فشلت الحكومة العراقية في إرسال تعزيزات عسكرية وأمنية إلى النجف لتنفيذ تهديداتها بحسم المواجهة مع الزعيم الديني مقتدى الصدر، الأمر الذي أثر سلبا على موقف قوات الاحتلال التي تخطط لتصفية عناصر جيش «المهدي» داخل المدينة.
وعلى غرار ما حدث في الفلوجة في أبريل/ نيسان الماضي، عزا مسئولون أميركيون الفشل إلى عمليات فرار واسعة من قوات الحرس الوطني التي دعيت لشن الهجوم. وقالت مصادر أميركية إن لواءً بأكمله في البصرة وقائده، رفضوا أوامر وزير الدفاع حازم الشعلان، كما أن وحدات أخرى من الحرس فشلت في الوصول إلى النجف.
علاوة على ذلك، فإن القوات الحكومية تعرضت لهجمات على الطرق المؤدية إلى النجف ما منع وصول التعزيزات.
ويذكر أن الكثير من القوات الحكومية في النجف هم من وحدات الكوماندوز والتي كانت في السابق تشكل «الكتيبة 36» من فيالق الدفاع المدني وحاربت ضد مقاتلي الفلوجة في إبريل وهي مؤلفة في معظمها من الأكراد وتعتبر الأفضل تدريبا وتسليحا. ولكن عمليات الفرار من الجيش والأمن أوقفت الخطط الرامية إلى شن هجوم كاسح ضد الصدر.
وذكر مسئول أميركي «لن تكون هناك أية قوات عراقية ولن تكون هناك أية معركة وقد عدنا إلى المربع الأول».
كما قال مسئولون عسكريون أميركيون إن قوات مشاة البحرية سعت إلى القضاء على معاقل «جيش المهدي» الأسبوع الماضي ولكنها تلقت أوامر من القيادة المركزية بوقف ذلك خشية انهيار حكومة علاوي الذي أوقف هو الآخر هجومين كانت قوات المارينز وفوج الفرسان الخامس في الجيش الأميركي خططتا لهما.
وعلى رغم تمسك مسئولي الحكومة العراقية علنا بالقول ان قواتهم ستهاجم «جيش المهدي» إلا أن صحيفة «الغارديان» البريطانية ذكرت في تقرير من النجف أن حكومة علاوي تحاول أن تبين أنها هي التي تخوض الحرب ضد «جيش المهدي» ولكن واقع الأمر أن القوات الأميركية هي التي تحارب بينما تلعب الشرطة دورا شرفيا.
وتجددت الاشتباكات العنيفة مساء أمس في النجف - بعد هدوء نسبي في النهار - بين القوات الأميركية و«جيش المهدي» استخدمت القوات الأميركية خلالها المروحيات. كما استخدمت الميليشيا أسلحتها الخفيفة والقاذفات إضافة إلى مدافع الهاون وتحصنت فوق أسطح الأبنية لاستئناف أعمال القنص. وسقطت طائرة أميركية من دون طيار في المدينة وقال أنصار الصدر أنهم أسقطوها.
وأحكم أنصار الصدر قبضتهم على مرقد الإمام علي أمس بينما قال مصدر مقرب من محادثات مع السلطات الدينية لوضع نهاية للأزمة ان المحادثات تواجه مشكلة، ما أبقى على الأمل بحل سلمي. وذكر أحد كبار مساعدي الصدر انه يريد تسليم مفاتيح مرقد الإمام إلى المرجع الديني علي السيستاني. ولكن احمد الشيباني استدرك القول ان ميليشيا الصدر ستواصل حراسة المسجد بعد أي عملية تسليم وهو ما تعهدت حكومة علاوي بمنعه. وقال إن «جيش المهدي» سيواصل الدفاع عن المرقد والنجف بكاملها لأنها مدينة مقدسة.
على صعيد آخر، كشفت مصادر متطابقة لـ «الوسط» أن انشقاقاً كبيراً يسود بين البعثيين القياديين العراقيين الذين لجأوا إلى سورية، والذين يمولون هجمات ضد القوات الأجنبية والعراقية والأهداف الحكومية. وأوضحت أن الانشقاق تبعته تصفيات جسدية يقودها مدير مخابرات دام طاهر حبوش.
بغداد، عمّان، دمشق - عصام العامري، حسين دعسة، الوسط، وكالات
انسحبت القوات الأميركية صباح أمس من بعض مواقعها المحاصرة لمرقد الإمام علي (ع) بينما سمع دوي طلقات مدفعية متقطعة من جهة المقبرة التي تعتبر معقلا لميليشيا الزعيم الديني مقتدى الصدر. ولاحظت وكالات الأنباء انخفاض عدد الدبابات الأميركية التي تطوق المدينة القديمة حيث ضريح الإمام علي حتى أن المارة تمكنوا من الدخول والخروج من دون مشكلات إلى الأحياء القديمة. ولم يعرف ما إذا كان هذا الانسحاب عملية تحريك للدبابات والآليات أم هو انسحاب نهائي.
