حضر نحو اربعين صحافيا من الصحف اليومية أمس ورشة عمل عقدت في فندق «الدبلومات» لاستعراض الدراسة التي اعدتها مؤسسة «ماكينزي» عن صلاح سوق العمل البحرينية وتمت مناقشة «حزمة» السياسات المقترحة لحل التشوهات في سوق العمل سعيا الى ان يصبح البحريني هو الخيار الاول لسوق العمل بمستوى معيشي مقبول، بالاعتماد على القطاع الخاص الذي سيتحول الى محرك للنمو مع تطبيق الاصلاحات.
والورشة هي واحدة من عدة ورش صغيرة عقدت خلال الايام الماضية استعدادا لعقد الورشة الموسعة برئاسة سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة وبحضور مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بالاضافة الى مشاركة مستشارين وأكاديميين دوليين يجيبون على اسئلة المتحاورين الذين سيبلغ عددهم أكثر من مئة شخص.
الوسط - هاني الفردان
دعت شركة ماكينزي ومجموعة من أعضاء الشركة المكلفين بالقيام بالمرحلة الثانية من دراسة إعادة هيكلة سوق العمل في المملكة التي يشرف عليها ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، إلى دراسة من أجل زيادة نسب البحرنة من خلال تساوي كلفة العمال البحرينيين والأجانب، والهدف من تساوي الكلفة هو خلق منافسة بين العمال البحرينيين والأجانب، ما يضطر أصحاب العمل إلى الأخذ في الاعتبار تفضيل العمالة البحرينية في التوظيف.
ومن جانب آخر، قدم كل من مستشار الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين محمد المرباطي، ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والبحوث فيصل غزوان مقترحات إلى «ماكينزي» عبارة عن دراسة جديدة بعنوان «تصنيف المنشآت» قائمة على أساس تقسيم هذه المنشآت إلى أربعة تصنيفات، وذلك من خلال البحث الثاني الذي قاما به على ورقة «ماكينزي» بعنوان «مفهوم تحديات سوق العمل في البحرين»، إذ شمل البحث الأول تعليقات عامة على مضمون الورقة بالإضافة إلى تحليلات ومعلومات إضافية بشأن واقع سوق العمل الذي تمت مناقشتها مع الشركة الاستشارية في مطلع يوليو/ تموز الماضي، على أن تعرض على ولي العهد وذلك خلال الشهر الجاري، كما ستعرض برعاية سموه في مؤتمر عام في 23 من هذا الشهر.
وقد أبرزت ورقة «ماكينزي» جذور مسببات الأداء الهابط لسوق العمل في البحرين وهي الخلخلة في حركة السوق والانضباط غير الفاعل، وتم حصر أسباب ضعف سوق العمل في سبعة عوامل وهي: المنافسة بين العامل البحريني والأجنبي على كسب الوظيفة من ناحية كلفة التوظيف والجودة في أداء العمل، وجاذبية القطاع العام للبحرينيين، والنمو الاقتصادي المركز حالياً على الوظائف المنخفضة المهارات، والنظام التعليمي البحريني لا يحقق المهارات الأساسية التي يطلبها السوق، عدم وجود استراتيجية اقتصادية واضحة وبعيدة المدى لرسم السياسات واتخاذ القرارات بصورة غير مدروسة وغير معتمدة على معلومات دقيقة، وإن الحكومة غير قادرة على التوفيق بين الوظائف والباحثين عن العمل، ونظامها للترخيص للعمال الأجانب يتسم بالعشوائية وإجراءاتها الإدارية غير كفؤة، بل إنها معقدة وتضيع الوقت والجهود، وعدم فاعلية إجراءات المراقبة.
وقال غزوان إن الورقة الثانية ناقشت دراسة «ماكينزي» في مواجهة تحديات المنافسة على كسب الوظيفة المنخفضة المهارة بين العامل البحريني والأجنبي من ناحية الكلفة. بالإضافة إلى دراسة بديلة يرى مقدموها أنها بناءة أكثر بعنوان «تصنيف المنشآت».
