العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ

محمد أحمد ينتقد قانون «الصمت العام»

المنامة - زينب عبدالنبي، حسين خلف 

05 نوفمبر 2004

وصف المحامي محمد أحمد نصوص قانون «المسيرات والاجتماعات والتجمعات» الجديد، الذي قدمه مجلس الوزراء بصفة مستعجلة الى مجلس النواب، بـ «البوليسية»، مبينا انه يفترض «سوء النية» و«ان الناس ستتحايل على القانون»، وانه يحد من «حرية التعبير، وحق نشر الرأي، وحق تبادل المعلومات، وحق المعرفة».


«الوسط» تعرض رؤية نقدية في قانون التجمعات الجديد

محمد أحمد: إنه قانون «الصمت العام»... ونصوصه «بوليسية»!

المنامة - زينب عبدالنبي، حسين خلف

وصف المحامي محمد أحمد نصوص قانون «المسيرات والاجتماعات والتجمعات» الجديد، الذي قدمه مجلس الوزراء بصفة مستعجلة الى مجلس النواب، بـ «البوليسية»، مبينا انه يفترض «سوء النية» و«ان الناس ستتحايل على القانون»، وانه يحد من «حرية التعبير، وحق نشر الرأي، وحق تبادل المعلومات، وحق المعرفة».

كما نوه إلى انه من الخطأ مقارنة القانون الجديد بـ «القديم» الصادر في سبتمبر/ أيلول العام 1973، (أي قبل صدور دستور 1973 في ديسمبر/ كانون الأول)، إذ لابد أن يُقارن بالمستويات الدولية أو بالدستور، وحتى لو قارنا بين القديم والجديد فستكون النتيجة لصالح «القديم» الذي أساسا ليس محل قبول ويعارض المواثيق الدولية.

جاء ذلك في لقاء أجرته «الوسط»، مع أحمد، وقدم بدوره رؤية نقدية، ورأياً قانونياً حول غالبية المواد، وفيما يأتي نص بعض المواد والتعليق عليها، وتوضيح الخلل.

المادة (1)

«يعتبر اجتماعا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون كل اجتماع يعقد في مكان عام أو خاص، يحضره أو يستطيع حضوره أشخاص لم توجه إليهم دعوة شخصية، لمناقشة موضوع أو موضوعات عامة، أو أية أمور أو مطالبات تتعلق بفئات معينة».

ويعتبر الاجتماع عاما إذا رأى المحافظ المختص ان الاجتماع بسبب موضوعه أو عدد الدعوات الموجهة لحضوره، أو طريقة توزيعها، أو بسبب أي ظرف آخر ليس له الصفة الحقيقية الصحيحة لاجتماع خاص، وفي هذه الحال يجب على المحافظ إخطار الداعي إلى الاجتماع أو المنظم له بان يقوم بتنفيذ الواجبات التي يفرضها القانون.

أحمد: ليست هناك عقلية تقف وراء هذا النص إلا عقلية «ضابط مخابرات»، إذ يفترض أن الناس ستتحايل على القانون!

لدينا كاتبو نصوص قانونية تربت عقلياتهم على عقلية «النص البوليسي»، إذ إن النص البوليسي يفترض حالة أو يقرر حكم، ويفترض السيناريوهات المحتملة للالتفاف عليه، من قبل الناس للوصول لهذا الحق، ولأنه حق فان الناس تفكر بشكل منطقي بأنها تريد أن تتمسك به، أي بتوضيح أكثر هو نص يفترض سيناريو معين ليضع له الاحتياط.

مثلا، تحتاط هذه المادة لوسائل محاولة الالتفاف على هذا النص من خلال توجيه دعوات!، إذ قرر القانون بأن مرد تقدير الاجتماع (خاص أو عام) يعود إلى رأي المحافظ، فحتى «لو تمت الدعوة لاجتماع خاص ارتأى فيها المحافظ بأن طريقة الدعوة كالدعوة لاجتماع عام، تُطبق عليه أحكام الاجتماع العام، وضرورة اخذ ترخيص له... ذلك لأن المحافظ قدر بمطلق سلطته التقديرية المقررة في القانون بان طريقة الدعوى هي دعوى إلى اجتماع عام مُغلفة باجتماع خاص!

مادة (4)

لا يعتبر اجتماعا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون ما يأتي:

(أ) الاجتماعات الدينية المحضة التي تتم في دور العبادة.

(ب) الاجتماعات التي تنظمها أو تدعو إليها الجهات الحكومية المختصة.

