في خطوة بدت مكررة دعا عضو البرلمان السوري محمد حبش الاخوان المسلمين الموجودين في الخارج إلى العودة الى سورية في خطوة هدفها «انهاء هذا الملف على الأقل من الجانب الانساني». والسبب في دعوة حبش هو حدوث «تغييرات ايجابية» منها تغييرات في الوضع السياسي السوري، وخصوصا لجهة «ان السلطة باتت أكثر احتمالا للمعارضة»، وقال حبش: «أشعر بأن سورية جاهزة لاستقبالهم كأفراد. النظام يريد ألا تكون هناك معارضة في الخارج وهذه رغبة صحيحة. نحن نطالب الآن بإلغاء العقبات».
كلام حبش في موضوع الاخوان المسلمين ليس الأول من نوعه، فقد سبقه كلام اطلقته جماعات سياسية معارضة وهيئات مدنية بينها لجان احياء المجتمع المدني، إذ طالبت باغلاق ملف سوريي الخارج الأفراد والتنظيمات، ودعتهم إلى العودة الى سورية، ودعت السلطات إلى القيام بالخطوات اللازمة في هذا الاتجاه.
لكن الجديد في كلام حبش، انه يأتي بعد كلام اطلقه قبل اسابيع عن حوار قائم بين السلطات السورية والاخوان المسلمين، وقد نفى مسئولون في جماعة الاخوان المسلمين في المنفى العلم بأي اتصالات مع السلطات السورية، فيما امتنعت الاخيرة عن التعقيب على كلام الاخوان، او كلام عضو مجلس الشعب السوري.
واذا كان من معنى لما حدث في علاقته بمبادرة حبش الجديدة، فان ذلك يعني، تحريك موضوع عودة الاخوان مجددا، لكن على قاعدة تبدو من خلال قول حبش، ان لا جديد في موقف السلطات السورية في الموضوع، وخلاصته ان عودة الاخوان المسلمين تتم كأفراد، يجري تصفية ملفاتهم الامنية واغلاقها. وطبقا لهذه القاعدة، مضت كل حالات عودة عناصر الاخوان الى سورية، وهي قاعدة يعارضها الاخوان بالتركيز على ان العودة، ينبغي ان تتم بصورة جماعية، وان يجري اغلاق الملفات الامنية من دون فتح جراحات الماضي في اطار مرحلة سياسية جديدة اساسها التعددية والديمقراطية وتعايش التيارات والجماعات على قاعدة من العمل الوطني في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها سورية.
وعلى رغم ان هذا القول يتقاطع مع اهتمام السلطات السورية في أمرين، أولهما حشد امكانات السوريين في مواجهة التحديات، والثاني تخفيف وجود معارضة خارجية للنظام، فانه يواجه بحذر شديد نتيجة الارث الموروث من الصراع العنيف والدموي الذي شهدته سورية بين النظام وجماعة الاخوان السلمين أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات، اضافة الى عدم رغبة السلطات في منح التيار الاسلامي وخصوصا الاخوان المسلمين فرصة للعمل العلني في وقت مازالت تمنع من العمل العلني والشرعي تنظيمات وأحزاب يسارية وقومية مثل التجمع الوطني الديمقراطي، وجماعات أهلية ومدنية وحقوقية، هي اقرب الى النظام الحاكم، والاهم في تعبيرات هذا المنع هو عدم اصدار قانون ينظم وجود ونشاط الاحزاب والتنظيمات في سورية.
لقد خطا الاخوان المسلمين السوريون في الخارج خطوات باتجاه التقارب مع النظام والفئات السياسية والاجتماعية المختلفة، فنقدوا تجربة الماضي، واعلنوا تبنيهم اساليب عمل علنية وديمقراطية، وأظهروا استعدادهم للتعايش والتعاون مع غيرهم من الجماعات في اطار دولة القانون والمؤسسات، وهي تحولات شديدة الأهمية، لم تقابل بتحول مماثل في موقف السلطات السورية من الجماعة، فاستمر الموقف المعلن والمعروف من الجماعة: عودة فردية مع تصفية الملفات الأمنية.
الجديد في كلام عضو مجلس الشعب السوري، أمران: أولهما «أن يقرأ الاخوان المشهد الجديد وأن يقدموا رسائل ايجابية»، و«أن السلطة ونحن سنكون عونا على ذلك وستُقدم اجوبة ايجابية ايضا»، وهذا يشير الى استعداد السلطات لتلقي مبادرات من الاخوان، وانها يمكن ان ترد على المبادرات بصورة ايجابية، لكن الأهم في مبادرة حبش قوله: «نحن نطالب الآن بإلغاء العقبات»، وهذا من شأنه اذا تم العمل باتجاهه، ان يفتح الباب، ليس فقط امام عودة الاخوان المسلمين من الخارج، بل ان يعيد ترتيب الحياة السياسية في سورية
العدد 668 - الأحد 04 يوليو 2004م الموافق 16 جمادى الأولى 1425هـ