كشف رئيس قسم الطوارئ في مجمع السلمانية الطبي نبيل الأنصاري عن خطة جديدة في طور الدراسة، تستهدف إعادة هيكلة القسم لتخفيف الضغط والحد من استخدام الطوارئ كبوابة عبور إلى الأقسام الأخرى الأمر الذي يعوق عمل الأطباء. وقال الأنصاري: «نسعى إلى إدخال أقسام أخرى إلى الطوارئ كقسم السموم ووحدة آلام الصدر ووحدة للكوارث». جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عُقد يوم أمس في طوارئ السلمانية لطرح خطة القسم وتوجهاته في المرحلة الحالية.
وأوضح الأنصاري أن «القسم يسعى حاليا إلى تصنيف المرضى عند البوابة، ونحن لا نقصد بذلك إرجاع المرضى أو المرافقين، ولكننا قمنا بدراسة سريعة، واتضح أن الكثير من المترددين يمرون على القسم لأغراض غير الطوارئ، مثل المرور لأجنحة أخرى، ويستخدم البعض القسم للاتقاء مع أصدقائه على اعتبار أن المكان معروف عند الجميع. ولذا وضعنا طبيباً وممرضاً عند البوابة يقومان بتصنيف الحالات، وتوجيه بعض المرضى والمترددين بعد المرور في القسم. وخلف هذا الإجراء ارتياحا عاما لدى الأطباء والعاملين في القسم، كما أن أطباء الأقسام الأخرى لا حظوا التغيير وأثنوا على القرار. ولذا فإننا نرجو من المواطنين أن يعوا أهمية هذا الإجراء لما له من آثار إيجابية على المرضى، والأهم من ذلك كله أن الحالات الطارئة لن تضطر إلى الانتظار لساعات طويلة بسبب الضغط على القسم».
وأشتار الأنصاري إلى أن الاهتمام بهذا القسم له أسبابه، فهو واجهة المستشفى والمرآة التي تعكس جودة خدماته ومدى تنظيمه. ففي الإدارات السابقة، كان رؤساء القسم من تخصصات أخرى، ولم يكونوا متفرغين إلى القسم، وبذلوا كل ما يستطيعون، ولكن هذا القسم بحاجة إلى أشخاص متخصصين في الطوارئ لأنه أصبح علما قائما بحد ذاته. وقال: «هناك 19 طبيبا بحرينيا سيتخرجون خلال فترة قليلة وهؤلاء سيكونون نواة طب الطوارئ. كما دخلت تخصصات فرعية على الطب، وأصبح أكثر انفتاحا، وهذا يستدعي مواكبة التطور وعدم التقوقع في جزئية معينة. ولابد أن نذكر أن المملكة كانت تسعى إلى تطوير القسم منذ فترة طويلة. وطرحت برنامج الطوارئ على المجلس العربي في سوريا في العام 1999 ولقي البرنامج استحسانا عاما، ولذا فإن الـ 19 طبيباً سيكملون البرنامج بعد أن توقفوا في فترة من الفترات لظروف معينة».
وعرج الأنصاري على خطة الطوارئ مبينا أنها «ليست اختراعا جديدا من نسج الخيال، فعلم الطوارئ موجود، وفي الوقت نفسه لا يمكن لنا أن ننقل نموذجا آخر ونطبقه في المملكة لأن لكل دولة ظروفها. صحيح أن هناك إيجابيات ضمن نقاط عامة يمكن الاستفادة منها، ولكن يجب أن نضع النظام الذي يتناسب مع وضعنا. فالطوارئ يجب أن تكون تابعة لقسم أوسع، وهو قسم خدمات الطوارئ الطبية، ويندرج تحت هذا القسم تخصصات عدة، أولها هي خدمات ما قبل الطوارئ، ونعني بها خدمات الإسعاف أي إيصال الخدمة إلى المريض قبل دخوله المستشفى، والمملكة قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال.