(ج) الاجتماعات التي تعقدها لأعضائها، الهيئات الخاصة المعترف بها كالنقابات والجمعيات والأندية والهيئات الرياضية واتحادات هذه الهيئات الخاصة والشركات التجارية، وذلك كله بغرض مناقشة المسائل الداخلية في اختصاصاتها طبقا لأنظمتها الأساسية.

فإذا تطرقت هذه الاجتماعات إلى مناقشة موضوعات خارجة عن النطاق السابق اعتبرت اجتماعات عامة وسرت عليها أحكام هذا القانون.

أحمد: مثلا الملتقى الثقافي الذي تعمله جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أسبوعيا، لابد ان يحضره اعضاؤها فقط، وإذا حضر غير اعضائها تنتفي صفة الاجتماع الخاص، ولو أن أحدهم تحدث في موضوع لا يتلاءم مع النظام الاساسي للجمعية، فهنا يتحول الاجتماع من خاص الى عام لانه خرج عن النطاق المحدد له!

كما ان الفقرة (ج) تستعين في موضوع فرض القيود بالأنظمة الأساسية التي فُرضت على الجمعيات أيضا بحسب قانون الجمعيات، وذلك يعني ان حزمة من القوانين تتظافر لمجابهة الحقوق! وبالتالي يستطيع ان يرسل المحافظ قواته ويفض الاجتماع لانه من دون ترخيص.

القيد يلاحق أية جمعية، بان لا تجتمع الا في نطاق ما هو من اختصاصاتها في نظامها الأساسي، وهناك قيود في قانون الجمعيات لابد ان يُلتزم بها.

المادة (5)

لا يجوز تنظيم او عقد اجتماع عام الا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه وتحظر الدعوة الى أي اجتماع عام او الاعلان عنه أو نشر أو إذاعة أنباء بشأنه قبل الحصول على الترخيص. ولقوات الأمن العام منع أو فض أي اجتماع عام لم يرخص به.

أحمد: هناك سلطة مقررة لسلطات الأمن ان تفض الاجتماع وبالقوة، هذا القانون يقول ببساطة شديدة للناس ان ليس لكم الحق بان تجتمعوا أو تناقشوا ما مضى وما سيأتي من شأنكم، هذا أمر غير جائز لكم، يجب عليكم الصمت، لانه قانون الصمت العام.

وهذا معارض للمادة (28) من الدستور التي تنص على ان «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب»، أي ان القيدين الدستوريين الوحيدين على حرية الاجتماع يكمنان في أن يكون «الاجتماع سلميا» و «لا ينافي الآداب».

صحيح ان المادة، تُحيل إلى القانون تنظيم ممارسة هذا الحق، ولكن ثمة مسألة مستقرة في القانون الدستوري، وهي أن تفسير النص الدستوري عندما يحيل إلى القانون كأداة تشريعية أقل منزلة ومرتبة، فيجب ألا تُوضع قيودا تخالف جوهر الحق حسب المادة (31) إذ تنص على «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناء عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».

المادة (6)

(أ) يجب ان يراعى في طلب الترخيص بعقد اجتماع عام ما يأتي:

1- أن يكون موقعا من مواطنين لا يقل عددهم عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة، فإذا كان الاجتماع انتخابيا فيكفي أن يوقعه شخصان أحدهما المرشح أو وكيله.

2- ان يكون مبينا به اسم وصفة ومهنة ومحل إقامة كل من وقع عليه، ورقمه الشخصي.

3- أن يكون موضحا به موضوع الاجتماع او الغرض منه ومدته والزمان والمكان المحددين له.

4- ان يرفق به نسخة من المواد المطبوعة أو المسموعة، أو المرئية التي يراد توزيعها أو عرضها في الاجتماع.

(ب) يشترط في من يوقع على طلب الترخيص بعقد الاجتماع العام ما يأتي:

1- ان يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية كافة.

2- ان يكون من اهل المدينة او الجهة التي سوف يعقد فيها الاجتماع.

3- ان يكون محل اقامته في تلك المدينة أو الجهة وان يكون معروفا بين اهلها بحسن السمعة.

(ج) اذا لم يستوف طلب الترخيص البيانات والشروط المنصوص عليها في الفقرتين (أ) و(ب) السابقتين اعتبر كأن لم يكن معدوم الأثر.

أحمد: القانون يريد أن يقول: لا شأن لكم ان تقولوا أو تسمعوا او تروا امرا ما لم نوافق عليه مسبقا، لأن مآل تقديم نسخة من المواد المسموعة او المرئية هو ان يباشر المحافظ الرقابة المسبقة على ما سيقال، ويدخل هذا التقدير لدى ممارسته صلاحياته بمنح الترخيص أو منعه، وبالتالي يحدد ما يسمع الناس وما يرونه ويقرر ما يمكن قراءته ومالا يمكن قراءته وما يمكن سماعه و رؤيته وما لا يمكن سماعه ورؤيته.

