طالعتنا الصحف المحلية بأخبار تناولت مسودة «قانون الجمعيات» المقدمة من مجلس الشورى، والذي أضيفت إليه مادة لم تكن موجودة في القانون الحالي وهي المادة التي تحدد السن القانونية للانتساب إلى الجمعيات وإشهارها، إذ حددت هذه المادة فيها السن المسموح للانتساب إلى الجمعيات وهي بالثامنة عشرة فأكثر، وهذا ما يتعارض مع كثير من المواثيق والقوانين الدولية والعربية والوطنية والتي تضمنت تأكيدات حق الطفل في المشاركة في الحياة الثقافية والاجتماعية.
انضمت حكومة البحرين إلى «اتفاق حقوق الطفل» في 13 فبراير/ شباط 1992م، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 14 مارس/ آذار 1992م، ويهدف اتفاق حقوق الطفل إلى وضع معايير للدفاع عن الأطفال ضد الإهمال والإساءة اللذين يواجهونهما بصورة يومية وبدرجات متباينة، في جميع البلدان. ويحرص الاتفاق على إفساح المجال للفروق الثقافية والسياسية وللاختلافات المادية بين الدول. أما أكثر الاعتبارات أهمية فهو مصلحة الطفل الفضلى، ويمكن تقسيم الحقوق التي نص عليها الاتفاق إلى ثلاث مجموعات رئيسية، هي: التمتع، الحماية، والمشاركة. ونص الاتفاق في المادة (12) على أن للطفل حق التعبير عن آرائه، وأن تولى آراؤه الاعتبار الواجب، كما كفلت المادة (13) حق الطفل في طلب مختلف أنواع المعلومات وتلقيها وإذاعتها بأشكال مختلفة، بما في ذلك الفن والطباعة والكتابة. أما المادة (14) من الاتفاق فأكدت حقوق وواجبات الوالدين في توجيه الطفل لممارسة حقه بطريقة تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة. فيما كفلت المادة الـ (15) حقوق الطفل في حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، وفي حرية الاجتماع السلمي. كما تضمن الاتفاق في المادتين (29) و(31) أهمية مشاركة الطفل في الحياة الثقافية والفنية وكفل له حرية ذلك. كما ألزمت الدول موقعة الاتفاق بضرورة تعزيز حق الطفل في المشاركة الكاملة في جميع الأنشطة الثقافية والفنية وتوفير فرص ملائمة ومتساوية لذلك.
و لم يكن اتفاق حقوق الطفل هو الوثيقة الوحيدة التي جاء فيها تأكيدات وجوب وأهمية مشاركة الطفل في الحياة الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى حقه في تكوين الجمعيات والتجمعات الخاصة به. فقد احتوى الباب السادس من مشروع «الدليل التشريعي النموذجي لحقوق الطفل العربي» أنه يجب على الدولة أن تكفل حق الطفل في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الأنشطة الاستجمامية فضلاً عن المشاركة في الحياة الثقافية والفنون، كما تكفل حق الطفل في التعبير عن آرائه. كما نصت وثيقة «الإطار العربي لحقوق الطفل» في مجال حقوق المشاركة للطفل على ضرورة تمكينه من تنمية قدراته والتعبير عن آرائه، وتضمنت «خطة العمل العربية للطفولة» للأعوام 2004 - 2015م مجموعة من المبادئ والبنود التي أكدت تشجيع اليافعين والشباب على المشاركة في الإجراءات والقرارات التي تؤثر على أوضاعهم وتمكينهم من التعبير عن آرائهم بحرية، وأكدت تعزيز حقوق اليافعين في المشاركة وإبداء الرأي وحرية التعبير عبر المؤسسات المختلفة كجمعيات الأطفال وغيرها. وجاء في «إعلان حقوق الطفل» أنه يجب «أن يتمتع الطفل بحماية وخصوصاً أن يمنح بالتشريع وغيره من الوسائل الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة، وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية». الميثاق العربي لحقوق الإنسان تضمن أيضاً في المادة (36) منه أن «لكل فرد حق المشاركة في الحياة الثقافية وحق التمتع بالأعمال الأدبية والفنية وتوفير الفرص له لتنمية ملكاته الفنية والفكرية والإبداعية». وأكد دستور مملكة البحرين في المادة (5) البند (أ) أن الدولة تعنى بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي.
وتبقى النداءات والأسئلة موجهة إلى الجهات المعنية، فكيف يشرع مجلس الشورى قانوناً يتعارض مع حق الطفل في المشاركة؟ وهل كان للجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى دور في ذلك؟ وهل أصبح من الممكن فصل حقوق الإنسان عن حقوق الطفل؟
العدد 764 - الجمعة 08 أكتوبر 2004م الموافق 23 شعبان 1425هـ