحمل المسئولية؟
ولكنك لم تثر هذه الامور عندما كنت في مجلس الحكم ومسئولا عن اللجنة المالية فيه؟
- كلا أثرت هذه المسألة للرأي العام في حينها، ولكن الناس لا تتابع هذه الامور في ظل وضع امني متفجر إذ يتركز الانتباه على الوضع الأمني، ولكن من جانبي اثرت هذا الموضوع عبر وسائل الاعلام، لدي الكثير من التصريحات بهذا الشأن. وهذا احد اسباب المشكلات التي اثيرت عليّ من قبل سلطة الاحتلال.
ما انعكاس هذا الواقع على حكومة علاوي؟
- هذه الحكومة مسئولة عن تصحيح الاوضاع، من خلال الاصرار على سيادة العراق، بالاصرار على حسن إدارة اموال العراق، والآن الحكومة اصبحت مسئولة عن إدارة صندوق تنمية العراق بعد ان انتهت سلطة الائتلاف.
وهنا يطرح سؤال مهم جدا وهو ذو صيغة قانونية: من الجهة التي سترث سلطة الائتلاف المؤقتة هل حكومة العراق ام حكومات الاحتلال؟ هذا امر غير واضح، قرار مجلس الأمن يقول ان الالتزامات التي قامت بها سلطة الائتلاف هي مسئولية حكومة العراق. هذا الشيء يعكس مرة اخرى ان الامم المتحدة تأتي لتحمل الشعب العراقي اعباء ومآسي الآخرين، هذا بعد النفط مقابل الغذاء والقرار 1546 فيه دور مستمر للامم المتحدة، الا يكفينا ما حصل من الامم المتحدة في السنوات الماضية مثل اقرارهما النفط مقابل الغذاء وتقاضيهما مبلغ مليار و100 مليون دولار عن ادارتها لهذا البرنامج، وحسب الظاهر هناك فساد مستشر في هذا البرنامج. والآن تأتي الامم المتحدة وتأخذ علما بوجود صندوق تنمية العراق ويقين مراقبين ومدققين دوليين لصندوق تنمية العراق، وبعد ان فهمت بوجود تجاوزات مالية تأتي لتقر ان على العراق الالتزام بالعقود التي اجريت من قبل سلطة الائتلاف.
ما التوصية التي يمكن تقديمها إلى حكومة علاوي بهذا الموضوع؟
- يجب اولا الانتهاء من التدقيق في 30 يونيو/ حزيران لان سلطة بريمر تنتهي في هذا الموعد وهي التي تمسك باوراق هذا الموضوع، لذلك من هو الوريث الذي ستنتقل اليه اوراق العقود، هل هي الحكومة العراقية ام حكومة الاحتلال؟ وقوات الاحتلال ستتنصل على الارجح من هذه المسئولية، هل ستقع المسئولية على الحكومة العراقية؟، لذلك على الحكومة العراقية ان تأخذ في اولوياتها معالجة هذا الامر ماليا وقانونيا. وللحكومة العراقية الحق بتغيير قرارات بريمر بموجب المادة 26 من قانون ادارة الدولة، واشار قرار مجلس الأمن 1546 إلى أن هذه الحكومة ذات سيادة على رغم ان قرار مجلس الأمن لا يشير إلى قانون ادارة الدولة العراقية، ويمكنها اللجوء إلى مجلس الأمن بقوة وطرح هذه المشكلات.
ولكن هناك الكثير من القوانين التي صدرت فهل يمكن للحكومة الجديدة ان تغيرها؟
- قرار مجلس الأمن صامت على حق الحكومة العراقية، ولكن هذه الحكومة اذا أرادت ان تمارس السيادة لها الحق في تغيير كل القوانين والقرارات التي أصدرها بريمر.
أحمد الجلبي صانع سياسات وقد لعب دورا في بلورة التشكيلة السياسية القائمة على الأقل لجهة اختيار الياور، هل انتم راضون على تشكيلة الحكومة؟
- نحن نؤيد الحكومة المؤقتة في اقرار الأمن في العراق وكذلك في مسئوليتها في اجراء الانتخابات العامة النزيهة في موعدها، ونحن نؤيد الحكومة وندعمها بكل قوانا
العدد 668 - الأحد 04 يوليو 2004م الموافق 16 جمادى الأولى 1425هـ