لم يتحقق الهدف الأصلي غير المعلن لمدرب المنتخب الألماني يورغين كلينسمان بفوز فريقه على منتخب البرازيل، بطل العالم، في أول لقاء دولي جرى على أرض الملعب الأولمبي في برلين الذي سيشهد المباراة النهائية لبطولة العالم في صيف 2006. وكان كلينسمان ذكياً بما فيه الكفاية حين حرص على عدم البوح بسره إلى الصحافة لكنه كان يأمل بالفوز وضرب عصفورين بحجر واحد: أولاً أن تنتقم ألمانيا لهزيمتها أمام البرازيل في نهائي كأس العالم في يوكوهاما العام 2002 وثانياً أن يكتب له الفوز في أول مباراة يلعبها المنتخب الألماني الجديد تحت إشرافه على أرض ألمانية. وحين أعلن الحكم السويسري أورس ماير نهاية المباراة الودية التي شهدها 74300 ألف متفرج، وكانت النتيجة التعادل بهدف واحد لكل من الفريقين، تنفس كلينسمان الصعداء.
بينما قدرة المنتخب الألماني المطعم بسبعة لاعبين شباب جدد كانت محدودة نوعاً ما فإنها لم تسعف كلينسمان في الحصول على نتيجة أكبر. لكن القيصر فرانز بيكنباور اعتبر النتيجة بمثابة إنجاز مهم لكلينسمان وتشكيلته قياساً مع العروض الهزيلة التي قدمها المنتخب الألماني في البطولة الأوروبية التي جرت في البرتغال خلال الصيف الماضي. وقال كلينسمان ان الهدف من الثلاثي المشرف على المنتخب الألماني: كلينسمان مدرباً ولوف مساعداً له وأوليفر بيرهوف مدير أعمال المنتخب، هو إعادة الثقة بقدرة المنتخب الألماني وقبل كل شيء أن يثق اللاعبون بطاقاتهم والسعي إلى استغلالها بالكامل. وكانت هذه الرغبة واضحة من خلال أداء خط الدفاع الألماني المؤلف من طاقم جديد قوامه غورليتز من نادي بايرن ميونيخ وهوت من تشيلسي الإنجليزي وفارنهورست من فيردر بريمن ولام من شتوتغارت. باستثناء المدافع لام لا أحد من زملائه المذكورة أسماؤهم يحظى بمكان أساسي في الفريق الذي ينتمي إليه.
لأن كلينسمان حسم منذ أن خلف رودي فولر في منصب المدرب الاتحادي بعد أن استقال الأخير عقب فشل فريقه في البطولة الأوروبية وقال: «ان أوليفر كان هو حارس المرمى رقم واحد»، وقف الأخير مساء الأربعاء وعينه على المهاجم البرازيلي الذي تلقبه صحف البرازيل بالظاهرة. لم يكن هدف كان أكثر من منع رونالدو من التسجيل وتحقيق الفوز للبرازيل في المباراة التي وصفت بأنها مباراة ثأر من وجهة نظر الألمان لهزيمتهم في يوكوهاما. لكن الخطر الذي داهم كان لم يصدر في مستهل الشوط الأول من رونالدو بل من رونالدينهو. لم يكن جميع ضيوف اتحاد كرة القدم الألماني DFB الذين تقدمهم المستشار الألماني غيرهارد شرودر وعدد من أعضاء الحكومة الألمانية، قد جلسوا في مقاعدهم حتى اهتزت الشباك الألمانية.
في الدقيقة الثامنة من المباراة حاول المدافع الألماني فرانك فارنهوست تشتيت الكرة عن منطقته لكن لاعب الوسط البرازيلي جونينهو خطف الكرة منه وحاول دخول المنطقة لكن فارنهوست أعاقه ما اضطر بالحكم لاحتساب ضربة حرة لصالح البرازيل على باب خط الـ 16 وقف روبيرتو كرالوس أمام الكرة وكذلك رونالدينهو الذي تحرك خطوة واحدة فقط وأرسل الكرة فوق جدار اللاعبين لتسكن الزاوية العليا على يمين أوليفر كان الذي اكتفى بمتابعتها بنظرات يائسة. بعد الهدف بدقيقتين أضاع رونالدو فرصة قوية حين انفرد من جهة اليمين لكنه سدد خارج المرمى. تبعه فرصة لأدريانو من رفعة أمام المرمى حولها برأسه فوق الخشبة.