ومن ثم تأتي وحدة التصنيف، ويجدر أن نشير إلى أن هذه الوحدة موجودة ولكن نحن بحاجة إلى تطويرها فلا يكفي أن يذهب الطبيب لدورة لمدة أسبوعين بل من الأهمية أن يتخصص الطبيب في هذا المجال. وهناك وحدات أخرى مثل وحدة الإصابات البليغة، ووحدة آلام الصدر الحادة، ونحن نفكر حاليا بشكل جدي في افتتاح هذه الوحدة وسبقنا إليها مستشفى قوة دفاع البحرين. هذا إلى جانب وحدة للسموم، وهذه الوحدة ليست بحاجة إلى تجهيزات خيالية إذ بالإمكان توفير غرفة بها طبيب متخصص وممرضتان أو ثلاث بحسب الوضع، ومهمة الطبيب ليست في العلاج فقط، وإنما تمتد إلى توعية الناس والمساعدة في شئون البيئة وغيرها. كما لا ننسى وحدة الكوارث والطب الرياضي وطوارئ الأطفال إلى جانب توفير طاقم مساعد». وبين الأنصاري أن إقامة هذا القسم الضخم بكل هذه التجهيزات بحاجة إلى قوى عاملة متخصصة، وإلى موازنة ضخمة، وهنا لابد أن يساهم المجتمع خصوصا مؤسسات المجتمع. إذ لا يمكن أن ننتظر كل شيء من الدولة فالخدمة هي في الأساس إلى الناس.
ونوه الأنصاري أن الطوارئ لن يقوم بتحاليل الدم والأشعة لمرضى الحالات غير الطارئة، مبينا أن «الطبيب هو الشخص الوحيد الذي يقرر الحاجة إلى فحص دم أو لا، كما أنه الوحيد المسئول عن طلب أشعة وغير ذلك، وبالتالي فعلى المرضى الراغبين في التحاليل التوجه إلى المراكز الصحية. وهذا القرار بني على قناعات وثوابت، فنحن نريد أن نجنب المرضى التعرض للأشعة لمرات كثيرة حفاظا على سلامتهم».
وقال الطبيب المقيم أحد عناصر برنامج البورد العربي لطب الطوارئ محمد الفردان: «لقد انخفض معدل استخدام الأشعة خلال الشهور القليلة الماضية بنسبة كبيرة من 500 مرة في الشهر إلى 50، وهذا يعود بالنفع على الوزارة من جهة في خفض الكلف وكذلك المريض. كما وتجدر الإشارة إلى أن الفحص قد يغني عن الأشعة أحيانا، وهو توجه الطب الحديث».
وشدد الفردان على مسألة التصنيف قبل التسجيل موضحا أن عدد المرضى في الأربع ساعات الأولى في نوبة آخر الليل من أمس الأول وصل إلى 250 مريضا، وبعد ساعات دخل طفل في الحادية عشرة من عمره، وبعد أن عايناه اتضح أنه يعاني من نزيف في الرقبة إثر ضربة تعرض لها، والمفترض أن «يتم علاج المريض بصورة سريعة لأن حالته طارئة، ولكن نظرا لضغط الناس والكل يرى في حالته طارئة ولا يمكن لومهم على ذلك. ولذا نحن بحاجة إلى توعية الناس وتطبيق نظام يساعد على علاج الحالات المستعجلة من دون أي تأخير».
واتفق الطبيب المقيم أحد المنضمين لبرنامج البورد العربي لطب الطوارئ محمد العصفور مع الفردان على ضرورة أن «يكون تحليل الدم والأشعة من طلب الطبيب. وهناك اتفاق عام على أن أشعة الرأس مثلا غير مجدية، وبالتالي إذا ما قرر الطبيب عدم إجراء الأشعة فمعنى ذلك أن لا داعي للأشعة».
من جهتها قالت الطبيبة المقيمة في برنامج البورد العربي لطب الطوارئ رقية عيسى: «هناك مجموعة من المراكز الصحية يتم فتحها في العصر والليل، وبالتالي فمن الضروري أن يتفهم المرضى ضرورة مراجعة هذه المراكز في حال كون حالتهم غير مستعجلة، كما أن الأشعة وتحاليل الدم متوافرة في هذه المراكز».
وأشار رئيس خدمات الإسعاف محمد عبدالرحيم إلى أن «الوزارة تسعى إلى تطوير الخدمات، والتطوير له إيجابياته وسلبياته. ونحن نعاني من ضغط شديد على الخدمات، إذ إن معظم اتصالات الإسعاف هي اتصالات غير مستعجلة، وهناك استخدام غير صحيح من قبل المواطنين إلى خدمة الإسعاف، فغالبا ما يتوجه الإسعاف إلى حادث مروري ومن ثم يتضح عدم الحاجة إلى الخدمة، أو قد يستدعي أحد المرضى الإسعاف وهو قادر على المجيء إلى المستشفى. لذلك نرجو من المواطنين ضرورة تفهم أهمية هذه الخدمة»
العدد 726 - الثلثاء 31 أغسطس 2004م الموافق 15 رجب 1425هـ