وقال مصدر في الشرطة إن القوات متعددة الجنسية أوقفت العمليات العسكرية في النجف بعد إخلاء «جيش المهدي» الصحن الحيدري. ونقل التلفزيون الحكومي عن المصدر زعمه أيضا «أن عناصر الأمن العراقية اعتقلت أمس 425 من عناصر جيش المهدي المعتصمين في الصحن الحيدري وفي محيطه». ومن جهتها رفضت مصادر وزارة الدفاع التعليق على ما ذكره التلفزيون.
ولايزال مئات الأشخاص من بينهم عناصر الميليشيا غير المسلحين داخل الصحن الحيدري حيث سقطت قذيفة هاون من دون أن تخلف خسائر ولا ضحايا. وسمع دوي طلقات مدفعية متقطعة قرب الضريح في المقبرة الشاسعة للمدينة حيث يعتصم عناصر من الميليشيا. كما دارت اشتباكات مع القوات الأميركية في وقت لاحق.
وعلى الصعيد الميداني هاجم «جيش المهدي» مركزا للشرطة في النجف أسفر عن مقتل اثنين من الأفراد وإصابة ستة آخرين بجروح. كما هاجمت عناصر مسلحة منزل أحد رجال الدين واختطفت ابن المرجع السيدمحمد سعيد الحكيم. وابلغ عبدالرزاق مهدي النصراوي من مكتب المرجع السيدمحمد سعيد الحكيم وكالة الأنباء الألمانية «أن ميليشيات مسلحة مجهولة هاجمت منزل مهدي الخراساني إذ كان يوجد هناك محمد رضا المرعشي ومهدي نجل السيدمحمد سعيد الحكيم».
وأضاف «أن الميليشيات أوسعوا الخراساني والمرعشي ضربا واقتادوا مهدي محمد سعيد الحكيم إلى جهة مجهولة». وذكر مدير صحة النجف «أن حصيلة الضحايا الذين سقطوا خلال الـساعات الأربع والعشرين الماضية بلغت ثلاثة قتلى وستة جرحى».
من جهة أخرى وقعت اشتباكات عنيفة ليلة أمس الأول بين عناصر ميليشيا الصدر والقوات الأميركية في الكوفة وأسفرت عن سقوط قتيل و12 جريحا بين مدنيين وعناصر الميليشيا بحسب مصادر طبية. وقال مسئول في تيار الصدر إن الاشتباكات اندلعت عندما تقدمت آلية عسكرية أميركية باتجاه المدينة فتصدت لها ميليشيا المهدي إذ اندلعت مواجهات أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين وجرح خمسة آخرين. وأعلن الشيخ خليل المالكي من مكتب الشهيد الصدر في البصرة أن قوات مارينز أميركية دخلت المحافظة.
ومازال الوضع في النجف يلفه الغموض على خلفية التصريحات المتناقضة والمبهمة بشأن تسليم مفاتيح الصحن الحيدري إلى الحوزة الدينية وفي ضوء تصريحات متناقضة بشأن الجهة التي تحكم قبضتها الآن عليه. ففي الوقت الذي تزعم فيه الحكومة بأن قوات الشرطة تفرض منذ يوم أمس الأول سيطرتها عليه مازال وكلاء الصدر يؤكدون انه مازال تحت سيطرة «جيش المهدي».
وأكد الشيخ علي سميسم احد المقربين من الصدر أمس أن مفاتيح الصحن الحيدري مازالت بأيدي «جيش المهدي» ولم تسلم بعد إلى مكتب المرجع الديني السيدعلي السيستاني. وكان متحدث باسم السيستاني أكد أمس الأول تسلم المفاتيح. وابلغ المتحدث احمد الشيباني وكالة الأنباء الألمانية «أن العمل جار لتشكيل لجنة مشتركة بين مكتب الشهيد الصدر ومكتب السيستاني لجرد موجودات ومحتويات الصحن قبيل تسليمه بشكل طوعي». وأضاف «ان جيش المهدي مازال يسيطر على ضريح الإمام والمنطقة المحيطة به». وأوضح «أن الزعيم الديني مازال موجودا في النجف ويدير مجريات الحوادث بنفسه ووسط جنوده».