ورأى كل من المرباطي وغزوان ان «هذه الدراسة سيكون لها تأثير إيجابي كبير على حركة سوق العمل في المدى القريب والبعيد إن هي نفذت، وستساهم في القضاء على البطالة في وقت قصير وستحسن من مستوى المعيشة بشكل ملموس وسترفع نسبة النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ. باختصار، هذه الدراسة هي مفتاح الانفتاح على البحرنة الحقيقية والنمو الاقتصادي المنشود والحياة الكريمة للعمال».
وأوضح غزوان ان دراسة «ماكينزي» ركزت على أسباب البطالة بين العمالة البحرينية منخفضة الخبرة راجعة بالأساس إلى المنافسة على كلفة التوظيف التي هي الآن في صالح العمالة الأجنبية، من خلال المقارنة بين كلف مباشرة أعلى للبحرينيين، وكلف غير مباشرة أعلى للبحرينيين، إذ أكدت ما كينزي ان «هذه الكلفة الزائدة للعمالة البحرينية تدفع أصحاب العمل لتفضيل العمالة الأجنبية».
ومن خلال المقارنة بين الكلف المباشرة وغير المباشرة للعمالة البحرينية والأجنبية وجدت «ماكينزي» ان الكلف المباشرة للعامل البحريني منخفضة الخبرة 165 ديناراً بحرينياً، وللعامل الأجنبي 100 دينار باحتساب كلف (راتب، تأمينات اجتماعية، ضريبة تدريب، إقامة / تأشيرة، تذاكر طيران، سكن)، بينما ستكون الكلف غير المباشرة للعامل البحريني 100 دينار وللعامل الأجنبي 86 ديناراً من خلال احتساب كلف (الإنتاج، تواصل الخدمة، الفصل من الخدمة، الدعم الحكومي للعامل الأجنبي)، ما يعني أن الكلفة الإجمالية للعامل البحريني 265 ديناراً وللعامل الأجنبي 186 ديناراً.
وبحسب تلك النتائج جاءت دراسة «ماكينزي» التي دعت من أجل زيادة نسب البحرنة إلى أن تتساوى كلفة العمال البحرينيين والأجانب، والهدف من تساوي الكلفة هو خلق منافسة بين العمال البحرينيين والأجانب ما يضطر أصحاب العمل إلى الأخذ في الاعتبار تفضيل العمالة البحرينية في التوظيف، وذلك من خلال القيام بعدة خطوات لتنفيذ هذه الدراسة والتي ستعتمد على ألا يكون هناك في تغيير دفع أصحاب العمل كلفة الأجور وتذاكر الطيران للعمال الأجانب، واحتساب زيادة إضافة في كلفة الإقامة، التدريب والسكن يتحملها صاحب العمل، وتطبيق التأمينات الاجتماعية على العمالة الأجنبية كما كان سابقاً، وتتحمل الحكومة دفع مبالغ التأمين بالكامل أو جزء كبير منه.
وقال كل من المرباطي وغزوان إن من ميزات هذه الدراسة الدفع نحو توظيف العاطلين عن العمل من البحرينيين بضوابط قليلة، وضخ أموال إضافية تدخل في خزينة وزارة العمل والتأمينات الاجتماعية، ومن سلبياتها انها ستقدم فوائد أكثر للعمالة الأجنبية، بالإضافة إلى كلفة أكبر على أصحاب العمل ما سيتسبب في غلق الكثير من المنشآت الصغيرة لا محالة، والتأثير سلباً على فتح أو نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعلى مستوى المعيشة بارتفاع كلف العمالة وحوالة أموال التأمينات، وتحميل الحكومة كلفاً أكبر منفردة أو مشاركة مع أصحاب العمل.
وعلى إثر ذلك قدم كل من المرباطي وغزوان دراسة جديدة بعنوان «تصنيف المنشآت» قائمة على أساس تقسيم هذه المنشآت إلى أربعة تصنيفات وهي، صغيرة جداً، صغيرة، متوسطة وكبيرة ويتم تحديد كل منشأة بعدة مواصفات وهي (عدد الموظفين، الربح الصافي السنوي، نسبة البحرنة، الحد الأدنى للأجور)، والهدف من تصنيف المنشآت هو ضبط البحرنة، على ان تكون أدوات الضبط هي الحد الأدنى للأجور والضريبة التصاعدية.