في الوقت الذي ساد ظن بأن المنتخب الألماني سيقع فريسة ثلاثي خط الهجوم البرازيلي:رونالدو ورونالدينهو وأدريانو، قاد مهاجم نادي شالكه، أساموه، أكثر من هجمة خطرة على مرمى الحارس خوليو سيزار. وفي الدقيقة 17 استعاد الألمان ثقتهم بأنفسهم بعد أن حقق اللاعب كيفين كوراني من نادي شتوتغارت هدف التعادل من كرة مرتدة من دفاع البرازيل وصلت كوراني المولود في البرازيل ويحوز على جنسيتها وكان على بعد مترين من الشباك فأودع الكرة أرضية هادئة على يمين حارس المرمى البرازيلي. وهذا الهدف الرابع الذي سجله كوراني البالغ 22 عاماً من العمر لألمانيا في آخر مباراتين لمنتخب بلاده. وكان كوراني قد سجل 3 أهداف في المباراة التي فازت بها ألمانيا بنتيجة 3/صفر على النمسا. قال كوراني عقب المباراة: أنا سعيد جدا لأنني سجلت هدف ضد البرازيل وليس هناك أجمل من هذه الهدية. بدا البرازيليون الذين غاب عن تشكيلتهم مجموعة من اللاعبين الذين ساهموا بالفوز ببطولة كأس العالم وهم: لوسيو وزيه روبيرتو من بايرن ميونيخ والكابتن كافو والمهاجم كاكا وحارس المرمى ديدا من أي سي ميلانو الإيطالي. بينما استعان الألمان بأفضل تشكيلة من اللاعبين عاب على البرازيليين التحكم بمنطقة الوسط التي خسروها معظم فترات الشوطين للألمان. في الشوط الثاني بدا واضحاً أن رونالدو لديه رغبة في إهداء خطيبته دانييلا تشيراتشيللي وهي مذيعة تلفزيونية هدية عبر هز شباك أوليفر كان ولوحظ أنه راح يعى إلى الحصول على الكرة من وسط الملعب. ظهر رونالدو في قمة لياقته البدنية وأربك الدفاع الألماني أكثر من مرة ودبر لنفسه أكثر من فرصة واحدة للتسجيل. في الدقيقة 55 كاد رونالدو الفائز بلقب أفضل لاعب كرة عن العام 2002 أن يهز شباك أوليفر كان لكنه أطاح بالكرة عالياً عن بعد 10 أمتار عن المرمى. لم يحصل الألمان في الشوط الثاني على فرصة واحد للتسجيل لكن بعد أن أجرى مدرب البرازيل كارلوس بيرايرا تعديلا على تشكيلته في النصف الثاني من الشوط الثاني وحل ريناتو وخوليو بابيستا مكان رونالدينهو وأدريانو لاحت فرصة للتسجيل أمام خوليو باتيستا من كرة هيأها له رونالدو لكن كان أبعدها بقدمه. حصل كابتن ألمانيا ميشائيل بالاك الذي كان أفضل لاعبي التشكيلة الألمانية على بطاقة إنذار نتيجة تعمده الخشونة وحصل رونالدو على تحذير مماثل لأنه أودع الكرة شباك كان بعد أن صفر الحكم تسلل (قرار في غير محله). حصول بالاك على إنذار من الحكم السويسري أورس ماير بالذات أحيت ذكرى مؤلمة كثيراً في حياة هذا اللاعب الذي ينحدر من ألمانيا الشرقية السابقة. ففي دور نصف النهائي أدار أورس ماير المباراة التي جرت بين كوريا الجنوبية وألمانيا وحصل بالاك فيها على إنذار ثان خلال البطولة حرمه من اللعب في المباراة النهائية أمام البرازيل. بيرايرا وكلينسمان يأملان في لقاء جديد بين فريقيهما: في نهائي بطولة العالم العام 2006 في المكان نفسه
العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