ذكر اقتصاديون ومحللون في الخليج ان تردي الأوضاع الأمنية في العراق بسبب المواجهات في مدن عدة من ضمنها الكوفة أدت إلى تراجع التجارة البينية بين العراق والدول العربية المجاورة له وأن الوضع لا يبعث على الأمل بقرب إحياء التجارة التي كانت مزدهرة قبل تدخل قوات الاحتلال في هذه الدولة العربية.
وقالوا إن بعض الدول فقدت أكثر من ثلث تجارتها مع بغداد في حين توقفت كلياً بعض الصادرات من دول الجوار وأبدوا تشاؤمهم من الوضع المتردي وتأثيره السلبي على صادرات بعض الدول مثل الأردن ولبنان والمملكة العربية السعودية.
وأبلغ أحد الاقتصاديين «الوسط» قوله: «لا شك في أن الحوادث الدامية التي يشهدها العراق حالياً لها تأثير سلبي على صادرات الدول وأن بعضها فقد نحو 30 في المئة من صادراته مثل لبنان».
وأضاف يقول: «فقدان الأمن لا يبشر بخير لهذه الدولة (العراق) والدول المجاورة لها. إنه يفقد الثقة في الاستثمار ويؤجل مشروعات حيوية كان من المفترض تنفيذها. ومع تزايد العنف هناك فإن الاستثمارات الأجنبية لن تجد لها طريقاً للوصول إلى العراق».
ومضى يقول: «من الصعب حتى على رأس المال المحلي أن يجد المناخ الاستثماري المناسب، فالبطالة مرتفعة والتذمر بين الناس آخذ في الزيادة ولا يبدو في الأفق أي حل فوري لوقف العنف. الاستثمار يريد بيئة آمنة وهذا لم يحصل في العراق حتى الآن».
وكانت الدول المجاورة تأمل في الاستفادة من القضاء على نظام الحكم في العراق بعد الحملة التي شنتها القوات الأميركية والبريطانية على بغداد لإقصاء الرئيس السابق صدام حسين عن الحكم.
ولكن منذ ذلك الوقت يبدو أن القوات الأميركية والحليفة لها الموجودة في العراق وقعت في مستنقع يصعب الخروج منه على رغم التضحيات الكبيرة والخسائر التي منيت بها.
ويقول بعض المحللين: إن المخاوف تتزايد يوماً بعد آخر من امتداد دائرة العنف والمواجهات الدامية وخصوصاً بين القوات الأميركية والمقاتلين العراقيين إلى بلدان الجوار التي ساندت تدخل قوات الاحتلال إلى العراق والتي كانت تأمل في جني ثمار مساندتها غير المحدودة.
ولا يكاد يمر يوم على العراق إلا ويسقط فيه عشرات القتلى والجرحى من جراء السيارات المفخخة والاقتتال وهذا في حد ذاته قد يولد فورة من الغضب على الدول التي وقفت وتقف إلى جانب القوات المحتلة.
وتعتزم البحرين استضافة مؤتمر لأعمار العراق والذي سيكون المؤتمر الثاني الذي يعقد في المنامة ولكن اقتصاديين قالوا إن الهدف الرئيسي منه هو النظرة المستقبلية لأن الأمور مهماً بلغت من درجة العنف لابد وأنها ستعود إلى الاستقرار النسبي.
وإعمار العراق الذي دمرته 3 حروب كانت آخر القنابل والصواريخ التي أسقطتها الطائرات الحربية الأميركية يحتاج إلى سنوات عدة ويكلف مئات المليارات من الدولارات وأن المساعدات التي وعدت بعض الدول بتقديمها والبالغة نحو 30 مليار دولار لن تكون كافية حتى إلى عودة بعد الخدمات الأساسية إلى سابق عهدها.
ودمرت الحروب البنية الأساسية في العراق الذي يمتلك احتياطات هائلة من النفط ويعتبر ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة «الأقطار المصدرة للبترول». وكان من المفترض أن يستخدم دخل النفط لتمويل بعض مشروعات التنمية ولكن يبدو أن هذا الحلم لا يزال بعيد المنال وخصوصاً بسبب أعمال التخريب التي طالت أنابيب النفط وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية إلى مستويات قياسية.
ويقول محللون إنه ليس من المنتظر أن تبدأ الدولة في تقديم خدمات الطيران والموانئ وغيرها من الخدمات الأساسية الضرورية للتجارة البينية قبل استتباب الأمن. وقال أحدهم: «مادامت الفوضى مسيطرة على العراق فإن المستثمرين سيستمرون في التردد كثيراً في الاستثمار هناك ولذلك فإن الخدمات ستبقى كما هي عليه الآن إلى حين استقرار الوضع».
وأضافوا إن عمليات الاختطاف التي طالت الكثير من العاملين في العراق يزيد الوضع تعقيداً بالنسبة للدول التي تتلهف إلى زيادة صادراتها واقتناص الفرص
العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