الحد الأدنى للأجور
وأوضع المرباطي وغزوان حدود معينة للأجور وهي (أ، ب، ت، ث) بحيث تكون هذه الحدود غير متساوية، وإن الحد الأدنى للأجور أو (راتب المعيشة) «أ» هو ذلك الراتب الذي يكفل معيشة مرضية للعامل، وأن يتصاعد راتب المعيشة بصعود المنشأة من أجل عدم الضغط على المنشآت الصغيرة والتسبب في خسارتها. كذلك، من أجل تشجيع المنشآت الصغيرة على النمو وتأسيس منشآت جديدة، مؤكدين ان الحد الأدنى للأجور يحدد بحسب حجم المنشأة، بحيث تكون أجور أعلى للمنشآت الكبيرة وأقل لتلك الصغيرة.
وعرف المرباطي وغزوان الحدود الأربعة بالأحرف أ، ب، ت، ث، إذ الحرف أ يمثل راتب المعيشة، و(ب = أ + أ)، و(ت = أ + أ)، و(ث = 2 أ)، مفترضين انه إذا كان حد المعيشة «أ» يساوي 160 ديناراً فإن ب = 200 دينار، ت = 240 ديناراً، ث = 320 ديناراً. راتب المعيشة ربما لا يستطيع المستثمرون الصغار تسديده. لذلك سيساهم صندوق الضرائب التصاعدية في تسديد جزء منه، مشيرين إلى ضرورة أن يكون راتب المعيشة متغير مع متغيرات كلفة المعيشة ويعاد تقييمه وتحديده بعد كل فترة زمنية.
الضريبة التصاعدية
ورأى كل من المرباطي وغزوان ان أموال الضريبة التصاعدية تعطى لمستحقيها من العمال البحرينيين بشكل جزئي ومؤقت هم العمال المصنفين على راتب المعيشة «أ»، العاطلين عن العمل، العمال الذين فقدوا وظائفهم لأسباب لا دخل لهم فيها، وهم قادرون على العمل إن سنحت لهم الفرصة.
على أن تكون أحكام الضريبة التصاعدية نسب البحرنة في المنشآت اختيارية، وتفرض الضريبة التصاعدية عند التجاوز أو إبداء الرغبة في تجاوز نسب البحرنة، وتزداد الضريبة تصاعدياً بنقصان نسب البحرنة، وتحتسب الضريبة التصاعدية بحسب حجم المنشأة (كلما كانت المنشأة أكبر كانت الضريبة أكبر عند التجاوز).
وأوضح المرباطي وغزوان خطوات احتساب الضريبة التصاعدية والتي تبدأ بمعاينة حجم المؤسسة ونسب البحرنة وعدد العمال في المؤسسة، مفترضين لتوضيح ان حجم المؤسسة هو متوسط، فئة (1)، ونسبة البحرنة بعد 10 سنوات 60 في المئة، ونسبة البحرنة المرغوبة 40 في المئة، متوسط رواتب العمال الأجانب في المؤسسة 300 دينار، مجموع عدد عمال المنشأة 200 عامل، فإن عملية احتساب الضريبة ستكون (نسبة البحرنة المتجاوزة X متوسط رواتب العمال الأجانب في المؤسسة X مجموع عدد عمال المنشأة) وبحسب الافتراض الرقمي السابق فإن (20 X 300 X 200 = 12000 دينار/ شهر ما يساوي 144000 دينار/ سنة).
وأشار المرباطي وغزوان إلى أن الضريبة التصاعدية تدفع من قبل المنشأة المتجاوزة لنسب البحرنة فيها إلى حساب صندوق الضريبة التصاعدية بصورة شهرية أو سنوية، على أن يدير صندوق الضريبة التصاعدية أمناء من الجهات المعنية.
ورأى المرباطي وغزوان فوائد دراسة تصنيف المنشآت كونها دراسة سهلة، سريعة التنفيذ، عادلة وغير مكلفة من أجل تحقيق البحرنة، توفر دخلاً جزئياً ومؤقتاً للمصنفين على راتب المعيشة والعاطلين والمفصولين عن العمل
العدد 746 - الإثنين 20 سبتمبر 2004م الموافق 05 شعبان 1425هـ