ويرى المراقبون أن الغموض الذي أصبح يلف هذه القضية بدأ يعرض صدقية حكومة إياد علاوي إلى التآكل ويوحي بأنها لم تعد قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة بهذا الصدد لاسيما بعد أن منحت الصدر مهلة ساعات ليعلن بنفسه عن موافقته على شروط الحكومة، غير أن هذا لم يحدث.
وأعلن رئيس الوزراء أمس أن الوضع الأمني في العراق عموما وفي النجف خصوصا شهد تقدما خلال الأيام القليلة الماضية. وقال علاوي في بيان صدر في وقت متأخر الجمعة انه على رغم أن الصدر وافق على شروط لجنة المصالحة المنبثقة عن المؤتمر الوطني وأن هناك تقدما في الوضع الأمني وخصوصا في النجف «فإن الأمر لا يتوقف عند الوضع في النجف فقط فهناك جماعات مسلحة من ميليشيا المهدي مازالت مستمرة في خلق حال من عدم الاستقرار في مدن ومحافظات أخرى مثل مدن البصرة والناصرية والثورة». وأضاف «ان هذا العنف يجب أن يصل إلى نهاية ووضع حد له في كل أرجاء العراق».
وجدد علاوي في البيان مطالبته للصدر بضرورة حل الميليشيا «وان يستفيد من أنصاره بانضمامهم للعملية السياسية بطرق سلمية ودبلوماسية». وقال «مرة أخرى... فإنني أدعو الصدر لحل جميع ميليشياته المسلحة».
في غضون ذلك دعت حركة الجهاد «المقاومين» في العراق إلى ضرب النفط، معلنة مساندتها لتيار الصدر والمقاومة ضد القوات الأميركية. وأكد ممثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بدمشق محمد سعيد لـ «الوسط» ضرورة إشراك الصدر في العملية السياسية ووصف سعيد ما يجري بأنه «أمر مؤسف ومدان في الوقت نفسه».
ومن ناحية أخرى قتل احد أفراد الحرس الوطني وجرح خمسة بينهم ثلاثة مدنيين، اثر انفجار عبوة ناسفة في الموصل، وقال متحدث عسكري إن جنديا بولنديا قتل وأصيب ستة حين انفجرت سيارة ملغومة بجوار قافلتهم قرب الحلة. وأفاد مصدر في الشرطة بأن مجهولين اغتالوا مدير مكافحة الجريمة في شرطة الرمادي المقدم سعد سمير الدليمي ومن جانبها اعتقلت القوات الأميركية مدير شرطة الانبار اللواء جعدان العلواني. وأعلنت الشرطة مقتل أربعة عراقيين وإصابة أربعة آخرين اثر انفجار صهريج محمل بالبنزين في الناصرية. وقتل شخصان وأصيب أربعة آخرون في انفجار عبوة ناسفة لدى مرور سيارة في بعقوبة. كما قتل أربعة جنود أميركيين وأصيب اثنان اثر انفجار لغم في الصقلاوية.
كركوك - أ ش أ
أعلن نائب محافظ كركوك حسيب روجياني أن 3400 عائلة عربية رحلت من المدينة الواقعة في شمال العراق إلى مدن أخرى في وسط وجنوب العراق منذ بدء الغزو.
وقال روجياني ان معظم هذه العائلات التي رحلت عن المدينة تقطن في مساكن بحي العشرة ألف كانوا تسلموها من النظام السابق في سنوات ما قبل الحرب. وأضاف أن كركوك شهدت في المقابل منذ إعلان الحرب عودة 14 ألف عائلة كردية مهجرة كان تم ترحيلها من المدينة في ظل حكم صدام.
وأشار إلى انه على رغم ذلك فإن هناك الكثير من المشكلات التي تواجه هذه العائلات الكردية التي عادت، موضحاً أنه إذا ما تم حل هذه المشكلات فستعود أعداد أكبر من العائلات الكردية.
كراوفورد - اف ب
أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان أن الرئيس جورج بوش سيستقبل غداً الاثنين في مزرعته في كراوفورد في تكساس، نائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومستشارته للأمن القومي كوندوليزا رايس للبحث خصوصاً في القضية العراقية.
وقال المتحدث: «إن اجتماع كرافورد سيكون الاجتماع السنوي الرابع بشأن أولويات الدفاع وأتوقع أن يتمحور الحديث عن عدد من الموضوعات بينها العراق ومكافحة الإرهاب». وأضاف «ستكون فرصة للرئيس ووزير الدفاع للابتعاد عن واشنطن وإجراء محادثات معمقة ومفصلة تتعلق بموضوعات أساسية في مجال الدفاع».
وأوضح أن رئيس أركان القوات الأميركية الجنرال ريتشارد مايرس وغيره من المسئولين العسكريين، سيشاركون في الاجتماع
العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