بروديتا صباريني *- صحافية في« الجاكرتا بوست»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
02 مايو 2010
يُشكل ما يسمى «الحرب ضد الإرهاب» حرباً بين العقائد الأيديولوجية، لا يمكن الفوز بها إلا من خلال تغيير معتقدات المتطرفين في استخدام العنف، حسب رأي خبير إندونيسي في الإرهاب.
يعتقد نور هدى إسماعيل، المدير التنفيذي لبيت فكر خاص يهدف إلى إعادة تأهيل الإرهابيين السابقين هو «معهد بناء السلام الدولي»، أن الإرهاب يمكن استئصاله من المجتمع، وخاصة في إندونيسيا، ولكن يتوجب على الحكومة والمجتمع الدولي التأكيد بصورة أكبر على «نزع التطرف» عن المتطرفين.
قامت الحكومة الماليزية منذ تفجيرات العام 2002 في بالي بتنفيذ برنامج لنزع التطرف يتكون من استخدام متشددي الجماعة الإسلامية مثل ناصر عباس ليتكلم مع المتهمين بالإرهاب والمحكومين في السجون. يحصل هؤلاء المتهمون بالإرهاب بعد إطلاق سراحهم من السجن على معونة اقتصادية لمباشرة عمل تجاري.
إلا أن نور هدى يشير إلى أن البرنامج ما زال بحاجة للمزيد من التحسينات، فعلى سبيل المثال، تم توجيه التهم لما يزيد على 450 متهماً بالإرهاب أو محاكمتهم في محاكم بتهم الإرهاب. وقد تم إطلاق سراح 200 منهم بعد انتهاء فترة حكمهم. إلا أن هؤلاء الرجال عرضة للعودة إلى التطرف.
وقد نجح هذا البرنامج، حسب «نزع التطرف والسجون الإندونيسية» وهو تقرير صدر العام 2007 عن مجموعة الأزمات العالمية، وهي منظمة غير حكومية ملتزمة بمنع وحل النزاعات القاتلة، نجح في تشجيع خمسة وعشرين من أعضاء «الجماعة الإسلامية» السابقين، وهي منظمة إسلامية متشددة مسلّحة تهدف إلى إنشاء دولة إسلامية في إندونيسيا، على التعاون مع الشرطة. إلا أن متشددين سابقين آخرين شاركوا في برنامج نزع التطرف الحكومي، انخرطوا مرة أخرى في نشاطات متطرفة مع الجماعة الإسلامية.
على سبيل المثال، شارك «أوروا» وهو عضو في الجماعة الإسلامية قضى أربع سنوات في السجن بسبب دوره في تفجير السفارة الأسترالية عام 2004 وفي تفجيرات فنادق الماريوت والريتز كارلتون في يوليو/ تموز السنة الماضية بعد إطلاق سراحه من السجن.
وحسب رأي نور هدى، يحب إشراك أسر المحاربين السابقين الذين اعتقلوا أو قتلوا، في برنامج نزع التطرف حيث أنهم هم أيضاً عرضة للتطرف.
«انظر على سبيل المثال إلى ابن محمد جبريل» يقول نور هدى. كان أبو جبريل، وهو الآن رجل دين في بامولانغ، وهي ضاحية صغيرة قرب جاكرتا، أمين صندوق الجماعة الإسلامية.
قضى أبو جبريل ثلاث سنوات في السجن لكونه متشدداً في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. وقد لعب دوراً في دعم النزاعات الطائفية في بوزو بوسط سلوازي حتى اعتقاله من جانب الحكومة الماليزية والتي احتفظت به من 2001 إلى 2004 بموجب قانون الأمن الداخلي للدولة بسبب تشجيعه التطرُّف. كما اعتقل ابنه محمد في أغسطس/ آب 2009 لاتهامه بالمساعدة على تمويل الهجمات على الفندقين السنة الماضية.
يثبت هذا المثال إمكانية تمرير التطرف من الأب إلى الابن.
ويشير نور هدى كذلك أنه لم تكن هناك عملية «إعادة برمجة» منهجية أو عملية لنزع التطرف عن المتهمين خلال السنوات القليلة الأخيرة. «الأمر الأهم هو تنفيذ توجه شفائي (بدلاً من الأساليب القمعية). يجب تسجيل المتهمين بالإرهاب، اعتباراً من لحظة إلقاء القبض عليهم، في برنامج نزع التطرف، ويجب علينا أن نعرف ما يقومون به بعد إطلاق سراحهم»، يقول نور هدى.
وقد ذكرت مجموعة الأزمات العالمية في تقريرها أن برامج نزع التطرف في إندونيسيا نُظِر إليها إلى درجة واسعة بمعزل عن التطورات الأخرى.
«لم تكن هناك سوى محاولة محدودة على سبيل المثال لتقييم ما إذا كان الذين يتركون المنظمات (المتطرفة) أكثر من الذين ينضمون إليها، وما إذا كان الذين ينضمون إلى البرنامج على استعداد مسبق لرفض التفجيرات كتكتيك، أو ما إذا كانت المبادرة قد أوجدت أية ردة فعل في صفوف المتطرفين.
لم يكن هناك أي حوار عام تقريباً حول المكان الذي يجب أن يتواجد التوازن المناسب فيه بين التساهل مع المتسببين بهذه الأعمال، في محاولة لمنع هجمات مستقبلية، والعدالة تجاه الضحايا».
ويقول نور هدى إن مهمة نزع التطرف عن المحاربين السابقين يجب ألا يكون مهمة الشرطة. ويدعي نور هدى في تقرير تشارك مع كار اونغرر من معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي في إعداده أن أفضل طريقة لمجابهة الأيديولوجية المتطرفة قد تكون تشجيع قادة المتشددين الذين لم يعودوا متطرفين، والذين «تستمر المجموعات التابعة بوضع ثقتها بهم، مثل المحاربين القدامى في أفغانستان والفلبين، والذين لم يعودوا يظهرون بشكل واضح الآن»، على العمل مع الحكومة.
وأضاف قائلاً إنه يتوجب على منظمات المجتمع المدني مثل المنظمات الإسلامية الشعبية من التيار الرئيس، كنهضة العلماء والمحمدية، أن تكون أكثر نشاطاً في مجابهة الايديولوجيات المتطرفة التي قد تنتشر في المجتمعات المحلية حيث تنشط هذه المنظمات.
ويقول حافظ عثمان، الزعيم التنفيذي لمنظمة نهضة العلماء إنه لا توجد في المنظمة فرقة خاصة مسئولة عن مخاطبة الإرهابيين السابقين، ولكنه عمل مع الحكومة في برنامجها لدعم نزع التطرف.
ويوافق نائب المتحدث باسم الشرطة الوطنية الجنرال سلستيو إسحاق مع نور هدى قائلاً أنه حتى يتسنى لبرنامج نزع التطرف أن يكون فاعلاً، يجب أن تنطوي العملية على الكثير من الأطراف ذات العلاقة، ولكن بشكل عام «فإن النقطة تكمن في طرح منظور جديد للمحكومين الإرهابيين وعائلاتهم».
العدد 2796 - الأحد 02 مايو 2010م الموافق 17 جمادى الأولى 1431هـ