وهذا ينال من حق التعبير عن الرأي وحق تبادل المعلومات وحق المعرفة ، وحق نشر الرأي أيضا، و تداول المعلومات لها عدة أشكال منها «الانترنت ، كل وسائل الاتصال كالاجتماعات العامة»، كما ان الاجتماعات العامة في كل المجتمعات كانت هي المحرك الأساسي لأي مجتمع.

فإن كنت مواطن بحرينياً وعاملاً فمن حقي مناقشة وضعي، ولكن يبدو أن القانون يمنع الاقتراب الطبيعي بين الناس، ومناقشة امورهم اذ يجب أخذ ترخيص، وفضلا عن انه يمنعك من حقك الطبيعي/ضد الفكرة الانسانية، فانه يضع قيوداً ويحدد ما سيقال ومالا يجب أن يقال.

المادة (8)

يقدم طلب الترخيص بعقد الاجتماع العام الى المحافظ المختص قبل الموعد المحدد لعقد الاجتماع بخمسة أيام على الأقل، وتنقص هذه المدة الى يومين اذا كان الاجتماع انتخابيا.

وبين المحافظ في هذا الطلب، وذلك قبل الموعد المحدد لعقد الاجتماع بيومين على الأقل، وتنقص هذه المدة إلى أربع وعشرين ساعة اذا كان الاجتماع انتخابيا.

ويعتبر فوات المدة المحددة في الفقرة السابقة دون ابلاغ ترخيصا بعقد الاجتماع.

أحمد: التعليق على هذه المادة يصدق على التعليق على كل القانون، أي من يريد للقانون ان ينفذ كأنما يريد أن يكون الحاكم الأوحد، أي هو الذي يُحدد وهو الذي يُوافق أو لا يوافق، ويسمح أو لا يسمح.

المادة (9)

للمحافظ المختص رفض طلب الترخيص بعقد أي اجتماع عام اذا كان من شأنه الإخلال بالأمن او النظام العام او حسن الاداب.

ويبلغ المحافظ قرار الرفض الى منظمي الاجتماع أو احدهم بالكيفية المنصوص عليها في المادة (8) من هذا القانون.

ويخطر المحافظ ادارة امن المنطقة المختصة بصورة من قرار الرفض، لتتولى إعلانه في مكان ظاهر بها قبل الموعد المحدد لعقد الاجتماع بست ساعات على الأقل.

أحمد: وضعت هذه المادة ليُحدد استعداد جهات الأمن لتقتحم مكان الاجتماع وتفضه بالقوة الجبرية.

توجد «قاعدة ذهبية» في القانون، وهي عدم افتراض سوء النية، و إن «الأصل هو المباح، والمنع هو الاستثناء» أي حسن النية دائما هو المفترض، ثم كيف يمكن أن يقرر المحافظ بأن هذا الاجتماع سيكون من شأنه الإخلال بالأمن او النظام العام، لن يعرف ذلك إلا إذا كُشف عنه الحجاب!

لا يجوز لأية سلطة عامة أن تعطي لنفسها الحق بان تفترض بأن أي تصرف يدخل في اطار القانون، من شأنه ان يؤدي إلى الإخلال بالأمن العام أو تضع افتراضات واحتمالات معينة، ثم ما هو معنى «الأمن العام»؟ المعنى فضفاض جدا، ويعطي من له سلطة الترخيص الحق بأن يدخل تحت هذا النص ما يشاء من العبارات والتعريفات والأوضاع والحالات.

كما يعد استخدام كلمتي «الأمن العام» ضماناً بألا تُرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، وعندما نتحدث عن قانون العقوبات فلابد ان نتحدث عن قانون عاقل، ولن اقول قانوناً «عادل» لأن العدل مسألة نسبية، ويُلاحظ أن العقل غائب في قانون العقوبات، ومن يقرأه لا يملك إلا أن يضع يده فوق رأسه، إذ تنص المادة (174 )على «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تجاوز 200 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو اللصق أو العرض صورا من شأنها الإساءة إلى سمعة البلاد، سواء كان ذلك بمخالفة الحقيقة، أو بإعطاء وصف غير صحيح ، أو بإبراز مظاهر غير لائقة أو بأي طريقة أخرى»، وهذه المادة مثلا تنطبق على الفيلم الذي عُرض في ندوة الفقر الاخيرة، ومن الممكن محاسبة القائمين عليها، وتعتبر جنحة ايضا

العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً